|
كتب - مدير التحرير:
أصغى العالم الإسلامي في اليوم الرابع من ذي الحجة إلى رؤية وفكر خادم الحرمين الشريفين وحلمه التاريخي بعالم خال من النزاعات وعالم إسلامي مملوء بالخير والوفرة واستكمال إبداع حضارته التي لاحت بشائرها عندما استوت الرسالة ساطعة في يقين نبي الله محمد وانتابته حماها.. ليصرخ (دثروني، زملوني) ماضياً بعدها في طريق زرع بالشوك تارة وأخرى بعداوة الأقربين، لم يثنه شيء فكان رسول الله وخاتم المرسلين.
اليوم وبعد أكثر من 14 قرناً يسخر الله كل الإمكانات لهذا البلد الأمين ليكون سبباً في راحة ويسر أكثر من مليار و300 مليون مسلم يتجهون بحلمهم إلى أداء فريضة الحج وركن إسلامهم الخامس.
يقول خادم الحرمين الشريفين (إن حماية الأمة المسلمة رهن بما تحرزه من أسباب القوة ودحض دعاوى فريق الانسحاب من العصر وفريق الانسلاخ عن ثوابتنا).
يصف هنا الملك عبدالله للعالم الإسلامي مفهوم الوسطية والدخول بكامل ثقة في روح العصر الذي أطلق شرارة ضوء المعرفة والعلم محفزاً -حفظه الله- المسلمين على التوازن في دخول غمار العصر دون خوف أو انسلاخ أو جحود للثابت من ثقافتنا الإسلامية؛ محذرا في الوقت نفسه من الفرقة والتشرذم، والمذهبية والحزبية التي تفتت أوصال الأمة وتشتت جهودها، داعياً علماء الأمة الإسلامية للتصدي لهذا الصراع.
وكان عبدالله بن عبدالعزيز يضع الإنسان في جهات الكون أمام مرآة الواقع.. وبصدق القائد المدرك المستشرف نتائج الفرقة وعذابات المشهد في عالمنا الإسلامي.. بدق جرس الإنذار لما آلت إليه الأمور، وصفها - حفظه الله - بالمأساوية كشفت بكل أسف عن ضعف الأمة.
وأن لا نجاة من هذا الابتلاء والنزاع وإراقة الدماء إلا بالتعاون بين أبناء الأمة الواحدة ذات بعدها الحضاري، وتواصل مكوناتها لتكون متضامنة وتنتهج من دينها مبادئ الحوار للتقريب بين ما يبعدنا عن بعض، وتمنح الشعوب قدرة الاتصال والتراحم والتعاطف.
واستذكر (خادم الحرمين) دور المملكة في ردم هوة التباعد وبذل كل جهد لعالم إسلامي خال من الصراع قائلاً: (لقد تعاملت المملكة العربية السعودية مع هذه الأحداث والمتغيرات طبقاً لمبادئها الثابتة في سياساتها تجاه العالمين العربي والإسلامي التي تستند إلى مقاصد الشرع الحنيف واعتبار المجتمع المسلم كياناً واحداً تجمعه وحدة الانتماء الديني والحضاري {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (92) سورة الأنبياء.
ومن ثم فإن إخماد أي نزاع ينشب بين أبنائه فرض على كل الأمة لتحصين وحدتها وحقن دماء أبنائها.
وبهذه الرسالة يأذن خادم الحرمين لأخيه الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية، بالبدء بتفقد جاهزية القطاعات لخدمة ضيوف الرحمن.
حيث بدأ في الساعة الثالثة عصر الرابع من ذي الحجة بالاطمئنان على كل جهد أنجزه الإنسان السعودي ليكتمل عقد الجاهزية العالية تحت شعار (الحج عبادة وسلوك حضاري).
وفي مؤتمر صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية، جاءت إضاءاته الإنسان الذي أشار إلى إنسانية الإسلام ومحبته ويسره.
مقدماً -حفظه الله- حسن الظن في حجاج بيت الله بأنهم مسلمون؛ والمسلم يقدم للعبادة وأداء ركنه الخامس.. يقول وزير الداخلية (لا أتوقع من أي مسلم إيذاء الآخرين في هذه الشعيرة الجليلة).
ومن حسن الظن إلى الدخول في عدالة المحبة وعدالة الشعيرة المقدسة، يقول الأمير أحمد: «فهمت من البعض أن بعض الحملات تعطي مميزات مثل ما يقال خمس نجوم في الفنادق أو ما شابه ذلك، ونحن عند أداء فريضة الحج نلبس لباساً واحداً وفي صعيد واحد، وفي عبادات مشتركة وهذا عبرة للناس أن الله خلقهم متساوين في كل الحقوق والواجبات ومن أراد خيراً فالباب مفتوح ومن أراد شراً فالله حسبه، وعلى الجهات المعنية أن تحد من المبالغة وتضع الترتيبات اللازمة للحجيج».
وبكل ما يحمله إنسان هذا البلد من شرف خدمة الحجيج أهاب سموه بالوزارات والجهات المعنية أن تقوم بما هو مطلوب منها كل على حسب مسؤوليته ومن ذلك إعداد الخطط والدراسات وتلافي الأخطاء التي قد تحدث، مذكراً بقوله: «واجب المملكة خدمة الحجاج والمعتمرين ونحمد الله على ذلك ونعتز ونفتخر بذلك».
واليوم وعلى بعد يومين من الوقوف على صعيد عرفة الطاهر يرفع مليار و300 مليون مسلم أعينهم للسماء تلبية وابتهالا ورجاءً بأن ينجيهم الله من ثالوث الألم من مرض وفقر وجهل، وأن يمنح أعينهم ضوء العيد زاهياً لتسطع في يقينهم مفاهيم حضارة الإنسان ليعود المسلم كميسورة الرزق من الطير، وينمو طفل ويقرأ ويتهجى محبة الأوطان.