مع الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا والأجهزة المتنقلة بطرق مبتكرة في دعم الممارسات الطبية ومبادئ الصحة العامة، ظهرت تسمية جديدة فضفاضة هي الصحة المتنقلة، والتي من شأنها أن تقدم حلولاً مبتكرة لمتابعة حالة المرضى الصحية عن بعد بطريقة آمنة وأكثر فعالية بهدف تحسين أداء الخدمات الصحية في العالم.

وعلى الرغم من تفرع مجال الصحة المتنقلة وتبويباته المتعددة، إلا أنه يرمي في نهاية المطاف إلى تحقيق نظام متكامل مبني على دمج التكنولوجيا المتنقلة مع القطاع الصحّي، شريطة تكاتف الجهود وتداخلها لتجمع طرفي المعادلة والمتمثلة بالحكومات والجهات الخاصّة، وهو ما يحصل الآن في الدول الأوروبية على سبيل المثال، أمّا على المستوى العالمي ما زال هذا المجال الواعد بالفرص والإمكانيات في أوائل مراحله.

وهذه الفرضية وإن كانت أقرب إلى الواقعية أثبتتها دراسة حديثة أجرتها مؤسسة جونيبر للدراسات، حيث توقعت الدراسة أن تصل عائدات الرعاية الصحّية المتنقلة إلى ما يقارب 1.9 مليار دولار عالمياً في عام 2014، أما بالنسبة للدول النامية فإن هذا المجال لا يزال في طور التكوين مع أن هناك العديد من المؤسسات المختلفة في بلدان الخليج مثل المملكة العربية السعودية قطر والإمارات قد بدأت بالإلتفات نحو ذلك الاتجاه في محاولة لتبني خدمات الصحّة الإلكترونية.

ففي المملكة العربية السعودية -على سبيل المثال -بدأت بعض الجهات المعنية بتطبيق خدمة الرعاية الصحية المتنقلة عن بعد، لتمكن المريض وذويه من الإطلاع على التقارير الصحية كافة أولاً بأول على مدار اليوم، مع الاحتفاظ بالنتائج ومتابعتها من خلال الهاتف النقال، كما أتاحت الخدمة للأطباء فرصة الاطلاع على هذه التقارير الخاصة ومشاركتها مع غيرهم من الأطباء ذوي الاختصاص إذا لزم الأمر. ولإثراء الخدمة وجعلها أكثر قدرة وفاعلية على تلبية مختلف توقعات واحتياجات المستخدمين، تضمن التطبيق خدمة قياس ضغط المريض وفحص نسبة السكّر في الدم وذلك عبر أجهزة الاستشعار المتصلة بشبكة الإنترنت.

إن التناقض الحاصل في معظم الدول العربية بين الفقر الشديد الذي يؤدي إلى صعوبة الحصول على الرعاية والخدمات الصحية من جهة، والنسب العالية لاستخدام الهواتف الذكية من جهة أخرى، يشكل عاملاً قوياً يدعم التوقعات بنجاح هذه الخدمات في الأسواق والبلدان العربية التي تشهد أيضاً نموّاً واضحاً في مجالات التكنولوجيا ولا سيما في مجال التكنولوجيا المتنقلة.

تعتمد البيئة المثالية لتطبيق خدمات الرعاية الصحية المتنقلة إلى حدّ كبير على وجود نظم وشبكات متطورة في المستشفيات والمراكز الصحية مكرّسة لتخزين سجلات المرضى إلكترونياً بشكل منتظم، ويفترض وجود بنية تحتية متينة ومنظّمة لدعم التطبيق وتحقيق نجاحه، وعلى الرغم من أن وجود مثل تلك البنية يعد نادراً في معظم الدول العربية، إلا أنه من الممكن تفعيل خدمات الرعاية الصحية المتنقلة من خلال تطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ودعونا لا ننسى أن الحكومات في الوطن العربي ونخص بالذكر وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية تعمل جاهدةً على تطوير نظمها المعلوماتية لمواكبة العصر الرقمي وهو ما سينعكس بالإيجاب على قطاع الصحّة وبالتالي على الرعاية الصحية المتنقلة. إن فوائد التطبيقات المتنقلة المختصة بالرعاية الصحية عن بعد كثيرة، ولعل من أهمّها تعزيز التواصل ما بين الأطباء والمرضى بحيث تمكن المختصين من الارتقاء بمستوى الجودة و الأطباء من الاطلاع على نتائج فحوصات المريض عن بعد فور إجرائها، وتتيح الفرصة للمريض بمراقبة ومتابعة حالته الصحية ومعرفة سجله المرضي دون التقيد بمكان أو زمان، هذه السمات وغيرها تجعل من عملية تهجين القطاع الصحي المتنقل ضرورة أساسية وحاجة ملحة للارتقاء بالأساليب الطبية المعاصرة في متابعة الحالات المرضية وعلاجها.

- مدير عام شركة القنوات المتنقلة