مع الإنجاز في حياتنا تتباين مواقفنا في الاختيار، كوننا نبحث غالبًا عن الأفضل والأجمل والأكثر تأثيرًا.. وهو أمر جيد إذا لم يسرقنا من الهدف الأساسي وهو الإنجاز بفاعلية وخلال وقت أقل..
إلاّ أنّ هذا البحث المضني والدقيق حد التطرُّف قد يتحوّل إلى فخ نسقط فيه، لنجد أنّ من كانوا في صفنا حثوا الخطى وساروا حتى سبقونا ونحن في معمعة أيها أفضل..؟
والمثير في الأمر أنّ أفكارك التي كنت تتبنّاها تتشابه مع أفكار قدمها وسيقدمها غيرك، كون الأفكار لها خاصية التخاطر ونفس ما تفكر فيه الآن قد يمر بخيال غيرك..
والإنجاز الذي ظننته فريداً من نوعه أصبح قديماً مقارنة بما هو متاح..!
والخيبة الكبيرة تكمن في انطفاء شعلة الحماس التي لم نأخذ بها فورًا إلى التطبيق، لأنها تموت إن لم تسمو بها يد الإنجاز لتزداد اشتعالاً وتوهُّجًا حتى تنطلق بنا لمصاف النجوم..
وبالتالي فإنّ ذبول الفكرة يؤلم النفس لأنها فرصة فرّت من أمامك وأنت تستطيع أن تمسك بها.. ومشاهدتها تحتضر بين يديك يشعرنا بالذنب تجاه الذات..
ومع الوقت تخلق عادة سيئة من المشاعر الانهزامية التي تجذب الهمّة نحو الركون لنفس المكان، لأنك فقدت القدرة على الدهشة فلا شيء يثير حماسك أو فضولك..
كمن رحل صاحبه والصمت يلفه لأنه يحاول أن ينتقي أكثر الكلمات تأثيرًا، فأصبح المكان خالياً وهو أخرس كأنما وجعه في موعد مسبق مع الانهيار وحيدًا!
عندما نحتاج أن نتحرك، فإنه من ضعف التقدير أن نضيع الوقت في الرتوش.. في حين أنّ الجوهر ثمين ونادر..
كم علاقة انتهت لأنك أضعت الوقت في تخيُّل طريق الرجوع!
كم موهبة فقدت صوتها في داخلك لأنك حددت لها عمرًا تنطلق فيه وهي فتية يقهرها سجن التأجيل..!
كم كلمة حبستك عن مصير جميل وقد كان يكفي حينها أن تقول: نعم.
من يتردّد يخسر فعندما لا تتحرك في أقل الأحوال لن يحدث شيء.. لكن كل ما حولك يتحرك ويمضي..
بعض الأمور في حياتنا كالتنفس.. من الضرورة فعلها حالاً وبسلاسة.. حتى لا نفقد قدرتنا على التركيز ثم الحركة ونتلاشى..
فإن كان لك على رف التأجيل مهمّات وقرارات.. فقد آن وقت تحريرها..
amal.f33@hotmail.com