|
الجزيرة - جدة:
كشف الرئيس التنفيذي أحد مؤسسي شركة عبد الصمد القرشي للعود والعنبر والعطور محمد عبد الصمد القرشي أن الشركة ستدرج بوصفها شركة مساهمة في السوق السعودي بداية العام 2014م, مشيراً إلى أن أسعار العود قفزت إلى 400 % في عام 2011م. كما أكد في لقاء خاص مع الجزيرة أن المملكة مقبلة على طفرة عقارية أساسها الطلب المتزايد على الحديد, وعلق على اختياره من قبل مجلة CEO الشرق الأوسط ضمن أبرز 500 قائد غيروا واقع الأعمال بأن أي إنجاز لا يجير لصالح شركة أبناء عبد الصمد القرشي فقط؛ وإنما لهذا البلد وكل من فيه؛ فهي ماركة سعودية عالمية, تسعى لرفع شعار "صنع في مكة المكرمة".
إلى نص الحوار:
* تحدثتم قبل سنتين في حوار حول رغبتكم في التحول من شركة عائلية إلى شركة مساهمة. هل بدأتم في المشروع، ولاسيما أن الشركات المساهمة تُعتبر داعماً للاقتصاد الوطني؟
- قبل 75 عاماً بدأنا بمحل صغير (1 * 4م مربع) في دار الأرقم بن الأرقم, وهو مبنى صغير قريب من الصفا والمروة، ومنه تأسست مجموعة عبدالصمد القرشي, ومن ثم حمل الراية أبناؤه من بعده، وطورنا الشركة، وانطلقنا إلى خارج المملكة حتى وصلنا إلى أوروبا في مدن عدة, ونخطط للوصول إلى 450 فرعاً من خلال افتتاح 40-45 فرعاً في السنة. علماً بأننا وصلنا حالياً إلى 250 فرعاً للشركة.
وحفاظاً على هذا المنتج السعودي، وعلى البصمة التي وضعناها في الأسواق المحلية والعالمية، فكَّرنا منذ أربع سنوات في نقلها إلى شركة مساهمة تدرج في البورصة.
وبناء عليه قمنا بخطوات عدة، من ضمنها إعادة الهيكل التنظيمي, مطابقة المواصفات في المنتج, ودرسنا المنافسين استعداداً لهذه الخطوة, وفي أواخر العام 2008م حصلت النكسة، وقرر الملاك التريث، واضطررنا إلى النظر فيما يحصل لسوق المال, وبعد زوال العاصفة عدنا من جديد، ووضعنا الاستراتيجية، وبعد 3 أشهر تدخل الشركة في الدراسة لقياس الأداء، وبداية 2014 تكون مطروحة في سوق المال وشركة مساهمة إن شاء الله.
* العطور والعمل فيها أقرب إلى طبيعة المرأة, أين المرأة في شركة عبدالصمد القرشي؟
- أنا من أشد المؤيدين لعمل المرأة بالشكل الصحيح، ويجب أن تأخذ حقها في هذا المجال؛ فالمرأة لم تأخذ حقها بالشكل المطلوب، ووضعها الحالي في سوق العمل لا يتماشى مع سقف طموحات وحجم ثقافة المرأة في المجتمع السعودي.
ونعمل منذ أربعة أشهر من خلال توجيه إدارة التسويق والمبيعات (د. رامي بولاد) لإيجاد البيئة المناسبة للمرأة في الشركة.
* التقيتم بوالدنا خادم الحرمين الشريفين في وقت سابق, ماذا خرجتم من هذا اللقاء؟ وماذا كان توجيهه - حفظه الله -؟
- توجيهه - أطال الله في عمره - أن نحافظ على الصناعة السعودية، ونعطيها بصمتها القوية، ونثبت للعالم أننا قادرون على المنافسة في مختلف المجالات من خلال صناعة سعودية منبعها مكة. وكان توجيهه - رعاه الله - فخراً ونبراساً وحافزاً لنا.
* للشركة فروع عدة في أوروبا, إلى أي مدى تقبَّل المجتمع الغربي العطور الشرقية والسعودية بشكل خاص؟ وهل نجحتم في إيصالها؟
- دائماً العطور تنبع من البيئة ومن مناخ المنطقة, فالثقافة العطرية تختلف من منطقة إلى أخرى. المناطق الحارة تختلف عن المناطق الاستوائية وعن المناطق الثلجية؛ ففي المناطق الحارة يصعب استخدام العطر البارد (تتبخر رائحته سريعاً)، وطبيعة مناخنا تفرض علينا استخدام العطور القوية. ففلسفة العطر تجبرك في ظل الحرارة المرتفعة على استخدام الرائحة القوية, ومن هنا تكونت الشخصية العطرية حسب المنطقة والبيئة والثقافة.
في أوروبا يتوجه الناس إلى العطور ذات الرائحة الهادئة, بينما يتجه الناس في المناطق العربية للعطور القوية، ومن هنا لا بد من إيجاد منطقة وسطية بهدف استقطاب الشرائح لشراء المنتج. ولنا تجربة جيدة في أوروبا ومؤشرات النجاح قوية، وتقضي استراتيجيتنا بافتتاح 50 فرعاً تغطي المدن الرئيسة فيها. ولكن الغريب في الأمر أن بعض الشركات الأوروبية بدأت تنهج نهجنا نفسه؛ فعلى سبيل المثال قامت إحدى الشركات العالمية بتصنيع منتج كنا وما زلنا ندرسه, وهذا دليل على أن سوقنا قوي وناجح.
لدينا فرص نجاح كبيرة، وسنعمل على تحقيق نقلة نوعية في السوق الأوروبية.
* ما قيمة (أغلى) كيلو عود اشتريته و(أغلى) كيلو بعته؟
- في العام 2011م قفزت أسعار العود إلى 400 %, وقبل العام 2011 كان السعر يتراوح ما بين 80 و100 ألف دولار, وبعد دخول اليابانيين والصينيين في هذا المجال قفز سعره إلى 150 ألف دولار في مصدره.
عودة إلى سؤالك. أغلى قيمة دُفعت لي في الكيلو (50000) خمسون ألف دولار؛ لكي أتخلى عن ذلك العود، ويتم بيعه من قِبل جهة أخرى بأسعار أعلى بكثير من سعر السوق.
وفضلنا أن نبيع العود وفق سياسة السوق الخاصة بعبدالصمد القرشي، التي تتبنى مبدأ إتاحة المنتج لكل شرائح المجتمع بأسعار مناسبة ومعقولة. وبعد هذا الموقف أصدرنا قراراً في الشركة، يفيد بأن لا يتم بيع أكثر من كيلوين للشخص أو الجهة الواحدة؛ حتى لا يتم احتكار المنتج ورفع سعره.
أما بالنسبة لأغلى كيلو عود بخور اشتريته من نوع (كنام) نسبة إلى شجرة كنام، وموطنه ثلاث دول، هي كمبوديا وفيتنام والهند, واشتريته من الهند من رجل يعرف جد جدي، يمتلك 5 كيلو, اشتريت الواحد بمبلغ 250 ألف ريال سعودي (64 ألف دولار), وخلال السنتين القادمتين سيرتفع سعره إلى 450 ألف ريال في مصدره.
* كيف تعاملتم مع العود الهندي بعدما منعت الحكومة الهندية بيعه إلا عن طريقها؟
- نعم، اليوم توجد اتفاقية عالمية لحماية الحياة الفطرية والنباتات تسمى (سايتس).
هذه الاتفاقية وقعت عليها المملكة, وتقضي بأن تقوم الحكومة الهندية بسجن من تجد لديه كمية من العود دون تصريح لمدة 10 سنوات.
* لِمَ هذا الارتفاع في سعر العود؟
- الارتفاع يعود لسببين: الأول ندرته واحتمالية انقراضه وقيمته التاريخية, وأيضاً صعوبة الحصول عليه، والخطر الذي يحيط بالباحثين عنه؛ لوعورة مناطق وجوده، وصعوبة المناخ والأراضي التي تنبت فيها الأشجار المستخرج منها؛ فتلك الغابات نهارها مظلم تماماً، وتوجد فيها حيوانات مفترسة، بما يشكل خطراً حقيقياً على الإنسان. والثاني هو دخول شركات يابانية وصينية في مجال صناعة العود الذي يستخدمونه لأغراض دينية ومعتقدات خاصة بهم.
* هل العود مهدد بالانقراض؟
- إذا تم الالتزام وتفعيل معاهدة "سايتس" المعنية بالحفاظ على حياة أشجار العود فلن تنقرض إن شاء الله. فبانتهاء الأشجار المصابة بالفطريات المسببة للعود في الهند تكون قد نضجت في كمبوديا، وهكذا, وترجع دورتها من 10 إلى 15 سنة للهند مرة ثانية.
فالعود أساساً عبارة عن مرض يصيب الشجرة؛ فتتكون فطريات تنتج هذه الرائحة سبحان الله. إذا أصاب المرض ما تحت الأرض (الجذور) تموت الشجرة, أما إذا لم يصل إلى تحت الأرض فيتم أخذ ما فوق الأرض وترك الجذور لتطلع الشجرة مرة أخرى خلال 10-15 سنة كما ذكرت.
الكثير من الناس لا يعرف تفاصيل صناعة العود؛ لذلك قررنا في "عبدالصمد القرشي" إعداد منهج علمي لهذه الصناعة العريقة التي امتهناها منذ أكثر من 150 عاماً؛ لذلك سنفتتح - بإذن الله - في أحد المراكز التجارية الكبرى بجدة أول فرع يوظف العلم في هذه الصناعة؛ حيث يحتوي على مادة علمية متكاملة، نعمل من خلالها على تثقيف الزائر بأسماء العود المختلفة، ومن أي شجرة، وليس باسم الدولة أو المنطقة كما هو متبع على نحو غير دقيق. ونستعرض أيضاً كيفية تركيب العطر ومنبع كل رائحة نسبة إلى اسمها.
فهذه حرفتي ومهنتي أباً عن جد؛ لذلك من واجبي السعي إلى خدمتها وتطويرها؛ لأن هناك دخلاء كثراً على المهنة، أرادوا الربح فقط، ولم يريدوا خدمة هذه المهنة.
* بصفتك صاحب شركات عقارية, ما نظرتك لمستقبل العقار في مكة تحديداً، وفي المملكة بشكل عام؟
- أنا لست بارعاً في العقار بشكل كبير, ولكن العقار هو الابن البار، وهو الكائن الذي يمرض ولا يموت.
المؤشر لقياس العقار في السعودية قياساً بالطفرة العقارية في الدولة هو الحديد؛ فإنتاج المملكة من الحديد 7 ملايين طن سنوياً, واحتياج السوق 11- 12 مليون طن, إذاً الفرق 4 ملايين، بما يشكل 60 % من نسبة احتياج السوق. إضافة إلى أن الدراسات تفيد بأنه خلال السنوات الخمس المقبلة سيرتفع حجم الطلب على الحديد إلى 26 مليون طن في العام. نستنتج من ذلك أننا مقدمون على طفرة هائلة في مجال الحديد والعقار بشكل عام؛ لذا قمنا بإعداد دراسة لإنشاء مصنع للحديد، وسنبدأ التنفيذ قريباً.
وإذا نظرنا إلى الاحتياج للحديد على مستوى العالم سنجد أن هناك ركوداً في هذا السوق، بعكس ما هو حاصل في المملكة - ولله الحمد - حيث إن البنية التحتية التي تعمل الدولة من أجلها تبنى بشكل سليم؛ ما يعود بنتائج جيدة مستقبلاً.
أما بالنسبة لمكة المكرمة فلا تقاس ببقية مدن المملكة؛ لأسباب عدة، أهمها الإزالات الضخمة والتوسعة الضخمة التي أمر بها سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وبمتابعة دقيقة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، الذي هاجسه الأول أن يرى مكة المكرمة نموذجاً للعالم الأول.
وبالتالي فإن مكة المكرمة ليس لها قياس؛ لأن أسعار الأراضي اليوم في مكة اختلفت جذرياً؛ المتر الذي كان بـ 6000 ريال قفز في سنة واحدة إلى 13 و14 ألف ريال؛ لأسباب استراتيجية, منها نزع ملكيات 2500 عقار وتعويضهم عنها؛ وبالتالي هذه سيولة لدى المستهلك. ولكن ستعود لتعدل مسارها خلال السنوات المقبلة الخمس.
بالنسبة إلى بقية مدن المملكة فالعقار يظل في أدنى مستوياته من حيث القيمة, وأعتقد أن هذا سيتغير أيضاً خلال السنوات الخمس المقبلة.
* كيف أثرت سيرة والدكم المرحوم - بإذن الله - في حياتكم؟
- رحمك الله يا أبي؛ كان الصديق والأخ الأكبر والأب الموجِّه, وكان يوجِّه أبناءه بالصدق والأمانة ومخافة الله. عندما وصلنا إلى سن الرشد (17-18سنة) كان يعطي كلاً منا رأس مال، وينزله إلى السوق للعمل, ودخول معترك الحياة والتجارة للتعلم والاستفادة من الأخطاء بتوجيهه لنا - رحمه الله - حتى تعلمنا وعرفنا قيمة الريال الذي فقد الكثير من قيمته اليوم للأسف الشديد.
ولم يكن - رحمه الله - يسمح لنا بتغيير السيارة إلا بعد مرور عشر سنوات على الأقل من اقتنائها والاستفادة من قيمة السيارة الجديدة في استئجار محل جديد يشكل رأس مال. والله سبحانه العاطي، وأسأله أن يجعلنا من الشاكرين لنعمائه.
وفي الختام أود أن أقول إن شهادتي في صحيفة الجزيرة مجروحة؛ لأنها من الصحف القوية على مستوى المملكة العربية السعودية، التي ينظر إليها التاجر نظرة خاصة، وينظر لها القارئ نظرة عامة.
فالجزيرة تعني لنا الشيء الكثير، وأتمني لها المزيد من التقدم، كما أتمنى لأسرتها التوفيق.
****
ضيفنا في سطور
- ماجستير إدارة أعمال - جامعة بيتر بورو- بريطانيا.
- بكالوريوس إدارة أعمال - الجامعة الأمريكية - بيروت.
- الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات ومصانع عبد الصمد القرشي وشركات عدة أخرى.
- المدير التنفيذي لشركة بيتي للتطوير العقاري والعمراني.
- عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة (1426-1431هـ).
- رئيس مجلس إدارة مركز مكة لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة (1426-1430هـ).
- رئيس مجلس إدارة لجنة إصلاح ذات البَيْن (مركز يسر للأسر المكية).
الجوائز الحاصل عليها:
- الاتحاد الأوروبي الماسية للجودة النوعية - باريس 2011م.
- الاتحاد الأوروبي للجودة والإنتاج - لندن 2011م.
- التميز بالإدارة وإدارة الأعمال - الولايات المتحدة الامريكية 2011م.
- جائزة CEOs القادة الذين ساهموا في تغيير الأعمال - الشرق الأوسط 2012م.