أُقرّ وأعترف بأني بتّْ عالةًّ على القرّاء الأعزاء (غير الزلفاوية) بطبيعة الحال - هكذا أظنّ - وذلك عندما أكثر الكتابة عن مسقط رأسي (الزلفي) أو أحشرها في مقالاتي بطريقة أو بأخرى هنا وهناك، ولعلّهم معذورون، لكن حسبي بما قال أبو تمام:
نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبداً لأول منزل
أتذكر مقولة نقلت لي عن الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله-، باتت راسخة في ذهني، يقول فيها (اللّي ما فيه خير لديرته ما فيه خير لوطنه) آخر ما كتبت، مطالبتي بإنشاء (جامعة للزلفي)، وقبلها طالبت بضرورة إنشاء محطة توقف (للقطار) بالزلفي، وحسب المعلومات المتوفرة لديّ أن الأمور تبشّر بخير، ما علينا، في الزلفي شارع رئيس ومشهور يطلق عليه شارع (المطار) إي والله يا جماعة الخير ما غيره، من يصدق، من يسمع بهذا الاسم من غير (الزلافية) يظن للوهلة الأولى أن هذه المدينة (الزلفي) تحتضن مطاراً، وإلا ما هو السبب في إطلاق هذا الاسم على هذا الشارع، والحالة تلك متكررة في الدوادمي - على ما أظن، ما دعاني لكتابة هذا المقال هو سخرية زميل لي - سامحه الله- قدم للزلفي في مهمة عمل، وصادف أن شاهد لوحة مكتوب عليها (شارع المطار) فطار عقله فرحاً، يريد أن يعود من حيث أتى جواً عبر مطار الزلفي، فسأل أحد المارة، فقابله بقهقهات أعقبها بقوله، لا تصدق خذ وخل، قطعت على الرجل حديثه، قلت له، لا لا، بل ثمّة مطار حقيقي لكنه (ربع لفة) كان موجوداً قبل أربعة عقود تقريباً، حيث كنت شاهداً على ذلك، لمّا كنت في المرحلة المتوسطة وفي (متوسطة الزلفي) في ذلك الحين هطلت أمطار غزيرة على الزلفي هُدّمت فيها المنازل وشُرّد الأهالي إلى الهضاب والنوازي الذهبية، واستغاث الأهالي بالحكومة، فأرسلت للزلفي عبر طائرة شحن كبيرة، لأول مرة نشاهدها، خيام وُزعت على الأهالي، خرجنا نحن طلاب متوسطة الزلفي (القرويين) لنشاهد الحدث الكبير في ديرتنا، فوجدنا الطائرة جاثمة في المكان المخصص لهبوطها، وقد حالت طبيعة الأرض من إقلاعها، يعني بالعامية (غرّزت) بعدها ومع مرور الوقت، اكتسب هذا المكان صفة المطار، وخطّطته البلدية ووزّعته على المواطنين باسم (مخطط المطار) الذي عُرف فيما بعد بحي المطار، وكان الشارع الرئيس الذي يخترقه، قد فاز بهذا الاسم، إضافة إلى تموينات ومغاسل وورش ومحطات بنزين وأخرى، قد تسمت بهذا المطار المزعوم! تُقابل الشخص (الزلفاوي) وتسأله من أين أتيت؟ يقول لك من حي المطار، تقول لآخر، أين أنت ذاهب، يقول لك إلى حي المطار، أظن أن الأهالي والمسئولين في البلدية كانوا أكثر تفاؤلاً بوجود مطار فعلي بمدينتهم مع قادم الأيام، لكن فيما يبدو أن هذه الأماني، ذهبت مع (أم عمرو) كثيراً ما تستقبل محافظة الزلفي طائرات هيلوكبتر إغاثية، لنقل الحالات الطارئة للراض، تهبط بجوار مستشفى الزلفي، تثير الأتربة وتزعج المواطنين، قلت في نفسي والحالة تلك، لماذا لا ينشأ مطاراً فعلياً في حي المطار يكون - على الأقل- لهذه الطائرات الإغاثية؟ حتى يوافق (شنٌّ طبقه) تضطلع به هيئة الهلال الأحمر السعودي، تحت إشراف هيئة الطيران المدني أو تُنشئه الأخيرة، لا أرى ضيراً في ذلك ونحن ولله الحمد والشكر في زمن (المليارات) وفي عهد قيادة رشيدة تسعى لكل خير وتدعو له، لم تبخل على الوطن، هي فرصة، والفرص لا تتكرر، فيا ترى من يعلق الجرس؟ وحتى أحتفظ بحقي، فهذا المطلب ليس مقصوراً على الزلفي وحدها، بل أرى المحافظات المماثلة في مملكتنا الحبيبة بحاجة له، لا سيما البعيدة عن مواقع المطارات الرئيسة، مطارات صغيرة الحجم في جميع محافظات المملكة لحالات الطوارئ على الأقل، أرى أنها ضرورة ملحة تقتضيها ضرورات العصر وظروفه، لتتواكب مع هذه النهضة الخرافية التي تعيشها بلادنا من أقصاها إلى أقصاها، في ظل ما ننعم به من أمن وارف ورغد عيش ولله الحمد...ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail.com