هذا العام بدا قطار المشاعر عمله في كامل طاقته لنقل (500) ألف حاج، لينضم إلى منشآت الجمرات التي تستوعب (500) ألف حاج في الساعة الواحدة وغيرها من مشاريع المشاعر ومكة المكرمة وجدة التي أنشأت بغرض الحج, وتكاد بعض الخدمات تغلق بعد موسم الحج بأيام قليلة في مشعر منى وعرفات ومزدلفة, وهذه المشاريع كلفت الدولة المليارات, لماذا لا يتم استثمارها عبر الرحلات والزيارات السياحية والأغراض العلمية والدراسية والهندسية والمعمارية مثل المشاريع العملاقة التي نفذت في دول العام وأصبحت مواقع للزيارات الرسمية والسياحية. لماذا لا تنظّم هذه الأعمال مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وتتحوّل أموالها لقطاع تطوير مكة المكرمة, وصيانة لمشاريع المشاعر, وتدعم هذه المشاريع بالفنادق وبيوت الإيواء والشقق المفروشة والأسواق والمواصلات، إضافة إلى قطار المشاعر.
لا بد من التفكير من الآن في استثمار بعض من أماكن المشاعر المرتبطة مباشرة بأيام الحج من أجل تحويل عائدها للصرف على المشاعر, وتخفيف الضغط على مكة المكرمة من إقامة الحجاج والمعتمرين والزوار داخلها.
لدينا أكثر من جهة معنية في هذا الجانب: وزارة الحج، ووزارة الشؤون الإسلامية, وهيئة السياحة وهي تدور حول محور أماكن العبادة، ومعالم تاريخية مرتبطة بالسيرة النبوية والصحابة والتاريخ الإسلامي العريق.
العالم بدأ يتشكل ثقافياً وعقائدياً وأصبحت وسائل التقنية الحديثة واقعاً فرض ثقافته على هذا الجيل الذي ترسخت لديه ثقافة المشاهدة والسماع وتراجعت ثقافة القراءة، لذا لا بد من منهجية جديدة تعرف الناس, المسلمين وغيرهم بالمشاعر المقدسة وهي متعددة وليست هي فقط الكعبة المشرفة، والمسجد الحرام، وأيضاً تصحيح المفاهيم الخاطئة, ونشر التعاليم الصحيحة، وقطع الطريق أمام المتاجرين بالفتاوى عبر وسائل الإعلام...
التفكير العميق من الآن يساعدنا على تجنب مشكلات كبيرة ستواجهنا مستقبلاً مثل نقص الأموال والتدخلات الدولية التي تطالب بزيارات لمعظم المشاعر المقدسة في غير أيام الحج, والفائدة العلمية المغيبة حالياً لدى العديد من الشباب ممن يجهلون جبل عرفات ومزدلفة ومنى...
نحن نفوّت على أنفسنا فرصة كبيرة بعدم الإعلان عن مشاريعنا ونوجّه خطابنا للداخل ولأنفسنا ولا نسمع العالم الإسلام صوتنا ومشاريعنا مما يعتقد أن ما تنفذه الدولة هو من عائدات الحج, وهذا مخالف للواقع الفعلي فالصرف الذي أنفقته الدولة على مشروعات الحرمين في العشر السنوات الأخيرة فقط يفوق ما أنفق عليهما طوال التاريخ الإسلامي، وهذا يتطلب منا إبراز هذا الجانب واطلاع العالم على ما يحظى به الحرمان الشريفان من رعاية واهتمام.