تحركت المشاعر الجياشة للانتقاد بمُجرَّد سماع حادثة التكدس الذي حدث عند قطار المشاعر بيوم عرفة التي أدَّت لإصابة ستة وثلاثين حاجًا واعتبرت أغلب الانتقادات أن الحادثة تأتي لسوء عمل القطار أو نوعيته والكثير من الترجيحات التي تنصب غالبيتها باتجاه انتقاد الجهة التي تشرف على القطار وتكاليفه وتنفيذه.
واتضح من البيان الرسمي أن السبب يعود لإصرار حجاج غير نظاميين وبإعداد كبيرة ولا تملك تذاكر لاستخدامه لركوب القطار والانتفاع به على حساب الحجاج النظاميين الذين يحملون تذاكر دفعوا قيمتها لحملاتهم.
وهنا لا بُدَّ من النَّظر بموضوعية لماحدث فخدمة ملايين الحجيج ليست بالأمر البسيط وبالرغم من سلاسة ما نراه بالحجِّ كل عام إلا أن وراء هذا العمل الجبار جهودًا كبيرةً جدًا لا تتوَّقف طيلة العام ومن كافة أجهزة الدَّوْلة وبالتالي فإنَّ كل تطوير جديد بخدمة الحجاج يأتي نتيجة لرصد كل الإشكاليات التي تواجه الحجيج أو الأجهزة الحكوميَّة في كلِّ عام أي أن الكمال المنشود لخدمة ضيوف الرحمن مسألة لا تتوَّقف ولا يمكن أمام ازدياد أعداد الحجاج سنويًّا أن تصل لمرحلة الكمال بل يمكن القول: إن الجهود المبذولة تقترب من حدود قصوى لراحة الحجيج، فقطار المشاعر وهو الخدمة الجديدة بالحجِّ أسهم بنقل 24 بالمئة من الحجاج هذا العام وهو أكمل عامه الثاني في الخدمة ويُعدُّ ذلك نجاحًا كبيرًا لخدمات النقل بالحجِّ ضمن منطقة تكتظ بالملايين وبحجم مساحة صغير نسبيًّا قياسًا بعدد من يسكنها في زمان ومكان محدود
كما أن استمرار دخول الحجاج غير النظاميين لا بُدَّ وأن ينعكس سلبًا على كافة الخدمات دون استثناء مما يعني أن الجهود المنتظرة بالأعوام القادمة يجب أن تتركز على إلغاء هذه الظَّاهِرَة بأفكار مختلفة عما هو قائم حاليًّا من خلال وضع حلول أكثر عمقًا للأسباب التي تجعل من هذه الظَّاهِرَة متكرِّرة سنويًّا أيًا كان عددهم.
كما أن استخدام التقنيَّة كالبطاقات الذكية للانتفاع ببعض الخدمات كالقطار سيسهم بمنع استخدامه إلا من دفع ثمنًا لهذه الخدمة وذلك عبر بوابات لا تفتح إلا لِمَنْ يحمل هذه البطاقة الممغنطة مع إيضاح ذلك بلوحات قبل مسافات جيِّدة من تلك البوابات سيسهم بمنع تكرار أي تكدس محتمل أو فهم خاطئ لطبيعة هذه الخدمة مع ضرورة وأهميَّة زيادة الطاقة الاستيعابية للقطار بالأعوام القادمة.
إن انتقاد قصور حدث بإحدى الخدمات بالحجِّ والتركيز عليه والنَّظر لِكُلِّ ما يقدم بالحجِّ من زواية الحدث يجب أن ينظر له من كافة الزوايا والأسباب فالأجهزة الحكوميَّة تتعامل مع حجاج يأتون من كافة بقاع الأرض ويحملون مفاهيم وثقافات مُتعدِّدة ويشكِّل ذلك أصعب وأدقّ تحدِّيات التنظيم كما أن الخدمات المقدمة هي سلسلة كاملة لا تتوَّقف عند مرحلة أو خدمة واحدة ولذلك فإنَّ تراكم الخبرة التي تمتلكها أجهزة الدَّوْلة بخدمة الحجاج تُعدُّ كبيرة جدًا وأدَّت لأن يكون موسم الحجِّ على مصاعبه الكبيرة ميسرًا وسهلاً بقدر كبير جدًا والقياسات والمقارنات السنوية ومنذ عقود خير برهان
فالشكر لحكومتنا الرشيدة ولكل فرد ساهم ويسهم بخدمة ضيوف الرحمن ليقدم كل ما يملك من جهد وفكر وطاقة لخدمتهم وكل عام وأنتم بخير.