ساد في الفترة الأخيرة ظاهرة الاتفاقيات الأكاديمية، وأصبحت الجامعات السعودية تتنافس مع بعضها للحصول على أكبر عدد من الاتفاقيات حتى لو كانت مع معاهد منزوية في أقصى الشرق الآسيوي، أو جامعات أوروبية مغمورة، أو مع أكاديميات ملحقة بالجامعات الأمريكية غير الموصى بها.. كلفة مالية على الدولة وخسائر في الوقت والمال والجهد ودعوات لموظفي العلاقات العامة في الجامعات الأجنبية، وتذاكر طيران وانتدابات ورحلات مكوكية سياحية بين القارات لموظفي وعمداء الكليات السعودية بحثا واستجداء عن اتفاقيات في تخصصات أصلا الجامعات لا تعمل بها، وليست ضمن مجالها الأكاديمي، مع تقديري الكامل لجميع تخصصات الجامعات..

وبالمقابل تعيش الجامعات السعودية حالة من العزلة والانفصال عن بعضها وكأن جامعاتنا جزر معزولة أو قلاع وحصون لا تخترق تناهض بعضها البعض. فبدلا من أن نعزز الاتصال بين الجامعات أصبح هناك تنافس محموم وتحد غير حميد، فالجامعات لا تعترف ببعضها من ناحية السجل الأكاديمي, والضحية هنا وزارة المالية التي تتحمل المصاريف الإضافية وأعباء نظام الجرز المعزولة, وكذلك الطالب الذي يضطر إلى إعادة دراسة نفس المواد ولسنوات، وإعادة دراسة التخصص من جديد لأن الجامعة الأخرى لا تعترف بنتائج ولا بالسجل الأكاديمي للجامعة السابقة..

لا أحد يعترف بالآخر فبدلا من أن توقع الجامعات اتفاقيات مع الجامعات العالمية الأفضل لها أن توقع اتفاقية البرامج الأكاديمية المشتركة في الداخل لمصلحة الطالب والكليات ومنعا لهدر الأموال وتحميل الدولة والطالب الخسائر المالية.

تحولت الجامعات إلى أملاك خاصة لمدير الجامعة وحدائق خلفية لا يمكن مساسها, لا يستطيع أحد الوصول إليها أو الاقتراب منها, وأصبحت الجامعات أشبه بقلاع مسيجة يصعب اقتحامها وهذا على حساب العمل الأكاديمي والطلاب وأعضاء هيئة التدريس وأموال الدولة المهدرة على برامج الوهم الأكاديمي.

أليس من الأفضل قبل الانفتاح على العالم أن ننفتح على أنفسنا ونفتح أسوار وأبواب جامعاتنا للتعاون الداخلي وما نسميه خدمة المجتمع, وحل مشكلاتنا بالداخل بدلا من التظاهر والوجاهة العالمية التي تنهي -الاتفاقيات- إلى الأدراج والغرف الأكاديمية المغلقة في الدراسات العليا والشؤون التعليمية والأكاديمية؟