الحياة -بحلوها ومرها- لا تعدو أن تكون رحلة قصيرة جداً، ومحطة للعبور التي يكتنفها الكثير من الغموض، مما لايستطيع أي منا أن يدّعي بأنه يعرف أسرارها طال بنا المقام فيها أو قصر، فالحياة والموت إنما هي بيد الخالق سبحانه وتعالى، والإنسان لا يعرف بأي أرض سوف يموت ولا متى ولا كيف، وتلك سنة الله، غير القابلة للاجتهاد أو التفسير، وإنما يقتضي الإيمان بالله التسليم بها والاقتناع بأن هذا قضاء الله وقدره.
***
ومع كل مفاجأة ترن في آذاننا أو تصل إلى مسامعنا، بموت قريب أو صديق أو زميل أو رفيق درب، ينتابنا على الفور الشعور بالألم والحزن وانكسار الخاطر، ونستذكر حينئذن السجايا والخصال الجميلة، ونترحم مع دموع حرّى على من غابوا عنّا، مؤمنين بأن هذه نهاية حياة كل إنسان، وأنه درب ممهد للجميع للانتقال من الدار الفانية إلى دار البقاء والخلود.
***
ومساء أمس - وأنا خارج المملكة - كانت صدمتي وحزني كبيرين بوفاة الزميل والصديق ورفيق الدرب سليمان محمد العيسى الذي تعود معرفتي وزمالتي معه والصداقة التي تجمعني به إلى ما يزيد على أربعين عاماً، تخللتها الكثير من المواقف، وصاحبها ما يمكن أن أصف به الراحل العزيز بأنه كان على خلق ووفاء وصدق، وإنه في نبله وتواضعه ودماثة خلقه، كان نعم الرجل الذي يشكل غيابه خسارة للإعلام ولمحبيه.
***
كان الفقيد منذ تخرجه في جامعة الملك سعود مولعاً بالإعلام، شديد الاهتمام بالصحافة وبكل ما ينشر فيها، بل إن علاقته بالصحافة سبقت حصوله على الشهادة الجامعية، محرراً صحفياً وكاتباً ومسؤولاً في بلاطها، وقد قاده هذا الاهتمام إلى تحديد وجهة عمله مبكراً ودون تردد إلى وزارة الإعلام مذيعاً ومقدم برامج وفي مواقع إعلامية مختلفة بعد تخرجه في الجامعة, وكان في عمله ذو حضور مميز، فكان أن كوفئ وقدِّر من ولي الأمر بصدور الأمر الكريم بترقيته إلى المرتبة الممتازة، حيث ظل يعمل بالديوان الملكي إلى أن وافاه الأجل المحتوم.
***
رحم الله أبا محمد، وأسكنه فسيح جناته، وأحسن الله عزاء أم محمد وأبنائه وبناته وإخوانه وأخواته وأسرته الكريمة.