قال الرئيس الأمريكي بوش الابن بعيد أحداث سبتمبر، إن الولايات المتحدة ستلاحق تنظيم القاعدة و»من يؤويه»، وبغض النظر عن وجهة نظرنا في تلك الأحداث، إلا أن ما يهمنا هو أن إدارة بوش كانت تسير وفق استراتيجية طويلة المدى لا تكتفي بالقضاء على العدو، بل تسعى للقضاء على البيئة التي ساهمت في نشوئه ابتداءً، ومن ثم وفرت له الحماية لاحقا، وهذا ما تم في نهاية الأمر، إذ هاجمت القوات الأمريكية افغانستان، ليقينها التام أن حكومة طالبان كانت هي الملاذ الآمن للقاعدة ورموزها في ذلك الوقت، فماذا نستفيد من هذا الدرس؟.
لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أن لنا أعداء، بل ويتم الكشف عن هؤلاء الأعداء عبر وسائل الإعلام بكل شفافية ووضوح، وهؤلاء الأعداء هم « الفاسدون»، الذين لا يعنيهم البلد وأهله لا من قريب أو بعيد ، فكل ما يهمهم هو زيادة أرصدتهم المالية، وليذهب البلد وأهله بعدها إلى الجحيم!، وما يزيد الأمر سوءا هو أنهم معروفون بالاسم، بل أنه توجد وثائق تدين بعضهم، ومع ذلك ينتهي الأمر غالبا بنسيان الأمر دون عقاب، وأصدقكم القول أنني ذهلت من حجم ردود الفعل على قضية الساعة، وأعني قضية السيد «حسين» وكليات الطب الوهمية، التي ذهب ضحيتها كثير من محدودي الدخل من أبنائنا وبناتنا في مجزرة نفسية تستعصي على الوصف، فهل من جديد؟.
نعم، بعد مقالي يوم الخميس الماضي، تلقيت اتصالات ورسائل من بعض المتضررين من الطلاب، ومن مجموعة من المواطنين المخلصين، وقد وردني من المعلومات ما لا يصدق عن تلك الكليات، وعن صاحبها تحديدا، بدءا من تاريخه الطبي في المملكة، مرورا بمغادرته إياها مرغما، وليس انتهاءاً بعودته، ومسح كل ماضيه، لدرجة أنه تمكن من الحصول على الجنسية، وأصبح رجل أعمال كبير في القطاع الخاص!، وهي معلومات مؤلمة، لا أود الخوض فيها، رغم تأكدي من كل شيء، فهذا عمل هيئة مكافحة الفساد الموقرة، والمدعي العام، ويظل السؤال الكبير الذي نتمنى أن نجد إجابة شافية عليه هذه المرة: من الذي يؤوي «حسين»؟ّ!.
لا يراودنا شك في رغبة الدولة بالقضاء على الفساد، وقد أسست هيئة رسمية اعتبارية ترتبط بالملك مباشرة لهذا الغرض، ولكن علينا أن نعترف أنه لا يمكن مكافحة الفساد بفاعلية دون أن يكون هناك عقاب رادع للمفسد، ولمن يؤويه، وفي حالة حسين فإننا لسنا جهة تحقيق، ولكننا سمعنا وقرأنا بهذا الخصوص ما لا يمكن أن يكون خافيا على أصحاب الشأن في وزارة التعليم العالي، وفي هيئة مكافحة الفساد، ونعلم مدى حرص المسؤولين في هاتين الدائرتين على إنهاء ملف هذه القضية المؤرقة بالشكل المطلوب، كما أننا على يقين بأنهم يعلمون بأن كل الأبصار شاخصة تجاههم، بعد أن أصبح « حسين» وكلياته قضية الرأى العامة الأولى بلا منازع.
فاصلة:» لن يستطيع أيا كان أن يركب على ظهرك ما لم تكن منحنيا «...مارتن لوثر كينج.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2