ليس من السهل أن يقبل الناس بأي عابر في سماء الشعر ما لم يكن ذلك العبور مبرراً بالجمال أو بعضا منه، وملامح الشعر الجيد كافية أن تجعل المتلقّي يسمح لموهوب جديد أكثر من فرصة، فالحكم السريع على الشعر سلباً أو إيجاباً ليس من طبع متلقّي الشعر الواعي، وقد يمر أن يكتب أحد الهواة ما يوحي بأنّ لديه طرحاً مختلفاً تثبت التجارب اللاحقة أو تنفي أصالة أو رداءة ذلك الاختلاف.
والمشكلة حين يتلقّف ذلك الهاوي مشرف جاهل أو عابث لا يُقدّر الدور الذي يمكن أن يلعبه في توجيه ذوق عشاق الشعر، حين يكرسه ويكرر ظهوره حتى يظن الجمهور غير الدقيق الذي يُحسن الظن بمشرفي منابر الشعر، أنّ هذا هو الشعر، وتتناقل ذاكرة أجهزة بعضهم ورسائلهم نتاجاً أقل ما يمكن أن يغذّى به الفكر والوجدان.
والجاهل حقاً من يصدق نفسه قبل جمهوره، أنّ لديه ما يستحق المتابعة، أو أن يظن بأنّ الجمهور إذا أحبّ شاعراً أعطاه الضوء الأخضر بأن يقول كل ما يخطر على باله، وإن كان سيئاً، والنماذج للأسف ليست قليلة، والمشكلة أنّ بعضهم يردِّد في بعض الأمسيات ما لا يرقى أن يقال عنه مجرّد (كلام فاضي لواحد فاضي).
وقفة للإمام الشافعي:
أَمَا تَرَى الْبَحْرَ تَعْلُو فَوْقَهُ جِيَفٌ
وَتَسْتَقِرُّ بأقْصى قَاعِهِ الدُّرَرُ
وَفِي السَّماءِ نُجُومٌ لا عِدَادَ لَهَا
وَلَيْسَ يُكْسَفُ إلاَّ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
fm3456@hotmail.comتويتر alimufadhi