كنت أبحث في مكتبتي التي غصّت رفوفها بغير ترتيب وتنسيق منظم يسهل المراجعة والحصول على الكتاب المطلوب عند الحاجة. وأثناء البحث وبالمصادفة عثرت بين بدائع الكتب على كتيّب صغير الحجم خفيف الظل بعنوان (الصحافة السعودية) صادر عام 1383هـ من إعداد وزارة الإعلام. والموضوع من اهتماماتي بشؤون الصحافة في عهد ما يُسمى (صحافة الأفراد) ثم عهد صحافة المؤسسات وما يجدّ فيه، والكتيّب المشار إليه يتضمن في صفحاته الأولى رسالة ملكية سامية وجهها الملك العبقري الحكيم فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله- إلى مجلة (الجزيرة) مكتوبة بخط اليد الجميل، ونصها: (بمناسبة صدور هذا العدد الخاص من مجلة الجزيرة أود أن أشيد بما أحرزته الصحافة السعودية من تقدّم وما حققته من إنجاز، وما خطته من خطوات مباركة، أرجو وأعتقد أنها لن تتوقف، بل سوف تتلاحق وتتسع وتمضي قدماً، في خدمة الوطن العزيز، والله ولي التوفيق.
فيصل
5-7-1383هـ.).
انتهى نص الرسالة الملكية التي تعبّر عن اهتمام الفيصل - رحمه الله- بواقع الصحافة ودعمه وتشجيعه لتطورها.
وللملك فيصل مواقف تؤكّد مدى تقديره لدور ورسالة الصحافة في بناء وتطوير الفرد والمجتمع. ومن تلك المواقف حسب ما رواه الأستاذ عبد الله بن إدريس ضمن رثاء الشيخ حمد الجاسر أنه حين صدر قرار تحويل الصحف إلى مؤسسات كان وزير الإعلام معالي الأستاذ جميل الحجيلان يعرض قوائم المرشحين لعضوية المؤسسات الصحفية وحين عرض قائمة تشكيل مؤسسة اليمامة الصحفية كان الشيخ حمد الجاسر مؤسس صحيفة (اليمامة) يقيم في بيروت بعد أن سُحب منه امتياز (اليمامة) بسبب عنوان خبر أسيء فهم معناه ومقصده ولم يكن الملك فيصل يؤيِّد ما اتخذ من إجراء لا مبرر له بحق الشيخ حمد الجاسر، وأمر وزير الإعلام بترتيب عودة الشيخ حمد الجاسر وإشرافه على تشكيل مؤسسة اليمامة. وعاد الشيخ حمد الجاسر احتراماً وإجلالاً لقرار نصير الصحافة الملك فيصل - رحمه الله-، وبعد أن تكامل تشكيل وتنظيم مؤسسة اليمامة الصحفية قدم الشيخ حمد الجاسر إلى الملك فيصل طلب إعفائه من إدارة مؤسسة اليمامة وطلب منحه إصدار مجلة خاصة، وصدرت موافقة الملك فيصل بإعفائه من إدارة مؤسسة اليمامة الصحفية ومنحه امتياز مجلة شهرية باسم (العرب) ما زالت تصدر حتى الآن بنفس الشكل والمضمون الذي رسمه لها مؤسسها الشيخ حمد الجاسر رحمه الله.
ويطيب لي أن نستعيد ذكرى إشادة الملك فيصل - رحمه الله- بالصحافة وما حققته من تقدّم وإنجاز، وقد توفر للصحافة في عهدها الحاضر من الوسائل والإمكانات ما لم يكن متاحاً لها في الماضي، ومن ذلك وسائل النقل الجوي بواسطة الخطوط الجوية السعودية. وأنا كمثال سعيد وفخور وأنا أقيم في مدينة جدة وأتصفح جريدة (الجزيرة) صباح يوم صدورها في مدينة الرياض، وهذا دليل على مدى تطور مستوى الخدمات، وسرعة ودقة الأداء والإنجاز في هذا العهد الزاهر. أدام الله على بلادنا العز والأمن والاستقرار.