الناظر بعين الإنصاف والعدل يتضح له بِكلِّ جلاءٍ أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لا تألو جهدًا في توفير كل ما يلزم لتيسير أداء ضيوف الرحمن لمناسك الحج، ولم تبخل عليهم بِكلِّ ما من شأنه تطوير المرافق والخدمات بالمشاعر المقدسة، لاستيعاب ملايين المسلمين القادمين من جميع أنحاء العالم لأداء هذه الفريضة الغاليَّة.
وما أعمال التوسعات العظيمة للحرمين الشريفين، وجسر الجمرات، والمسعى إلا دليل على هذه الجهود المستمرة، التي يشيد بها العالم كلُّّه، ويشهد بضخامتها، ويقدِّر عظيم أثرها لأمن ضيوف الرحمن وسلامتهم.
وحتى تؤتي هذه الجهود ثمارها، ويتضاعف خيرها، لا بُدَّ أن يعي كل منَّا -وبخاصة الحجاج أنفسهم- أننا جميعًا مسؤولون أمام الله تعالى على إنجاح موسم الحجِّ من خلال الالتزام بالأنظمة والقواعد، التي وضعت لأمن الجميع وسلامتهم، وتيسير أدائهم لمناسكهم، فالمرافق والإنشاءات والخدمات التي كلفت مليارات الريالات، لا تكفي وحدها ليخرج هذا الاجتماع الإيماني العظيم في أطهر بقاع الأرض بالصورة التي نطمح إليها، ما لم يرافقها حرص كل حاج على سلامة إخوانه المسلمين وراحتهم، في جوٍّ من الإخوة الإيمانيَّة التي تذيب كل الفوارق والاختلافات الخاصَّة بالجنسيات والأعراق والألوان واللغات، فوحدة مظهر المسلمين في ملابس الإحرام هي مظهرٌ لوحدة أعمّ وأشمل أرادها الخالق -سبحانه وتعالى- عندما جعل الحجَّ أحد أركان الإسلام.. وهي وحدة تتنافى مع بعض السلوكيات التي نراها في الحجِّ من تزاحم وتدافع أو خروج عن التَّعليمات التنظيميَّة، أو إساءة استخدام المرافق، وغيرها من السلوكيات الأخرى.
ومن هنا تتضح مسؤوليتنا جميعًا في التناصح والتعاون من خلال أداء الفريضة العزيزة، وأن يساعد كل حاج أخاه، ويأخذ بيده أن احتاج لذلك، بِكلِّ حبٍ وبشاشةٍ، فهذه هي أخلاق المسلم في كلِّ وقت.. وهكذا يجب أن تكون في الحجِّ، وأن نبتعد جميعًا عن كل ما يمكن أن يُعكِّر صفو هذا العرس الإيماني العظيم، الذي يحسدنا عليه كل أبناء الديانات الأخرى.
alomari1420@yahoo.com