ليس أجمل من أن تتمنى، تتأمل وتنتظر أمراً ما قادماً في الأفق هو منك على مرمى موجةٍ أو موجتين لبحر ساحرٍ، هادئ يفيض بالأحلام..
قد تكون بانتظار خبر سعيد أو بانتظار إنسان ما، فما بالك إذا كان هذا القادم ليس إلا أُضمامة من حروف وكلمات ومعانٍ مرسومة على الورق كلها تأتي تحت مسمى “كتاب”..
منذ سنوات جمعتني الظروف بإحدى السيدات الجميلات المتميزات بالمعرفة والمشاعر المرهفة وشيء غير قليل من الثقافة، تحدثنا في أمور شتى حول الحلم والواقع، ما نريد وما لا نريد، وكأنما كنا نطوف طوال الوقت حول ذلك البيت الجميل:
جُننا بليلى وهي جنت بغيرنا
وأخرى بنا مجنونة لا نريدها
سألتني هل قرأت كتاب “الرجال لا يعرفون الحب” باللغة الإنجليزية أجبتها بالنفي، أضافت بإصرار: لابد أن تقرأيه..
يومها بحثت عن الكتاب في بعض المكتبات، ولعل أموراً أخرى أشغلتني، لكن حتى هذه اللحظة، كلما استعدت المحادثة بيني وبينها وجدتني في شوق ولهفة لقراءة الكتاب، لكنني لازلت لم أطلع عليه ولم أجده!
فرقتنا الأيام وابتعدنا، أحياناً أفكر في سؤالها فأتردد محدثة نفسي: لعلها انشغلت كثيرا ً ولعلها نسيت الموضوع من أساسه..
يبدو العنوان طريفاً لكل من يستمع إليه أو يقرؤه للمرة الأولى أتذكر أنني ذهبت يوماً إلى إحدى المكتبات وكان في مكتب الاستقبال اثنان من الموظفين من جنسية غير سعودية، حالما سألتهما عن الكتاب التفت كل منهما إلى الآخر وضحكا ضحكة قصيرة خيّل إلي ساعتها أن كلاً منهما قال: ومن قال ذلك؟ بل نعرف!
وربما أن أحدهما تساءل مندهشاً فوافقه الآخر على فكرته..
أما سر بحثي وإصراري فهو طرافة العنوان كما أسلفت إضافة إلى أن هذا الأمر هو حقيقة موجودة لدينا فالكثير من الرجال في مجتمعنا العربي والمحلي على وجه الخصوص لا يعرفون هذه الأحاسيس وربما لو وَجَدت هذه الأحاسيس طريقها إلى أعماقهم فهم لا يملكون القدرة على التعبير عنها لنسائهم بالمعنى الشاعري الدافئ، وحين لا يتم التعبير بالكلمات أو الفعل الجميل، عندها يتساوى وجودها من عدمه..
لعل الدهشة تنتاب بعضكم أو الأغلبية منكم حول حديثي هذا الذي قد لا يكون وقته مناسبا وأنا أقدّر ذلك، حيث أعلم تماماً أن عالمنا يعيش تغييرات سياسية واقتصادية كبرى، لكنها مجرد خاطرة طافت بذاكرتي وأردت التعبير عنها لتكون استراحة هذا الأسبوع فقد أنهكتنا أخبار الحروب والهزائم..
أوجعتنا مشاهد القتل و(التقتيل)، أرهقتنا الهزائم والمصائب هنا وهناك، بشكل عام أرهقتنا السياسة.