«من الصعب عليّ كمواطن تلح عليّ وطنيتي, بأن أبتعد عن هموم, ومعاناة أهل تربتي», هكذا كان يحدثني دائما. فهمّ الوطن, والمواطن في ذاكرته, مرسوم على جبينه, معلق بين حنايا ضلوعه. يحمل معه آماله, وآلامه, فانتماؤه, وإخلاصه لوطنه, جزء من إيمانه, وهما من أسمى أشكال المواطنة الشريفة.
الإخلاص, والتواضع, سمة من سماته الحياتية, التي جعلت منه اسما بارزا في مراتب الدولة, ومواقفه ثابتة, تنبئك عن قناعاته الذاتية من خلال اتصافه بمبادئ, تحدد منهجه في تعامله, باعتبار أن الوطن, ومصالحه العليا, تظل هي القاسم المشترك بين أبناء الشعب الواحد.
ولأنه جاري منذ ثلاث وعشرين سنة, أعلم أن حبه لعمله ينطلق من إخلاصه, وقيمه, وأخلاقه, وسلوكه, وعمله. إذ لا شيء أكبر, ولا أغلى, ولا أجمل منه, وهذا ما لمسته منه واقعا. فالإخلاص للوطن, لا يقتصر على شعوره العاطفي فحسب, بل إن تمام مفهومه أن يترجمه إلى عمل مخلص في الاتجاه الإيجابي, وهو ما يتطلب تجسيدا عمليا على أرض الواقع, من أي موقع من مواقع المسؤولية.
في إطار هذه المنظومة الوطنية, التي تشكلها صورة الحق الواجب, يصبح الوطن أكبر حاضنة تاريخية؛ لتأصيل هذه الحقوق, والواجبات. فمن نال ثقة ولي الأمر, هو من اتسم بالمسؤولية, وتقيد بمعايير الذوق السليم المتعارف عليه؛ ليعمل على تحقيق المصلحة العامة, كونه قيما على ثقة الجمهور, خاصة فيما يتعلق بالشأن العام, ومستقبل الوطن.
هنيئا أخي أسامة بن عبد العزيز الربيعة, ثقة خادم الحرمين الشريفي الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعينك نائبا لرئيس هيئة مكافحة الفساد؛ لمكافحة الفساد. فالفساد الإداري معضلة في تطور المجتمعات والدول, فبسببه تهدر الأموال, والثروات, والطاقات, والأوقات, وتعرقل إدارة المسؤوليات, وإنجاز الوظائف, والخدمات. إضافة إلى فساد الذمم, والضمائر, وانهيار أخلاقيات, وقيم العمل. وهي ظاهرة عالمية شديدة الانتشار, ذات جذور عميقة, وتأخذ أبعادا واسعة, ليست مرتبطة بزمان, أو مكان؛ مما جعل الكثير من الباحثين, يؤكدون على ضرورة وضع إطار عمل مؤسسي؛ لعلاج المشكلة, ومحاصرة الفساد بكل صوره , وأشكاله. لاسيما وأن الفساد الإداري, هو في المحصلة النهائية انتهاك للمعايير الرسمية, وخروج على المصلحة العامة, إذ إنه يعكس خللا في القيم, وانحرافا في الاتجاهات بطريقة غير موضوعية, وهذا بدوره كفيل بإيقاف عجلة التنمية, وتنفيذ خططها.
- مدير مدرسة عمرو بن معد يكرب الابتدائية