عن النَّوحِ يا قُمريةَ البانِ أقلعي
ومِن خيرِ ألحانِ المسرَّةِ رجِّعي
تغنَّي بأكنافِ البواسقِ غُدوَةً
كأنكِ لا تدرينَ أنَّا بمسمعِ
وقولي لأرتالِ الحمى: شُدْنَ في الحمى
لحوناً يداوي طَرقُها كلَّ مُوجَعِ
تحرَّي بديعَ الشعرِ مُنبلَجِ الرؤى
وصُوغيهِ لحناً حانياً بترجِّع
ثِقي أنَّنا - يا ذاتَ طوقٍ أحبةٌ
وأنَّكِ في أفيائِنَا لن تروَّعي
وأنَّا إذا رنَّتْ قوافيكِ حولنا
على الأيكِ في رَأْدِ الضياءِ المُشعشِعِ
نُصيخُ كأنَّ الطيرَ فوق رؤوسِنا
سوى رقصةٍ مشفوعةِ بتطلُّعِ
قِفي بُرهةً كَيما تجفَّ دمُوعُنا
وقوفَ نجيٍّ في دقائقَ أربعِ
يمتِّعُني مرآكِ لوقيدِ لحظةٍ
تزيلُ عن النفسِ الأسى بالتمتُّعِ
لعلَّ الذي أخفيتُ مِ الشوقِ في الحشا
إلى ساعةِ اللُّقيَا بحبٍ مُشفعي
تراءت ليَ الآمالُ حين تواترتْ
حواليَّ أسبابُ الرجاءِ المقنَّعِ
فأضحيتُ في عطفيَّ حالٌ رضيةٌ
يشيرُ إليها الخيرونَ بأُصبُعِ
وحالٌ توطَّتها الهمومُ فأصبحت
تَلَفَّعُ في شيبٍ أبيضِ مفزعِ
عذيري من اللائي كَبَوْنَ لمطلبي
كمرآي أسرابٍ في سباسبَ بلقعِ
أرومُ إلى علياءَ هاتيكَ مطلعاً
فلم ألقَ إلا مانعاً رِفد أمنعِ
وأخرى تمنَّت لو أُلمُّ بأهلِها
ولي همةٌ تهفو لأرفعِ موضعِ
لحاليَّ أجراسٌ ترنُّ كأنَّها
صهيلُ حصانٍ مستثارٍ مُتعتعِ
وربَّ فتًى يمضي مُجدًّا بسعيهِ
حَفِياً يرومُ الخيرَ في خيرِ موضعِ
عليهِ سماتُ الطهرِ وهي حريَّةٌ
به - وله من عزمهِ خيرُ مَنزعِ
يضاهي الثريَّا همةً يَعْرُبِيَّةً
وعقلاً تحلَّى بالمحامدِ لوذعي
وجنباهُ ضمَّا قلبَ حرٍّ يزينُهُ
جنوحٌ إلى نيلِ المفاخرِ - ألمعي
لمولاهُ يَعنو آخرَ الليلِ ساجداً
يسبِّحُ مَنْ للمُلتَجِي خيرُ مفزعِ
بقدرتِهِ يُدْني له كلَّ نازحٍ
صبورٍ على اللأَّوَا بكل ترفُّعِ
فيا أَكماتِ القاعِ مَن كان نازلاً
بأكنافِ إحداكُنَّ في خيرِ مرتعِ
أجِبْنَ فما لي في حِماكُنَّ طِلبةٌ
ولستُ بمَن يخفي الشجا بالتصنُّعِ
فلله أحبابٌ ترحَّلَ ركبُهم
سِراعاً وقد عاجوا بأبرقَ مُمرعِ
ترحَّل لا مُسترفداً بعشيرةٍ
ولا حَذِراً مِن ذي مطالبَ مُدّعِ
يرومُ ارتباعاً في رياضٍ عشيبةٍ
فأكرِم بركبٍ حلَّ في صدرِ مصنعِ
صِحابٌ تبَارَوْا في الفخَارِ فأدركوا
فُوَيْقَ الثُّريَّا مَطلعاً أيَّ مطلعِ
ومازال ناديهم يفوحُ نِثارُه
وروداً تغَشَّى نفحُها كلَّ أروعي
سأعتِسفُ البيداءَ إنْ لم تُفِدْنَني
ولستُ عن التِسآل عنهم بمقلعِ
وأُذكي لحونَ الشوقِ ما هبَّت الصَّبَا
وما سحَّ ودّاجٌ بحجرة مَنْجَعِ
إلى أن أراهم أو أشمَّنَ طيبَهم
فيقلعُ قلبى عن شكاةِ المُروَّعِ
شعر: عبدالرحمن بن عبدالله آل عبدالكريم - الطائف