من الأمور المثيرة للاهتمام هذه الأيام، أن أكثر من يبحثون عن الأسعار الرخيصة للأضاحي هم المقتدرون مالياً، بعكس أصحاب الدخول المحدودة أو (مستوري الحال) الذين يؤمنون بقضاء الله وقدره وحكم (شاوية الأغنام) وبورصتهم التي لا سقف لها مع التهاب الأسعار!
المدهش أن بعض من نعتقد بأنهم (كرماء) وقد أنعم الله عليهم (بسائقين أو ثلاثة) واعتادوا على دعوة أصدقائهم (لوليمة مفاطيح) تتجاوز كلفتها (الثلاثة الآلاف ريال) بشكل شبه أسبوعي، فاجؤونا بأنهم يتفاخرون يتتبعون أسعار (الأضاحي) في إفريقيا أو بعض الدول الفقيرة والتي لا تتجاوز الـ(350 ريالاً) للرأس الواحد، وتوصية بعض السائقين والخدم لديهم للتفاهم مع أهليهم هناك للإشراف على ذبح الأضحية وتوزيعها (للهروب من الأسعار) ؟!
أظنها معادلة غير متوافقة مع تعظيم (شعيرة الأضحية) التي اختار لها الأنبياء والصالحون أطيب ما يملكون وأثمنه، حتى لو كانت الفلسفة هي (كبح جماح) المستغلين للموسم والمتاجرين به، فذات الشخص الذي أوصى (سائقه) بشراء (3 أضاحٍ) لا يتجاوز سعرها مجتمعة الـ (1200) تزكية عن نفسه وأولاده، هو من سيقدّم (مفطحاً) بالسعر المحلي لثلاثة من أصدقائه (المصابين بالكلسترول) على صحن مليء بالرز ليكتفوا برؤيته (بأعينهم) بينما يتسابقون على (السلطة) وخبز البر!
أنا هنا لا أعترض على الفعل بقدر ما أتعجب من خلل (المعادلة) بين الموقفين!
لا شك أن أسعار (الأضاحي) مشتعلة وباتت (معضلة جديدة) بالنسبة للشريحة الأكبر من الناس، ومن حق كل إنسان في نهاية المطاف أن يبحث عن الحلول المناسبة لظروفه، فقد بدأنا نسمع عن (شراكة الأضحية) والتي كنا ندرسها سابقاً ولم نشاهدها تطبيقاً إلا في بعض المجتمعات الإسلامية!
أضف إلى ذلك تراجع إصرار البعض على أن تكون (الأضحية) من نوع محدد من الأغنام البلدية مرتفعة السعر, هذه الصورة بدأت تتلاشى وتختفي وتتحوّل لصالح القبول بخيارات واسعة وأنواع كنا نرى سابقاً أن من المعيب (ذبحها) أو سلخها أو أكلها أو حتى ذكر اسمها في مجلس (الرجاجيل)!
قاتل الله الأسعار وطمع التجار؟!
فقد جعلتنا نكتشف صوراً جديدة (مخبأة) بداخلنا؟! تتعلّق (بالتذاكي) والتحايل على أنفسنا تحت بند (الذهانة)!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com