ارتفعت تكاليف المعيشة خلال العشر سنوات الأخيرة بالمملكة بأكثر من أربعين بالمئة والأسباب لهذا الارتفاع متعددة وباتت معروفة للجميع كونها تطرح للنقاش والتحليل دائماً إلا أن السؤال الذي يكاد يكون وحيداً: هل توقعت جهات الاختصاص المخططة والتي تعد وزارة الاقتصاد والتخطيط أهمها بهذه الارتفاعات الكبيرة بتكاليف المعيشة؟.. وهل قامت على أساس هذا التوقع بوضع الحلول لتقليل آثاره على الأُسر الذين تآكلت قوتهم الشرائية بشكل كبير خصوصاً مع وجود التزامات متعددة كإيجار السكن الذين يقتطع بالمتوسط أكثر من ثلث دخلهم مع التزامات أخرى كفواتير الخدمات والمصاريف المنزلية الأساسية وبالتالي يصبح الادخار خارج حسابات الكثير من منهم، وإذا لجأ للاقتراض فتصبح المشكلة أكبر عليهم في توفير حتى بعض الاحتياجات الضرورية.. وبالعودة لما قد تكون الوزارة والجهات المعنية الأخرى قد أعدته لمواجهة هذا الارتفاع الكبير بتكاليف المعيشة نجد أنها تركزت بتكثيف الدعم للسلع الأساسية مع رفع بالرواتب فاق ثلاثين بالمئة بقليل خلال السبع سنوات الماضية صدرت بأوامر سامية إلا أنه يبقى لدراسة أساس رواتب الدرجات الوظيفية الفيصل في تحديد مدى ما أضافته كل هذه الإجراءات من توازن لدخل الأسر لكي تستطيع مواجهة الغلاء، وهل نسبة ارتفاع السلال الرئيسية بتكاليف المعيشة تناسبت مع الزيادة بالدخل فإذا كانت الإيجارات والغذاء وهي المؤثر الرئيس بالتكاليف والتي تستحوذ على جل الإنفاق الأسري قد فاقت ارتفاعاتها ستين أو سبعين بالمئة فإنها بذلك ستفوق أي زيادات وحتى ما قدم من دعم وهذا ما يجعل التكاليف مرتفعة إلى الآن ومع ارتفاع الأسعار المستمر فإن تأثير أي إجراءات اتخذت قد تقلص وهذا يستدعي من الوزارة أن تعيد النظر بنوعية الحلول وتقدير المستوى المناسب للدخل لكي يتماشى مع الواقع الحالي للأسعار خصوصاً للفئات من متوسطي أو محدودي الدخل مما يعني التركيز على الأكثر تضرراً وعدم وضع نسب عامة في أي سيناريو يستهدف رفع الدخل، بل تكون النسب الأكبر للفئات الأكثر تأثراً، كما أن السؤال نفسه ينسحب على وضع كل سبب رئيس لارتفاع تكاليف المعيشة في حجمه ونسبته الدقيقة حتى يكون باباً آخر لعلاج هذه المشكلة.. فهل كان التأثير الأبرز من التضخم المستورد بسبب تراجع قيمة الريال نظير ارتباطه بالدولار الذي يشهد انخفاضات منذ سنوات وما هي الحلول لذلك خصوصاً لحسابات مستقبلية متوسطة وطويلالأجل؟.. وقد قال معالي وزير الاقتصاد أن الارتباط بالدولار شكل تحوطاً وخدم الريال في السنوات الماضية وهذا طبعاً صحيح لكن هل هو يلعب نفس الدور حالياً؟.. كما أن ارتفاع وتيرة الإنفاق الحكومي يفتح الباب للتساؤل عن تقدير وزارة الاقتصاد والتخطيط للطاقة الاستيعابية للاقتصاد وقدرته على تلبية الطلب المحلي ولعل وجود مشروعات متعثرة بنسب لافتة تجيب على هذا التساؤل، وهنا يكون السؤال: لماذا لم تنبه الوزارة إلى عدم قدرة القطاع الخاص على تنفيذ هذه المشروعات وكذلك عدم استطاعة الإنتاج المحلي من السلع والخدمات على توفير احتياجات المشروعات وخدمات زيادة السكان نتيجة قدوم أعداد كبيرة من الوافدين بوقت قياسي مما رفع الطلب المحلي بشكل مفاجئ تسبب بارتفاع متسارع بالأسعار للسلع والخدمات وبالتالي كان من الأجدى تحديد قدرات الاقتصاد المحلي على تلبية الطلب بشكل أدق يحدد معه حجم المشروعات المطروحة سنوياً بما يكفل تنفيذها ويكون متدرجاً بارتفاع حجمها بنسب ثابتة تتناسب مع زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد والتي لم ترتفع بنسب كبيرة قياساً بحجم المشروعات المرتفع سنوياً والذي تضاعف حجمها بمقدار الضعف خلال السبع سنوات الأخيرة من 125 مليار ريال أكثر من 260 ملياراً بين أعلى وأدنى الأرقام خلال المدة المذكورة، فهل ارتفعت قدرات الاقتصاد بنفس النسبة، أي ضعف ما كانت عليه خلال نفس المدة؟.. مما يعني أن التركيز على رفع الإنتاج كان يفترض أن يأخذ أولويته في حسابات الوزارة على ارتفاع حجم المشروعات من حيث تنميته ودعمه وتذليل كل العقبات أمامه الوزارة تبدو مطالبة أكثر من أي وقت مضى بمراجعة كافة تقديراتها سواء لتكاليف المعيشة قياساً بالدخل الحالي لكافة الموظفين ومن أكثر الفئات الوظيفية تتأثر سلباً وما هي الحلول الناجعة لتحسين أوضاعها وكذلك إعادة جدولة المشروعات قياساً بقدرات الاقتصاد المتاحة وكذلك انعكاسها على تخفيض البطالة التي تعد مع تحسين الأحوال المعيشية أحد أهم مهمات الوزارة ومعيار نجاحها مع بقية الجهات الحكومية الأخرى المعنية بالملف الاقتصادي.