جل من قال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
هكذا كنت وكما صدقتَ صدقك الله، جل في علاه، فأحب لقاءك في أيام أحبّها وعظمها، فقدِمت إليه وأنت تهمّ بأحب الأعمال إليه وفي أفضل وقت اختاره، تهمّ بالصلاة في فجر يوم الاثنين.. يومٌ أحبه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.
لم تكن فرداً واحدا بل كنت جمعا حاشدا تتزاحم فيك وبين جنباتك مسارات النبل والمروءات، ويزهر في محياك جميل البشر والبسمات، أبا عبد العزيز، تتجلى صفات خُلقك التي خلقها المبدع سبحانه في ذاتك فهي شمائل من نور أضاءت سبل الخير ودروب حياتك فكانت نبراسا لمن لجأ ببابك.
كُنتَ عظيما وستبقى في قلوبنا كذلك تزداد، والعظيمُ من الخُلق يا حسّان من ملك قلوب محبيه صدقا وارتضاءً لا تكلفاً واصطناعاً وهكذا كنت، ولم يكن ذلك بجزيل نوال مكتسب أو موهوب ولا بفضل سلطان مرغوب، ولكن كان هِبة من الحبيب الواهب المعبود، رحلتَ عنا وهَمُّ أمتك كان همّك، وعِز دينها كان أملك وقصدك، وها هو الحال في فقدك يردد قول شاعرنا وسيدنا العم أبي هشام أحمد بن راشد -رحمه الله-:
ما ضرّ دهرك والأرزاءُ مُطبقةً
لو دُمتَ نجترّ بلوانا ونقتسمُ
فيجيب:
لكنه قدر يحمّ مقدّرٌ
عقل اللبيب يحيله معقولا
آل المبارك والخطوب إلى مدى
فابقوا على عنت الخطوب فحولا
وامضوا على حر المصاب عزائما
كالسيف ترمقه العيون صقيلا
لقد جاورت الرحمن الرحيم لا ينقطع جوده وكرمه ممتداً على مدى خلقه، ولا سعدٌ إلا بقربه، ولا حياً باقياً إلا وهو في كنفه حتى بلوغ أمره، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء ولا رادّ لأمره.
* * *
- الفقيد العميد حسان بن عبدالرحمن المبارك المتوفى بالخبر الاثنين 22-11-1433هـ