الصبر من أبرز الأخلاق الحميدة التي اهتم بها القرآن في السور المكية والمدنية، وقد ورد الصبر في القرآن الكريم في نيف وتسعين موضعا، والصبر ينقسم إلى ثلاثة مجالات:
1 - الصبر على طاعة الله.
2 - الصبر عن محارم الله.
3 - في ابتلاء المرء في ماله ونفسه ومحبيه.
إن التاريخ خير شاهد على أن الأمم والأفراد الذين تسلحوا في دعوتهم، أو رسالتهم أو مقاومتهم لم يستطع خصومهم النيل منهم أو قهرهم.
لا شك أن خصلة الصبر من الخصال الحميدة فقال تعالى: {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
إن تاريخ الرسل صلوات الله وسلامه عليهم حافل بالصبر، فهذا نوح عليه السلام لبث في قومه يدعوهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما لا يصده عن دعوته لهم ما لاقاه من الأذى والتعنت والإعراض والتكذيب، ولم يدع دعوته لهم إلا بعد أن أوحى له الله أنه لا يؤمن من قومه إلا من قد آمن، وهذا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاثة عشر عاما يدعو قومه إلى الله ولم يقعده ما لاقاه من أذى وتكذيب، فكان يعرض نفسه على القبائل وخلفه عمه أبو لهب يقذفه بالحجارة ويكذبه.
وقد روي عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون. رواه البخاري، بهذا الأساس القوي من الصبر والإيمان شيد صرح الإسلام وغلب على أعدائه، {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.
إن الصبر كان شيمة الأنبياء والصالحين، وسرد القرآن قصصا للأنبياء الصابرين مثل سيدنا أيوب ويعقوب ومن الصالحين مثل أصحاب الكهف، ومن النساء سمية الشهيدة الأولى في الإسلام التي أبت الارتداد عن دينها متحملة شتى صنوف العذاب.
وحسب الصبر فضلا أن كل حسنة تجزى بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصبر فجزاؤه بغير حساب قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا» رواه أحمد.
الرياض