|
رحلة تنقلات الحجاج عبر التاريخ كان يواجهها كثير من المتاعب والصعوبات وكانت عملية نقل الحجاج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة تتم بواسطة الجمال وكان للجمالة هيئة يطلق عليها (هيئة المخرجين) تتولى مسؤولية إحضار الجمال والجمالة، وتتبعهم جماعة أخرى تعرف (المقومين) يقدروا حمولة الجمل.
هذا وقد سلك الطرق البرية (الجمال والحمير والبغال) وكانت تسمى الطرق التي يسلكها الحجاج للوصول إلى مكة المكرمة:-
1- درب السيدة زبيدة (طريق الحيرة، مكة المكرمة).
2- درب الحاج المصري.
3- درب الحاج الشامي (دمشق، المدينة المنورة).
أولاً: درب السيدة زبيدة (طريق الحيرة، مكة المكرمة)
عرف هذا الدرب قبل الإسلام وكان يستخدم لأغراض التجارة وبعد إنشاء مدينة الكروم واتخاذها بدل الحيرة زادت أهمية دروب الحاج العراقي أما ازدهارها فقد ارتبط بظهور الدولة العباسية وانتقال الحكم إلى بغداد فقد نظم العباسيون مواكب تخرج من بغداد برئاستهم أحياناً وقد قدر طول درب الحاج العراقي بحوالي (1266كم) وكانت تستخدم فيها الجمال.
ثانياً: درب الحاج المصري..
بعد فتح مصر واعتناق الغالبية العظمى لسكانها الإسلام فكان من الطبيعي أن يؤدي المسلمون فيها فريضة الحج، كانت تمر مسيرة الحاج المصري بشبه جزيرة سناء إلى (أيله) ثم تسير حتى تصل إلى ينبع ومنها إلى المدينة المنورة ثم إلى مكة المكرمة - وبلغ طول هذا الدرب حوالي (1540كم).
ثالثاً: درب الحاج الشامي (دمشق، المدينة المنورة).
كان لدرب الحاج الشامي رافدان:
1- داخلي يمر من دمشق إلى معان وتبوك والمدينة المنورة.
2- هامشي يبدأ من جنوب سيناء إلى العقبة ويلتحم بدرب الحاج المصري ثم ساحل البحر الأحمر إلى ينبع فالمدينة المنورة ومكة المكرمة بلغ هذا الدرب حوالي (1302كم).
وابتداء لمسيرة الحجاج وبعد وصولهم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج يستخدم الحجاج لتنقلاتهم وسيلتين هما:
أ- السير على الأقدام من مكة المكرمة للمشاعر المقدسة.
ب- استخدام الجمال.
أجور النقل
وقد حددت أجور النقل من جدة، مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بخطاب سعادة وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني الموجه لسعادة رئيس المطوفين رقم [3752] في 19-11-1352هـ كما هو موضح بجدول (1):
ثم في عام 1366هـ وعام 1367هـ أصبحت أجور الركاب كما هو موضح بالجدول (2):
جدول (3)
كما تضمن التعليمات بعدم نقل الأمتعة في السيارة إلا الضرورية أما غير الضرورية فتنقل على الجمال وفق التسعيرة كما هو في جدول (4).
تعرفة الحج
وفي عام 1377هـ أصدرت وزارة المالية والاقتصاد الوطني تعرفة الحج وقد تضمنت أجور النقل كما هو موضح بجدول (5):
أما بالنسبة للعفش فقد حددت أجور نقلها لما يزيد عن ثلاثين كيلو المسموح بنقلها مع الحاج كما هو موضح بجدول (6):
في عام 1392 هـ صدر قرار مجلس الوزراء رقم (958) بتشكيل الهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج وبموجبه أصدرت الهيئة بعض القرارات بتصنيف أجور السيارات وزيادة بعض الأمور بما يتناسب مع الوضع السائد آنذاك إذ صدر قرار الهيئة رقم (54) وتاريخ 28-5-1397هـ بتوزيع الأجور وذلك في ضوء صدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (139) وتاريخ 28-8-1396هـ القاضي بزيادة الأجور 100% حيث أصبحت الأجور كما هو موضح بجدول (7):
قرارات أخرى
تلا ذلك صدور بعض القرارات من الهيئة بتصنيف الأجور (مكيف / عادي) أو «جمس» كما تضمن قرار الهيئة رقم (85) في 26-7-1405هـ بزيادة أجور المشاعر المقدسة وبالعكس حيث أصبح أجرة الراكب في السيارات العادية (ريالاً 150) وفي السيارات المجهزة (180ريالاً).
ونظراً لاختيار الحجاج الإيرانيين ومن في حكمهم لنوع معين من الحافلات المكشوفة وذهابهم إلى ميقات الجحفة للإحرام، فقد حددت أجور الحجاج الإيرانيين سوءا من جدة إلى الجحفة أو بالعكس ومكة المكرمة للمشاعر المقدسة بما يتناسب مع رغباتهم، ورغبة في تنظيم نقل الحجاج بشكل أفضل فقد صدر الأمر السامي الكريم رقم (11501) وتاريخ 3-7-1372هـ باعتماد نظام النقابة العامة للسيارات في عهد المغفور له بإذن الله تعالى المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
وهنا نترجم هذه الفترة التاريخية في الأسطر التالية:
وقد عرفت السيارة كوسيلة نقل تستخدم في نقل الحجاج بين جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة في مطلع العهد السعودي.. في النصف الأول من الأربعينات من القرن الماضي.. ولعل ذلك تحديداً بين عام 1343-1345هـ.
فقد كانت السيارات لا تستخدم في العهد الهاشمي.. وكانت سياسية الملك الشريف الحسين بن علي هي الاعتماد على الجمل كوسيلة لنقل الحجاج والبضائع والأفراد.
ولكن الملك عبدالعزيز رحمه الله أخذ بمبدأ التطور.. فسمح بدخول السيارات واستعمالها.. واندفع الناس في شراء السيارات وتأجيرها للحجاج بواسطة المطوفين ووكلائهم، كما كلفت لذلك شركة أهلية ترعاها الدولة.. ثم قامت الدولة نفسها بتأسيس عدة شركات للمساهمة في هذا الميدان الجديد.
كان استعمال السيارات في نقل الحجاج بين جدة ومكة والمدينة معرضا لمصاعب عديدة
أهمها.. افتقاد الجهاز الفني الذي يدير هذا العمل فلم يكن في البلاد سائقون ولا
ميكانيكيون.
ولهذا فقد جرى استقدام السائقين والميكانيكيين من البلاد الإسلامية التي تتوفر فيها العمالة المدربة..وتم استقدام السائقين والميكانيكيين من السودان ومن عدن ومن الهند وكانت الأجور التي تدفع للسائقين والميكانيكيين مرتفعة بحيث أغرت الكثير من هذه الفئات للقدوم إلى الحجاز والعمل في هذا المجال وبالإضافة إلى ذلك كانت الطرق غير مهيأة لسير السيارات عليها.. فلم يكن هنالك طرق معبده أو مسفلته وكانت السيارات تغرز في الرمال في منطقة الحديبية التي تسمى في الوقت الحاضر «حدا « ويقوم الركاب بدفعها لإخراجها من الرمال فكانت الرحلة من جدة إلى مكة بالسيارة الصغير الجيدة تستغرق ساعتين إن لم تزد على ذلك.
أما طريق المدينة ا لمنورة فكانت هناك الأرض السبخة في رابغ والتي كانت تغوص فيها
السيارات وخاصة في زمن الشتاء أو مواسم الأمطار وكانت السيارات التي تغادر مكة إلى
جدة أو المدينة المنورة تصل إليها بعد يومين إن لم تكن أكثر.
ولكن الأجور المقررة لنقل الحجاج من جده إلى مكة إلى المدينة المنورة والعودة منها كانت كبيرة ومغرية وكذلك الأجور ما بين جدة ومكة وأدى هذا كله إلى اندفاع الناس إلى الدخول في هذا المجال من العمل وإفراز التنافس الشديد بين أصحاب السيارات إلى خفض الأجور للحصول على الحجاج.
كما أدى هذا التنافس إلى استغلال من بعض القائمين على شؤون الحجاج بتأجيل دفع الأجور أو المماطلة في دفعها ومن جهة أخرى تعرض الحجاج لمتاعب كثيرة أهمها.. تعرض السيارات للعطل في الطريق وخاصة بين جدة والمدينة وعدم توفر الإسعافات اللازمة في حالات العطل مما أدى إلى قيام الدولة بتأسيس النقابة العامة الأولى للسيارات.
وكان الغرض من تأسيسها هو حماية الحجاج من التعرض للمخاطر والمصاعب في الطريق وحماية أصحاب السيارات من منافسة بعضهم البعض.
فقد كانت أجور السيارات تدفع للنقابة التي تقوم بإحالتهم على الشركات ويتم توزيعهم بمقدار ما تملكه كل شركة من السيارات.
ووضعت النقابة شروطاً للشركات المسجلة بها وجعلت النصاب الأدنى لهذه الشركات لا يقل عن عشرين سيارة كما عينت النقابة هيئة هندسية للكشف على السيارات قبل ترحيلها من الناحية الهندسية وأمرت بتزويد قوافل السيارات بسيارات للإسعاف وقطع الغيار.
فوفرت للحجاج أسباب السلامة كما وفرت لأصحاب السيارات وشركاتها البعد عن المنافسة التي كانت تعرضهم للمتاعب والخسران.
ثم رأت الدولة بعد ذلك أن من المصلحة توحيد الشركات جميعها في مؤسسة واحدة ينضم إليها أصحاب السيارات وشركاتها فتم توحيدها في المؤسسة التي أطلق عليها الشركة العربية للسيارات.
ومرت سنوات لم تستطع فيها هذه الشركة مسايرة العصر فعجزت عن أداء مهمتها وكان نقل الحجاج إلى عرفات مشكلة المشاكل وأصبح من المعتاد أن تساهم الدولة بسيارتها لإنقاذ الحج وخاصة حينما يتكدس الحجاج في عرفات ومزدلفة ومنى.
وفي عام 1372هـ سمحت الدولة للسعوديين شركات وأفراد بالمساهمة في نقل الحجاج وتألفت النقابة العامة للسيارات للمرة الثانية لتقوم بنفس المهمات التي قامت بها النقابة الأولى في الأربعينات من القرن الماضي.
وبدأ انخراط الشركات في عضويتها بدءاً بشركة خميس نصار وباخشب باشا والعربية والمغربي والتوفيق والكعكي والداخلي ولخروج بعض هذه الشركات ودمج بعضها أصبح عدد الشركات خمس شركات آنذاك وفي عام 1393هـ وعندما تبين لحكومة خادم الحرمين الشريفين أن موجود الشركات الناقلة للحجاج آنذاك عدد حافلاتها (1353) ألف وثلاثمائة وثلاثة وخمسون حافلة لا يغطي حاجة النقل فقد آمنتها الدولة ما بين عام (95-98 ألفان حافلة) بلغت قيمتها (380.486.082.00 مليون ريال) وزعت على أربعة شركات واستحصلت الشركات بأقساط على خمس عشرة سنة حسمت من إيراداتهم لحساب وزارة المالية والاقتصاد الوطني وانطلاقا من مساندة حكومة خادم الحرمين الشريفين للشركات الناقلة للحجاج فقد بلغت الشركات المنخرطة في عضوية النقابة (11) إحدى عشرة شركة بلغ إجمالي أسطولها (10811) تم اعتمادها خلال موسم حج 1421هـ إضافة إلى ما عززت به الشركات أسطولها بالاستئجار لعدد (1855حافلة).
وعلينا الآن أن نرى كيف تطورت النقابة والشركات المسجلة بها خلال الواحد وستون عاماً التي مضت منذ تأسيسها إلى الوقت الذي نكتب فيه هذه السطور.
بدأت النقابة عملها في عام 1372هـ بخمس شركات نقل حافلاتها عن الألف والسيارات الصغيرة والبوكسات نحوا من مائة وستين سيارة.
وتبلغ الحافلات التي تملكها شركات السيارات المسجلة في النقابة في هذا العام 1412هـ قرابة (9.000) تسعة الألف حافلة تبلغ مقاعدها (600000) مقعداً وهذا من ناحية تعداد الحافلات والمقاعد.
أما من ناحية مواصفات السيارات فقد بدأت النقابة تصنف الحافلات ذات صناديق ومقاعد خشبية والنصف الأخر حافلات مدرسية ضيقة المقاعد.
وحافلات الشركات في الوقت الحاضر لموسم حج 1433هـ تضم الألوف من الحافلات السياحية مكيفة الهواء وثيرة المقاعد مجهزة بالماء البارد وبالأماكن الفسيحة لأمتعة الحجاج ويصل عدد الحافلات إلى (20.000) عشرون ألف حافلة عدد مقاعدها (956000) مقعد بنظام (الرد والردين) تنقل ما يقارب (1800000) مليون وثمانمائة ألف حاج.
هذا بالإضافة إلى تطبيق أسلوب النقل الترددي على [4] مؤسسات وسيتم تطبيقه على بقية المؤسستين جنوب آسيا والدول العربية خلال السنتان القادمة وهو من ا لأساليب الممتازة حيث من مزاياه تخفيض عدد الحافلات العاملة في نقل الحجاج بنسبة 35% وخفض أزمنة الحجاج من الانتقال من مشعر عرفات إلى مزدلفة من (6) ساعات إلى (20) دقيقة فقط ، مع تخصيص طرق مغلقة لكل فئة من الحجاج بها كافة الخدمات وتقليل نسبة التلوث البيئي (60%) من خلال اعتماد مكائن للحافلات (يودوا 3).
بخلاف تغطية أعمال النقابة العامة للسيارات وشركات نقل الحجاج والبالغ عددها (18) شركة بشبكة حاسب آلي وتعامل الكتروني مع جميع شركات نقل الحجاج ومؤسسات الطوافة والجهات الخدمية الأخرى.
وتنتشر حافلات الإسعاف على طول الطريق بين مكة والمدينة وجدة كما تتوفر الورش المتنقلة لإسعاف الحافلات التي تتعرض للعطل في الطريق وشبكة لا سلكية تغطي هذه الطرق السريعة والمشاعر المقدسة.
نستطيع أن نقول أن وجود النقابة العامة للسيارات أمر حيوي وضروري لأنها تقوم بعمل هام يتصل بخدمة نقل الحجاج ورعايتهم وتنظيم نقلهم إلى الأماكن المقدسة والمشاعر كما نستطيع أن نقول إنها تطورت مع الزمن إلى الأفضل.
وإذا ما استمرت في تطورها بما يتلاءم مع المستجدات فإن ذلك دليل آخر على أهميتها للحجاج ولشركات النقل على السواء.
مروان بن رشاد زبيدي / أمين عام هيئة النقابة، المتحدث الإعلامي الرسمي