|
الجزيرة - د. حسن الشقطي:
كثيرون لا يدركون أن سوق الأضاحي والذي يتزامن مع شعيرة الحج يختلف كثيراً عن سوق الأغنام والماعز الطبيعي خلال باقي أيام السنة.. فرغم أن السوق السعودي يستهلك حوالي 5.9 مليون رأس من الأغنام ونحو 4.5 مليون رأس من الماعز سنوياً، بما يتوقع أن تصل معه قيمة سوق الأغنام الحية لوحدها إلى ملياري ريال.. إلا أنه جدير بالملاحظة أن هذه الأعداد ليست طبيعية، وترتبط في جزء كبير منها بفترة الحج.. حيث يشير الجدول (2) إلى أن متوسط عدد الأفراد لكل رأس غنم يصل كمتوسط عالمي إلى 6.5 فرد للرأس، في حين يصل في مصر إلى 14.7 فرد للرأس، في حين أنه يصل في الاتحاد الأوربي إلى 5.0 فرد للرأس، ويُعتبر الأفضل في المملكة حيث يصل إلى 4.5 فرد لكل رأس.
حجم الطلب على الأضاحي بالمملكة
تشير إحصائيات مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي إلى أن إنتاجية المشروع لموسم حج 1432هـ من الأغنام وحدها بلغت أكثر من مليون رأس، وبلغت إنتاجية الإبل والبقـر حوالي 3000 رأس.. وهذه الأرقام تمثل إنتاجية سندات الأضاحي داخل هذا المشروع فقط.. فما بالنا بأعداد الأغنام والماعز المشتراة أو المطلوبة من قِبل الأسر المقيمة بالمملكة سواء من السعوديين أو غير السعوديين التي تشتري وتذبح بطريقتها بدون اللجوء للسندات.. في المعتقد أن هناك نسبة أخرى تصل إلى 40% على الأقل تطلب الأغنام والماعز للأضاحي خارج نطاق هذا المشروع، وبالتالي فإن حجم سوق الأضاحي قد يصل إلى حوالي 1.4 مليون رأس سنوياً.
اختلال آلية العرض والطلب على الرؤوس الحية
خلال فترة الحج من المتوقع أن حالة من الخلل تصيب آلية عمل قوى العرض والطلب في السوق، سواء على الرؤوس الحية أو على اللحوم الحمراء.. حيث إن الطلب يرتفع على الرؤوس الحية بدافع الأضحية خلال الفترة من أول يوم العيد إلى اليوم الرابع، وهو طلب غير مرن بوجه عام، وغير مرتبط بالسعر كثيراً، فرغم أن المضحين يسعون وراء الأسعار المناسبة أو الأقل، إلا أنه يحكمهم دافع ديني لا يمكن أن يتنازلوا عنه إذا ارتفع السعر مثلاً، ولمعرفة المنتجين والعارضين بهذا الدافع وبعدم مرونته، فإنهم غالباً ما يسعون إلى رفع متعمَّد للسعر لتحقيق أعلى ربح ممكن، معتمدين على عدم مرونة الطلب لدى المضحين.
وبالطبع لأن عرض الرؤوس الحية من الأغنام والماعز محدود بعدد معين، بل إن هذا العدد مقيد بحجم استيراد محدد (الاستيراد يلعب دوراً إلى جانب المعروض المحلي)، فإن هناك ضغوطاً كبيرة على السعر يمارسها العارضون.. فإذا كان متوسط الرأس الحي من الغنم يصل في الأوقات العادية إلى 800 - 1000 ريال في المتوسط، فإنه يصل خلال فترة العيد إلى 1500 - 2500 ريال، إن لم يزد عنها.. ورغم تبريرات التجار بأن هناك ارتفاعاً في أسعار العلف، إلا أنها غالباً ما تكون تبريرات غير حقيقية، فالسنوات الماضية لم يكن هناك ارتفاع في أسعار العلف، فلماذا ارتفعت أسعار الأضاحي.. بالطبع إن الأمر لا يرتبط بمسببات خارجية بقدر ما يرتفع نتيجة اختلال آلية التسعير وقوى العرض والطلب خلال فترة ذروة الطلب وثبات العرض. وهذا العام من المتوقع أن تشهد أسعار الأضاحي ارتفاعات أعلى منها في السنوات الماضية، لعدة مسببات خاصة بالسوق المحلي في عام 2012م:
أولاً - هناك أزمة مثارة حول الدواجن التي ارتفعت أسعارها نسبياً حالياً، بشكل سيؤثر بوضع مزيد من الضغوط على أسعار رؤوس الأغنام والماعز.
ثانياً - هناك ارتفاع في أسعار الأعلاف العالمية نتيجة موجة الجفاف التي ضربت بعض الدول المنتجة الرئيسية لمحاصيل العلف بالعالم.
ثالثاً - ضعف أو غياب الواردات من بعض الدول القريبة جغرافياً، والتي تشهد اضطرابات سياسية حالياً، بشكل سيضع مزيداً من الضغوط على رفع السعر نتيجة رفع معدلات الاستيراد من دول بعيدة جغرافياً.