كثير من الإخوة السودانيين العاملين في المملكة من ذوي الكفاءة والثقافة العامة، والأخلاق الطيبة والسلوكيات المحترمة، تختارهم بعض المؤسسات التجارية والثقافية للعمل لديها في الأعمال التي تتطلب الأمانة والانضباط والالتزام، ودقة وسرعة الإنجاز خصوصاً أعمال الصحافة
ذات الأهمية والخصوصية المختلفة عن روتين العمل في القطاع الحكومي، أو المؤسسات التجارية العادية.
ومن الملاحظ أن أعمال السكرتارية في بعض الصحف المحلية تعتمد على الإخوة السودانيين الأكفاء البارعين في أعمال السكرتارية. ودور سكرتير التحرير في الصحف العربية كما عهدنا دور مهم وفاعل في جهاز التحرير، وهو الذي يعتمد عليه رئيس التحرير في تحضير ما يحتاجه من تقارير ومعلومات وتنسيق مواعيد الاجتماعات داخل الصحيفة أو خارجها، وترتيب مواعيد الزيارات للشخصيات المهمة، ومتابعة خطوات تجهيز الصحيفة للطبع والتوزيع.. إلخ.
وفي السنوات الأخيرة طوّرت مؤسسات الصحافة والنشر مسمى ومهمة سكرتير التحرير إلى مدير التحرير الذي يشارك رئيس التحرير في توجيه العاملين في التحرير وإعداد مواد الجريدة وأبوابها في الشكل النهائي لمرحلة الطبع. ومن النماذج التي عكست الصورة المشرفة لمهمة سكرتير التحرير ثم مدير التحرير الأستاذ سباعي عثمان الأديب المطبوع والصحفي الخبير بفنون وشجون الصحافة، وقد عمل سكرتيراً لتحرير جريدة (عكاظ) حين أصدرها الأستاذ الكبير أحمد عبدالغفور عطار عام 1379هـ / 1960م وعند صدور قرار تحويل الصحف الفردية إلى مؤسسات، انتقل الأستاذ سباعي عثمان للعمل مديراً للتحرير في جريدة (المدينة) وبعد فترة عاد إلى جريدة (عكاظ) مديراً للتحرير برئاسة الدكتور هاشم عبده هاشم، وكان سباعي عثمان رحمه الله من العناصر المبدعة التي ساهمت في تطور جريدة (عكاظ). وقد برع في كل المجالات الصحفية التي عمل فيها واشتهر بالكفاءة ودماثة الأخلاق، وفقدته الصحافة والساحة الأدبية عام 1408هـ / 1988م رحمه الله.
ومن الطريف أن معنى (سكرتير) في اللغة العربية هو (الناموس) وفي تفسير معجم اللغة العربية (الناموس) يعني أمين السر.
وحين أصدر الأستاذ عبدالله العلي الصانع جريدة (القصيم) الأسبوعية عام 1379هـ / 1959م حملت ترويسة عددها الأول أسماء القائمين عليها وهم:
صاحب الامتياز: عبدالله العلي الصانع
رئيس التحرير: علي المسلم
ناموس التحرير ومديره: عثمان شوقي
ويبدو من هذا التشكيل أن أسرة التحرير التزمت بالتعريف اللغوي لمعنى (سكرتير) وللناموس معنى آخر لدى عامة القراء. وهذا الناموس أي الأستاذ عثمان شوقي صحفي سوداني كان في الخمسينيات الميلادية يعمل محرراً في صحيفة (الأمة) لسان حال حزب الأمة السوداني، وتم استقدامه إلى المملكة وعمل في البداية محرراً في صحيفة (اليمامة) حين كان الأديب الرائد الشيخ حمد الجاسر يصدرها أسبوعية.
وحين صدرت صحيفة (القصيم) عام 1379هـ وقع الاختيار على الأستاذ عثمان شوقي ليكون ناموساً لصحيفة القصيم، وبعد أن توقفت هذه الصحيفة عمل محرراً في جريدة (البلاد) وكان كاتباً (ضليعاً) في اللغة العربية، ومتابعاً لما يدور في معترك الحياة الأدبية والاجتماعية. ومن مكاتبتي له حين كان يعمل في الرياض لمست في رده الوفاء والإخلاص.