تشهد المملكة العربية السعودية هذه الأيام استعدادات كبيرة لموسم الحج لهذا العام على كافة الأصعدة، الحكومية منها أو التجارية، أو حتى على مستوى الأفراد، وما أنا بصدد الحديث عنه هو الجزء التجاري من هذه المنظومة وتحديداً حملات الحج والعمرة، وقبل أن أبدأ بالحديث عن هذه الحملات، أودّ تذكير القارئ بأنه إلى قبل بضع سنوات كان يستطيع كل شخص يريد أن يحج سواءً مواطناً أو مقيماً، كل ما عليه أن يقود سيارته إلى الميقات ويشتري إحراماً ثم يحج بدون أي تصريح أو أي حمله، إلاّ أنّ الوضع لم يعد كما كان، فتم تنظيم الحج بفرض الحصول على تصريح لكل حاج وهذا أمر في نظري فيه الكثير من العقلانية والتنظيم، ولكن ما يلفت انتباه كل ذي بصيرة، أعداد حملات الحج التي انتشرت في الآونة الأخيرة انتشاراً غريباً في كافة مناطق المملكة الكبيرة منها والصغيرة، بل وحتى تجد هذه الحملات بالقرى والهجر حتى يخيل للمرء بأنها أصبحت أكثر من عدد البقالات والمطاعم، ليس هذا فحسب، بل أنها برغم كثرتها كان من المتوقع والمأمول أن تكون هذه الحملات أكثر تنافسيه في أسعارها وخدماتها، فلا هي توصّلت إلى عنب الشام ولا بلح اليمن، بمعنى أنها لم تصل لمستوى خدمات ممتازة إلاّ ما ندر وأسعارها تتضاعف سنة بعد أخرى بشكل عكسي، فبعض الحملات وصل سعر الشخص الواحد إلى خمسة وعشرين ألف ريال فهل يعقل هذا يا ساده يا كرام فلو افترضنا مثلا أنّ أحد الأشخاص أراد أن يحج هو وثلاثة من أبنائه فقط، فإنه حتماً سيدفع ما قيمته مائة ألف ريال فهل يستطيع كل أحد أن يدفع مثل هذا المبلغ؟.
ثم إني أتساءل من سمح لأصحاب هذه الحملات برفع أسعارهم أضعافاً مضاعفه فمن ثلاثة آلاف ريال قبل عدة سنوات إلى خمسة وعشرين ألفاً.
ثم إني أستغرب أشد الاستغراب من الإخوة أصحاب الحملات وأعرف الكثير منهم وهم أهل صلاح وتقى، كيف يسمحون لأنفسهم برفع أسعار حملات الحج بشكل مبالغ فيه وهم يعرفون لما للحج من أهمية بالغه لدى المسلمين، كيف لا وهو الركن الخامس من أركان الإسلام فهلا احتسبوا تخفيض أسعار حملاتهم لدى رزاق السموات والأرض، وأذكرهم بقول المصطفى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم: يسِّروا ولا تعسِّروا.
وأخيراً أناشد في هذا المقال معالي وزير الحج ومعالي وزير الشؤون الإسلامية ومعالي وزير التجارة، بإعطاء هذا الموضوع الكثير من الاهتمام والمتابعة حتى لا يكون الحج للأثرياء فقط.