|
لقد أراد الله جل وعلا أن تكون هذه الفريضة السنوية ملتقى مشهوداً بين أبناء الدين الواحد تتجلى فيه وحدة الزمان والمكان والمقصد ولتترسخ مفاهيمه الجليلة في وجدان أبناء هذه الأمة ليصلوا القول بالعمل ويحققوا تطلعات بلدانهم وشعوبهم ولن نجد أبلغ في هذه السياق من تحذير المولى سبحانه وتعالى من أن تمس شعيرة الحج بأي مقصد آخر يصرفها عن مرادها وغايتها قال الله تعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وماتفعلوا من خير يعلمه الله.
«وتزودوا وافإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب»
إن الدروس المستفادة من هذا الجمع المبارك في كل عام أكثر من أن تحصى لكنها تتجلى في المعاني الإيمانية والوحدة الإسلامية وإزالة كافة أنواع الفوارق في وحدة متكاملة شملت المظهر والمخبر تطلب ما عند الله من الفضل والمغفرة متضرعة للمولى جل جلاله بأن يجمع القلوب المؤمنة على كلمة واحدة كما جمعهم في هذه المشاعر المباركة على غاية واحدة.
عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
الرياض - خاص:
تقوم المملكة العربية السعودية بدور قيادي في خدمة قضايا المسلمين في أنحاء المعمورة انطلاقاً من مبدأ الأخوة الإسلامية، فكان لها الريادة في نصرة قضاياهم العادلة والدعوة إلى التضامن ووحدة الصف ودعم المنظمات الإسلامية والمؤسسات الثقافية، ومساعدة المحتاجين والمنكوبين أينما كانوا، كما أولت تعليم أبناء المسلمين ومشاريع التنمية عناية كبيرة، وهذه الجهود تبذلها المملكة انطلاقاً من واجبها الإسلامي وابتغاء الأجر والمثوبة.
وتأكيداً لمنطلقات المحبة والأخوة والتعاون والتآلف يأتي برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للحج الذي انطلق عام 1417هـ 1997م بمكرمة ملكية كريمة ليستمر على مدى السنوات الماضية مستضيفا قرابة العشرين ألف حاج، وقد شمل البرنامج أغلب دول العالم وجميع قاراته وتشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
وقال وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ إنه «لا يخفى على الجميع ما تقوم به المملكة العربية السعودية من حشد لكل إمكاناتها وطاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن، ويتجلى ذلك في الاهتمام الكبير الذي تبديه القيادة الرشيدة للحج والرعاية المتميزة التي يلقاها ضيوف الرحمن من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - أيدهما الله- فقد جاء الحج وشؤونه في مقدمة اهتمامهما واعطوا رعاية حجاج بين الله الحرام أولوية قصوى لايتقدمها شأن آخر لتنعم وفود الله بالمنجزات الكبيرة التي تحققت من أجل راحتهم وأدائهم لمناسكهم بكل يسر واطمئنان وفي طليعة ذلك العناية بتوسعة الحرمين الشريفين. ويأتي برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين في كل عام الذي يتم استضافة المئات من الحجاج على النفقة الخاصة امتدادا للعطاء والبذل والاهتمام».
وأضاف في المقال الافتتاحي لتقرير «الاستضافة» عن برنامج خادم الحرمين الشريفين لحج عام 1432 أن هذه المكرمة الملكية «تدل على حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - بالمسلمين في كل مكان كما تدل على العناية العظيمة التي يوليها ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية بمصالحهم, وتقوية العلاقة الإسلامية القائمة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم».
واعتبر الوزير أن هذه الرسالة «ليست مقتصرة على وقت الحج، بل ممتدة للتواصل مع المسلمين, وتوحيدهم والعناية بهم والوقوف معهم بأي مكان، والمملكة -ممثلة بهذه الوزارة- تحرص على التواصل مع المسلمين في جميع قارات العالم، وتقديم العون والمؤازرة لهم قدر الاستطاعة، للحفاظ على هويتهم الإسلامية، ومساعدة من لم يتمكن من أداء فريضة الحج باستضافته على نفقة خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- تحقيقا لرسالة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين وماتحتله من مكانة مرموقة على صعيد العالم الإسلامي لكونها قبلة المسلمين، ورائدة كل عمل إسلامي نافع للأمة الإسلامية, ومسخرة كل إمكاناتها وخبرتها لإعاقة ضيوف خادم الحرمين الشريفين على تأدية فريضة الحج وفق ما شرع الله سبحانه وتعالى، وقد أعدت برنامجاً علمياً وثقاقياً يشرف عليه نخبة من الدعاة وطلبة العلم».
ونستعرض في ما يلي إيجازا لأبرز ما جاء في التقرير حول أهداف هذا البرنامج ومنطلقاته وأعداد المستضافين فيه وأبرز ما يحصلون عليه من خدمات ورعاية بشتى الأنواع.
الفكرة والانطلاقة
تعود فكرة هذ البرنامج إلى عام 1417هـ الموافق1997م، حيث أدرك المقام السامي الكريم حاجة المسلمين في الاتحاد السوفيتي السابق الذين حرموا لزمن طويل من أداء شعائرهم الدينية، وحيث إن أغلبهم لم يسبق له الحج وغُيبوا عن العام الإسلامي وليس لديهم القدرة المالية على ذلك، فقد رفع تصور متكامل لمقام خادم الحرمين الشريفين حول إمكانية استضافتهم أو وضع برنامج خاص بهم.
وبناء على ذلك صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - باستضافة ألف حاج من روسيا والشيشان؛ عهد إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تنفيذ هذا البرنامج والإشراف على كافة تفاصيله بالتنسيق مع وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية، وقد كان لسفارة خادم الحرمين الشريفين في موسكو والملحق الديني التابعة للوزارة آنذاك دور في اختيار الحجاج حسب الضوابط والشروط المحددة..
وقد أولت الوزارة جل اهتمامها لهذا البرنامج الذي يشرف عليه معالي وزير الشؤون الإسلامية، ويقوم بمتابعة أعماله لجنة تنفيذية مختارة ينبثق منها عدة لجان لتسهيل وتيسير مهمة الحجاج، وليكون أداء مناسكهم في يسر وسهولة. وقد أرست الوزارة عقد المشروع حسب الضوابط المرعية على شركة سعودية متخصصة في نقل وإسكان الحجاج
وبعد النجاح الكبير الذي حققه البرنامج في عامه الأول استمر البرنامج في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفييتي لعدة سنوات ومن ثم إلى جنوب شرق آسيا في عام 1420هـ الموافق 2000م، وبعدها درج البرنامج على استضافة ألف حاج من جميع أنحاء العالم.
وفي عام 1430هـ 2010م صدر الأمر الكريم باستضافة 300 ثلاث مائة حاج سنويا خاصة بقارة أفريقيا لتشمل جميع دول أفريقيا ويتم الاختيار بناء على الضوابط المرعية وبالتعاون مع لجنة الدعوة في أفريقيا وسفارات وممثليات خادم الحرمين الشريفين في الخارج والمكاتب والمراكز التابعة لهذه الوزارة في الخارج.
واستمر البرنامج منذ ذلك الوقت وحتى موسم حج 1433هـ والذي صدر الأمر الكريم باستضافة 1400 حاج ليبلغ عدد من شملهم البرنامج أكثر من 20 ألف حاج.
أهداف قيمة
يهدف هذا البرنامج إلى أهداف عامة من أهمها، إتمام الركن الخامس لشريحة من المسلمين، وإنفاذ رغبة المقام الكريم في استضافة حجاج من دول مختلفة كل عام ابتغاء الثواب من الله، وتحقيق الواجب القيادي والريادي لهذه الدولة الرشيدة في خدمة الإسلام والمسلمين.
كما يحقق هذا البرنامج أهدافا أخرى قيمة منها التعريف بالمنهج الإسلامي المعتدل الواجب اتباعه، وتعميق الشعور بروح الأخوة الإسلامية، وكذلك تعميق الإيمان في نفوس المسلمين الجدد وأبناء الأقليات الإسلامية وتحقيق رغبتهم في أداء هذا الركن العظيم.
إضافة إلى ذلك، فهو يسهم في تطوير مهارات المستضافين العلمية والدعوية، ويوثق الصلات بالشخصيات والجمعيات والمراكز والجامعات الإسلامية المتميزة، كما يبث الوعي بين الحجاج ويرسخ المبادئ السمحة للدين الإسلامي الحنيف.
تطور كمي ونوعي
تطور البرنامج تطوراً نوعياً في اختيار الضيوف المشاركين فيه لأداء فريضة الحج، حيث وضعت الوزارة ضوابط عامة لاختيار الضيوف المشاركين في البرنامج، وقد كان للمكرمات السامية دور بارز في رفع أعداد المشاركين في هذا البرنامج سنويا، حيث بدأ بألف حاج ثم زيد عليه ثلاث مائة ثم زيد عليه مائة حاج ليصل العدد الكلي للحجاج سنويا 1400حاج. خصص 400 أربع مائة حاج لقارة أفريقيا سنويا.
نوعياً استفاد من البرنامج شرائح مختلفة من المسلمين منهم على سبيل المثال:
أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، والرؤساء والعاملون في الهيئات الإسلامية، الطلاب البارزون في الجامعات، الفائزون بجوائز التميز والبحث الإسلامي، الرؤساء والعاملون في الجمعيات والهيئات الخيرية، الفائزون في مسابقات تحفيظ القرآن الكريم والسنة النبوية، المسلمون الجدد، الكتاب والإعلاميون المساهمون في إيصال رسالة الإسلام..
رصد تاريخي
انطلق برنامج الاستضافة عام 1417هـ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- واستفاد منه عدد من المسلمين في قارات العالم، واستمر العطاء في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- مع تنويعه وتحديثه وتوسيع شرائح المستفيدين منه.
خدمات الضيوف
تحرص الوزارة على تحقيق رغبة خادم الحرمين الشريفين في إتاحة الفرصة للضيف لأداء مناسك الحج على أكمل وجه، حيث يتم العناية بالضيف منذ خروجه من بلده وحتى عودته إلى بلده بعد حجه بإذن الله، وتقدم له الخدمات بدءا من بلده حيث يتم إصدار تأشيرة مكتوب عليها (برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين ).البطاقة اللازمة للضيف مع صورته، وأسورة المعصم المكتوب عليها كافة المعلومات ومخطط المواقع في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، وأرقام التواصل,بجانب تأمين كافة احتياجات الضيف من إحرامات وأحزمة.يلي ذلك توفير تذاكر السفر والحجوزات.
النقل البري
يتم تأمين حافلات حديثة ومكيفة وطبقا للمواصفات والضوابط المرعية في البرنامج، وتسهيل كافة التنقلات بهذه الحافلات من وإلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، وضع علامات مميزة لهذه الحافلات ومرشدين بها تفاديا لأي طارئ، كما يتم التواصل مع المرشدين وسائقي الحافلات من خلال أجهزة خاصة.
إلى توفير سيارات خدمة للحافلات (ورشة) مرافقة، و حافلات إضافية للاستعانة بها عند الحاجة، ودراجات نارية مصاحبة بترخيص من الجهات المسؤولة، لتسهيل حركة التنقل. كما توجد دوريات أمنية مصاحبة وطواقم كشافة لخدمة ضيوف البرنامج.
الإسكان في مكة والمشاعر
يحظى ضيوف البرنامج بالسكن المريح والمناسب في مكة المكرمة والمدينة المنورة (4-5) نجوم مع مراعاة القرب من الحرمين الشريفين وسهولة التنقل منهما وإليهما، كما يتم إعداد إسكان الحجاج في والمشاعر المقدسة بفرش جديد وعلى أعلى مستوى إضافة إلى مصلى بكافة الخدمات والمصاحف وتراجم معاني القرآن الكريم للغات الحجاج.
تتوفر خدمة إنترنت مجانية في أماكن تجمع الضيوف وفي أكثر من موقع، وهناك استراحات خاصة لهم، مع توفير مقر كامل ومجهز بجميع الخدمات للقسم النسائي بطاقم نسائي بالكامل.
أما خدمات الإعاشة فيتم تقديمها بمستوى فندقي، يتضمن توفير وجبات غذائية ذات جودة عالية مع وجبات خفيفة ومشروبات باردة وساخنة على مدار الساعة. ووجود مشرفين صحيين على الوجبات.
****
الخدمات الطبية والاتصالات
يتوفر طاقم طبي على مدار الساعة للرجال والنساء، في المقر في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة بالتنسيق مع وزارة الصحة،.
وكذلك توفير أدوية و سيارات إسعاف في مقار الإقامة ومرافقة أثناء التنقل بطواقمها الصحية.
على صعيد الاتصالات، يتم تأمين شرائح اتصال وأجهزة جوال لكل ضيف مجاناً، مقدمة من شركة زين للاتصالات مشحونة بقيمة مجزية، كما تتوفر خدمات الشحن وبأسعار مناسبة في مقر الضيوف..
البرامج الثقافية
ينظم البرنامج زيارات إلى أماكن مختارة في مكة المكرمة والمدينة المنورة منها: معرض الحرمين الشريفين في مكة المكرمة، مصنع كسوة الكعبة المشرفة، معرض توسعة الحرم النبوي الشريف، بجانب زيارة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وأخذ نسخة مهداة من القرآن الكريم.هناك كذلك لقاءات ثقافية للضيوف، وتنظيم مسابقات علمية وأخرى ترفيهية، كما تقام ندوة ثقافية سنوية حول أحد الموضوعات الحيوية التي تناسب اهتمام ونوعية المستضافين.
البرامج العلمية الشرعية
يشارك في البرنامج مشايخ متخصصون وعلى دراية واسعة بالمسائل الشرعية، وعلى اطلاع على أحوال المسلمين، كما يقام برنامج علمي شرعي ومحاضرات مجدولة، ويتوفر مشايخ على مدار الساعة للإجابة عن أسئلة الضيوف في مسائل الحج.
خدمات الترجمة
يتم توفير مترجمين متمكنين لكافة لغات الضيوف، يقومون بشرح البرامج والإرشادات والفتاوى والكلمات التي تلقى عليهم، ويرافق هؤلاء المترجمين الحجاج الضيوف في مقارهم وفي الحافلات أثناء تنقلاتهم.
خدمات إرشاد التائهين
تتوفر أرقام خاصة لإرشاد التائهين مثبتة على معصم كل ضيف، كما يشارك طاقم كامل مجهز بوسائل الاتصال للتعامل مع التائهين ومعرفة أماكنهم وإيصالهم لمقر إقامتهم حسب جدول البرنامج، هذه الخدمة تقدم على مدار الساعة.
خدمات الاستضافة التقنية
لقد عاش العالم في السنوات القليلة الماضية تقدما تقنيا غير مسبوق، ولقد واكب البرنامج هذا التقدم بتقديم عدد من الخدمات التقنية من أهمها: توفير خدمات الشبكة للضيوف في أماكن محددة، توفير أجهزة حاسب آلي في أماكن استراحة الضيوف متصلة بالإنترنت، و تدشين موقع خاص بالاستضافة www.guests.gov.saمتميز في تصميمه ومعلوماته وهو . حيث تتوفر كافة المعلومات والإرشادات الخاصة بالبرنامج على الإنترنت، ويمكن تحميل صور للضيوف بصفة دورية..
استضافات خاصة
رغبة في تلمس حاجات المسلمين وتوسيع نطاق ابتغاء الخير، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أوامر ملكية باستضافات نوعية لمسلمين لم تمكنهم ظروفهم من القدوم إلى الأماكن المقدسة لأداء الفريضة، وكان لهذه اللفتة الكريمة أثرها الكبير عليهم، ومن هذه الاستضافات:
استضافة عائلة الشهيد فرمان، و حجاج من دولة جنوب السودان، و الفائزين بجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية من أنحاء العالم الإسلامي، و المسلمين الجدد في الكاميرون.
وقد لهجوا جميعا بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين أن يحفظه ويرعاه ويجزيه خير الجزاء وأوفاه.