المناظرة هي نوع من الحوار بين طرفين، تتسم بالتحدي بينهما، والمناظرة يتم الترتيب لها سلفا، أو بشكل رسمي، وتختلف المناظرة عن المناقشة المنطقية التي تعتمد على مجرد الاستدلال اللغوي، كما تختلف عن الجدل الذي يعتمد على البلاغة والإقناع، فالمناظرة هي سعى دءوب نحو عرض الحجة وإظهار الحقيقة...
... بطريقه مؤدبة وفق ضوابط محدده، أهمها تقبل الرأي الآخر، فليس المقصود من المناظرة التغلب على الآخر أو إفحامه، بقدر ما هو الكشف عن الحقيقة.. ورأينا مؤخرا المناظرة الفرنسية بين الرئيس ساركوزي والرئيس الجديد فرانسوا هولاند، والمناظرة الأمريكية بين الرئيس أوباما ومرشح الرئاسة ميت رومنى ؛ وكلاهما تتسمان بالتحدي الاحترافي، ويحملان الإثارة والمتعة، مع احترام كل منهما للآخر، والتزام كل منهما بضوابط المناظرة، واهما الوقت المخصص لكل منهما، وعدم مقاطعة أحدهما لحديث الآخر، ومحاولة كل منهما إظهار المشروع الذي يحمله بطريقه حضاريه تهدف إلى كسب مزيدا من المؤيدين.. ونتيجة الشحن الإعلامي المسبق لكلاهما، نشأ ترقب واستعداد جماهيري لذلك اليوم المشهود، تابعه الملايين من المشاهدين على الفضائيات حول العالم.. وفى عالمنا الإسلامي المعاصر، هناك مناظرة إسلاميه، على غرار الاحتراف في المناظرات الرئاسية للعالم الغربي، وقد كانت، بين النصراني سوا جارت وآخرين من القساوسة، والداعية المسلم أحمد ديدات، الذي استطاع أن ينتصر للإسلام بالحجة، وقد تم تحويل تلك المناظرة إلى فيديو بلغات مختلفة.. وفى المقابل، يظهر في قناة الجزيرة التلفزيونية، برنامج الاتجاه المعاكس الأسبوعي، وهو يعرض نماذج نمطية، من حوار العرب مع العرب، وهو برنامج مصمم لإجراء حوار بين الطرفين في محاوله يائسة ليكون مناظره، ولكنه فشل، أيضا، أن يكون حوار؛ يبدأ البرنامج بنقاش هادئ بين الطرفين، ثم يتحول إلى جدل صاخب، ويبدأ الانفعال، ويشهر كل طرف بسبابته في عين الأخر، ويكيل كل منهما سيل الاتهامات إلى ألآخر، مع بذل المساعي الحثيثة، من مقدم البرنامج، لإذكاء سعير الجدل، وتأجيج الشحناء بينهما ؛ عندها يصبح كلاهما يتحدثان في نفس الوقت، دون أن ينصت أحدهما لما يقوله الآخر. أو كما يسمى بحوار الطرشان
الخلاصة:
لقد صور القرآن مشهد الحوار الذي دار بين النبي موسى عليه السلام، وفرعون الكافر، وشهد القرآن كيف (بهت الذي كفر) نتيجة الحوار، وقد كان هدف موسى من الحوار، إثبات الحقيقة، بينما كان هدف فرعون في الحوار إثبات الذات.. لقد أصبح لدى المسلمين، اليوم، كيانين للحوار، أحدهما يعنى بالمذاهب الإسلامية، والآخر يعنى بالحضارات، تم تأسيسهما بمبادرات غير مسبوقة من خادم الحرمين الشريفين.. وعالمنا الإسلامي، اليوم، يزخر بقامات علمية عالية، ولها حضور دائم في وسائل الإعلام المختلفة يجعل الإسلام في أمس الحاجة إلى دخول بعضهم في مناظرات، مع نظرائهم، من المذاهب الإسلامية المختلفة، للوصول إلى كلمة سواء، تحقق التضامن والتسامح والاعتدال بين المسلمين؛ ودخول البعض الآخر، من هذه القامات العلمية، في مناظرات، مع نظرائهم من غير المسلمين، لعرض حجة الإسلام وتبيان هدايته ورحمته.
khalid.alheji@gmail.comtwitter @khalidalheji