كلمة بنك أصلها إيطالية (بانكو) وتعني المصطبة التي يجلس عليها الصرافون لتحويل العملة، ثم تطور المعنى إلى أن أصبح يعني المكان الذي فيه المنضدة وتجري فيه المتاجرة بالنقود.. وتقبل الودائع بشتّى أنواعها ومن ثم تمنح في شكل قروض وسلف لفئات أخرى تحتاج المال لأهداف متنوعة.
والحقيقة أن كلمة (بنك) تسبب صداعا مقلقا لأنها مستودع الثروة للمواطنين وعند سماع الأزمات العالمية وانهيار (إفلاس) عدة بنوك تكون الكلمة عاملا سلبيا يخالج تفكيرنا.. ناهيك عن أخطاء عابرة أو قرصنة (شبيحة) إلكترونيا أو عن طريق نقاط الخدمات المالية (مكائن الصرف) هذا كله في عالم المال والاقتصاد.
لكن هناك بنوك خاصة من نوع آخر بعيداً عن بريق (المال) تقابلنا ونتعامل معها صحياً فهناك بنك الدم وما يخفي ورائه من فوائد إيجابية في إنقاذ حياة مريض بأوقات عصبية.. فقد يعيد أمل الحياة (بعد الله) إلى مرضى منومين.. وهو يصرف عملة إنسانية لا تقدر بثمن تعرف (بقطرة الدم).
لكن لهذا البنك وجّه سلبي فقد يصيبه (اضطرابات) وتشوهات لأنه يحتاج ليس إلى حراسة فقط ولكن تقنية تسهم في بقاء محتويات البنك بصورة إيجابية.. أما حكاية هذا البنك فلها قصة أخرى.. فقد يكون هذا (المستودع للدماء) بؤرة مرض وناقل لمجموعات فيروسات.. إلى جانب أن فصائل الدم عالم منوع بين الكريم والبخيل والمستقبل والمعطي.. تعرف من خلال رموز وحروف تكشفها لنا (خريطة شبكة أنواع الدم).. وبنك الدم يحتاج إلى الدعم المستمر من خلال حملات التبرع بالدم في كل دولة.. وإلا تعرض للإفلاس (لا سمح الله) وربما الانهيار.. كما هو الحال في البنوك المالية.. وهنا تكون الكارثة الصحية ونحن ننطلق من شرعنا الذي يفيد بأن من تسبب في حياة نفس فكأنما أحيا الناس جميعاً.. وجميل ما تفعله الدولة خاصة دولتنا من منح أوسمة لمن يتكرر تبرعهم بالدم لعدة مرات وهو يدخل ضمن العمل الإنساني والتطوعي.
وهناك بنك صحي لم (يولد) لدينا حتى الآن ولم نحتفل به.. لكن فكرته تم مناقشتها من قبل أطباء استشاريين مختصين من أبناء الوطن. ويرون ضرورة وجوده لأسباب اجتماعية وإنسانية وهو ما يعرف (ببنك الحيوانات المنوية) ولكن هذا الطرح يحتاج موافقة شرعية من صاحب الفضيلة سماحة المفتي عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - حفظه الله -.
ويستفيد من هذا البنك فئات عديدة ومنهم بعض من يعانون أمراض تناسلية أو يعالجون من أورام سرطانية (شفاهم الله).. لأن الأشعة والعلاج الكيماوي ربما قتلت الحيوانات المنوية وأصبحت فيما بعد غير قادرة على الإنجاب.. ومفهوم البنك هو حفظ حيوانات الرجل المنوية في بنك خاص.. يخضع لحراسة إلكترونية وبرمجة تقنية ومن ثم يمكن الرجوع إلى الحيوانات والاستفادة منها في عملية التلقيح الصناعي وما يعرف (بطفل الأنابيب).. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المرضى يذهبون إلى خارج الوطن لتخزين حيواناتهم في بنوك هناك بعد نصح الأطباء.. ومع هذا فهناك نظرة سوداوية من البعض أن هذا النوع من البنوك قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب والمواليد والتبعية وربما تحدث أخطاء بشرية لا يمكن السيطرة عليها.. وهو يحتاج إلى (حكومة صحية) متكاملة.
وأنا أتساءل هل يمكن من خلال هذه البنوك أن تحمل الزوجة بعد وفاة الزوج.. هنا تكون المشكلة التي لم يقدرها الأطباء، لذا يفضل التخلص من الحيوانات الخاصة بالمتوفى.
أما القضية الأخيرة فهي تحديد (الجنس) من حيث النوعية فهناك دول عالمية لا تؤيد هذا التدخل في تحديد النوعية. ونحن كمسلمين نقرأ ونطبق إرادة الله في قوله تعالى لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أو يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ .
لكن هناك دول أخرى وربما مستشفيات خاصة تحاول أن تساعد (الزوجين) في تحديد الجنس الذي يريدون إذا رغبا في ذلك!! من لديه بنات يرغب بولد والعكس صحيح.. وهنا يطرح تساؤل هل هذا التوجه الطبي خاطئ؟؟!! ويتعارض مع الفطرة؟! والآية الكريمة..
أرجو من علمائنا الكرام البحث في هذا الموضوع لمعرفة هل هناك مدخل شرعي يجيز ذلك في ظل الثورة الطبية والتقدم العلمي ومراكز الأبحاث التي تسعى لسعادة الإنسان.
وفي الختام أشعر بأن هذا الطرح ربما يكون نادراً لكن أحببت أن أحرك المياه الراكدة للوصول إلى رؤية وقرار صادق وحكم شرعي للعنوان من خلال حوار هادئ راجياً لجميع المرضى الشفاء العاجل والتوفيق لكل من أسهم في صنع مساحة صحية جميلة وفكر راق يسعد المواطن المحتاج وإلى اللقاء.
Rasheed-1@w.cnالرس