عندما تفكر في القيام بزيارة للمكسيك فاحرص على زيارة أحد أهم التماثيل الرائعة هناك والذي يطلق عليه in spite of وعندما تترجم هذه الجملة إلى اللغة العربية تعني “على الرغم من” وخلف هذه التسمية قصة تحوي أعظم معاني القوة والإرادة والتحمل حيث تعرض النحات الذي قام ببناء هذا التمثال إلى حادث والذي دعا الأطباء إلى اتخاذ قرار ببتر يده اليمنى

حيث كان قد بدأ بالفعل في نحت هذا التمثال العظيم ولم ينتهي إلا من جزء يسير منه. وبعد خروجه من المستشفى لم يتردد أو يفكر بالتراجع أو التوقف عن إكمال هذا التمثال وإنما أصر وعقد العزم على المواصلة ومضت الشهور وهو يتدرب على كيفية استخدام أداة النحت بيده اليسرى إلى أن استطاع أن يكمل بناء هذا التمثال وهنا يتجلى لنا سبب التسمية. وعلى الرغم من بتر يده اليمنى إلا أنه أكمل نحت هذا التمثال وعلى الرغم من حزنه لفقد يده إلا أنه أكمل هذا التمثال ليبقى لنا الآن محطة هامة ومميزة يقف أمامها السياح ويلتقطون الصور عندها.

وقبل أيام قام المغامر النمساوي وخبير القفز فيليكس بوغمارتنر ومقدما لنا أملا جديدا وملوحا بلافتة كتب عليها بأنه “لا شيء مستحيل” وأن الأحلام تتحقق وحتى الأحلام المستحيلة قد تكون في وقت ما صعبة التحقق وفي وقت لاحق ستتحقق بإذن الله فيليكس بقفزته الجنونية أزاح غبار العقبات والصعوبات عن أحلامنا التي رسمناها والتي نحن بصدد رسمها. فيليكس البالغ من العمر 43 عاما والذي تمكن من كسر حاجز الصوت وقبلها كسر حاجز الخوف بعدما تحلى بالشجاعة والإصرار والعزيمة وبعد أن مكث خمس سنوات في التدرب على هذه القفزة،

وعلى الرغم من تأجيل هذه القفزة ثلاث مرات بسبب الأحوال الجوية إلا أنه لم يتراجع أو يهاب ذلك الارتفاع الشاهق الذي سيقفز منه، البعض حتى وأن تدرب بشكل جيد وحتى وإن كان هناك فريق متكامل لدعمه ومتابعته وحتى مع وجود خبير سابق في القفز يتواصل معه لحظة بلحظة إلا أنه قد يتراجع وربما سيتوقف ولن يرغب ويطمح في أن يسجل رقما أعلى وسيكتفي بالرقمين القياسيين الذين حققهما من قبل. والبعض منا عندما يرغب في إصلاح إحدى إضاءات المنزل المتعطلة في السقف سيحتاج إلى شخص أو شخصين لمسك السلم الذي سيصعد عليه وربما سيتأكد من مسكهم له من حين لآخر خوفا من السقوط إلى أن ينتهي. أما فيليكس كانت قفزته على ارتفاع قياسي يتجاوز 39 ألف متر فوق ولاية نيو مكسيكو في قفزة مهولة تابعها الملايين خلف الشاشات وتحدث عنها الملايين في مواقع التواصل الاجتماعي. هذا ويأمل فريق رد بول ستراتوس ميشن المنظم للقفزة والمكون من 100 شخص أن تساهم هذه القفزة في الأبحاث الطبية في مجال الطيران وأن يستفيد منها رواد الفضاء وأيضا كل من لديه الرغبة في السياحة في الفضاء مستقبلا.

اليوم نضيف مقولات فيليكس إلى مقولات المشاهير من العظماء والذين حفرت أسماؤهم في ذاكرة التاريخ أمثال أينشتاين وأفلاطون وأرسطو وبيل غيتس وغيرهم الكثير, ونذكر منها “عندما نقف هناك عند قمة العالم نشعر بتواضع كبير وكل ما نتمناه هو العودة أحياء وأيضا أعرف أن الجميع يشاهد وأرغب في أن تروا ما أراه أحيانا علينا الصعود عاليا جدا لندرك كم أننا صغار”.