عد الدكتور عبدالله بن محمد الجوعي الأستاذ المشارك بقسم الرياضيات بجامعة الملك سعود المعلم حجر الزاوية في التعليم وقال أعول كثيرا على دور المعلم في التعليم بشكل عام، وأعده حجر الزاوية وقطب الرحى في مستوى مخرجات الطلاب، مضيفا القول وبلغة رقمية، إذا كانت البيئة التعليمية والكتب ووسائل التعليم تستأثر بـ40% من الأثر على مستويات الطلاب العلمية، فإن المعلم - في تقديري - يحظى بالـ60% الباقية وتابع قائلا يلحظ على معظم المدارس الأهلية تغليب الجانب المادي على الجانب العلمي، فأهم معايير اصطفاء المعلم لديهم قلة التكلفة وضعف المرتب، وهذا ينعكس سلبا على كفاءة المعلم أو على الأقل يحجم أداءه وحماسه، الأمر الذي يقود بالضرورة إلى ضحالة المستوى العلمي للخريجين ومضى الدكتور الجوعي للقول هنالك عرف عند كثير من أولياء الأمور، وهو اختيار مدرسة أهلية «كريمة» يتخرج فيها الأبناء بمعدلات متضخمة يدفع ضريبتها أساتذة التعليم العالي ولذا فمن المهم اختيار المعلم المتميز ورفع كفاءته وتطوير مستواه، وفي الوقت ذاته، توعية شرائح المجتمع بضرورة تلقي تعليم جيد يسهم في تأهيل الطالب لمواجهة الدراسة الجامعية والحياة العملية من بعدها وتظل عناصر العملية التعليمية منظومة متكاملة لا يجوز العناية بجزء منها بمنأى عن بقية العناصر، وأكد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود قائلا إذا لم نستطع أن نزرع الدافعية لدى المعلم فإنه سيقوم بعمل روتيني «تحلة القسم»، وربما اختصر المقررات إلى النصف أو حتى إلى الثلث، وبما أن الاختبارات لم تعد مركزية فقد يوحي لطلابه بالأسئلة حتى يحصلوا على معدلات عالية متضخمة لا يكشف زيفها إلا الاختبارات المعيارية المقننة كاختبار «قياس» مثلا مشيرا إلى أنه ومن واقع التجربة نعاني كثيرا من المستويات المتدنية للمستجدين في الجامعات، ولاسيما في التخصصات العلمية، كالرياضيات والعلوم التي يجزم من خاض تجربة تدريسها في الجامعة بأن الطلاب لم يتلقوا شيئا يذكر حتى الأساسيات! وعلى النقيض من ذلك فهنالك مدارس أهلية متميزة ليس في مبناها فحسب، ولكن في كفاءة معلميها، فهي تضع المعايير العلمية نصب عينيها، فلا يتخرج فيها إلا طلاب مميزون حقا، ولكنها قليلة بكل أسف. مضيفا أنه يبقى الدافع المادي مهما ومؤثرا في عطاء الموظف بعامة والمعلم بشكل خاص، ثم الدورات التطويرية المفيدة، والتقويم الموضوعي، وربط الحوافز الإضافية بالإنجاز واتميز، ولعل القطاع الخاص يعد أنموذجا للتحفيز بقدر الإنجاز لأن العائد المادي من أولوياته، ورأى أن زيادة رواتب المعلمين خطوة إيجابية مباركة، وستسهم في رفع الحماس لدى المعلم ليعطي أقصى ما لديه، ويشعر بالأمان الوظيفي، وتظهر بالتالي إبداعاته وتميزه، وهذا بكل تأكيد ينعكس على تفوق الطلاب وتميزهم، ومن جهة ثانية يتيح مجالا للتنافس بين المتقدمين للمدارس الأهلية من الوطنيين، ومجالا للانتقاء والمفاضلة، فلم تعد المدارس الأهلية مرغوبا عنها، وإنما هي فرصة للخريج الجديد لصقل مواهبه وإثبات ذاته في ظل حوافز مشجعة.وألمح الدكتور عبدالله ربما يكون طرحي هنا مثاليا: وهو ناتج من قناعتي بأن التعليم والصحة إذا تحولتا إلى تجارة صرفة أفسدتهما، فأعتقد أن من واجب وزارة التربية والتعليم تكليف مؤسسات مستقلة لتقويم المدارس الأهلية لتحقيق معايير مهنية محددة، يكون في أولوياتها كفاءة المعلم، ولا يسمح للمدارس الأهلية بالاستمرارية ما لم تحصل على الحد الأدنى من تلك المعايير كما ينبغي أن تسهم تلك المؤسسات في الرسوم المستحقة بناء على المعايير ولا تترك لجشع المستثمرين.أما الواقع فسيقود إلى تحول عدد من المدرس الأهلية إلى مراكز تجارية تبيع التأهيل وتمنح الشهادات بمعدلات مرتفعة من غير عناء، وقد وصل الحال ببعض مدارسنا الأهلية اليوم أنه بمجرد تسجيلك ودفع الرسوم تحصل على الشهادة المشرفة. واختتم الدكتور الجوعي أعتقد أن الواقع المتردي في كثير من المدارس الأهلية يدعمه توجه عام لا يمكن إغفاله، فالمعلم اليوم يصعب عليه أن يخفق طالب في مادته لأن ذلك سيجعله يعوم ضد التيار، فيبدأ الضغط عليه من زملائه ومديره وولي الأمر والطالب ولا يزالون به حتى تكون نسبة النجاح 100% وهي نسبة تخالف أبجديات التوزيع الطبيعي! كما أن العدوى امتدت إلى المدارس الحكومية التي باتت تمنح الدرجات مقابل تزويد المدرسة بالوسائل والمستلزمات والإعانة في ترميم المدرسة وما زلت أذكر أن مدرستنا الابتدائية احتاجت إلى تغطية ساحة الملعب بـ»البحص» ولم تقو ميزانيتها على ذلك مما حدا بالمدير أن يطلب من بعض الأثرياء عمل ذلك، وبالفعل تم ذلك، لكن النتيجة أن أبناءه أصبحوا متفوقين بين عشية وضحاها!! وهذه الحادثة كانت نشازا في ذلك الوقت.