تخرَّج بشهادة دبلوم في الحاسب الآلي، وبحث عن وظيفة ولم يجد، فقرّر أن يفتتح محله التجاري حتى ولو كان محلاً صغيراً. نصحه صديق له بأن يستبعد هذه الفكرة من رأسه لأنها لن تنجح،
وسرد له قصة ابن عمه الذي افتتح له محلاً في نشاط بيع الملابس الجاهزة ولم ينجح لأنه واجه تكتلاً من محلات مشابهة تديرها عمالة تحت باب التستر إلى درجة أن هذه العمالة كانت تبيع أسعار الملابس بخسارة وهي في الحقيقة ليست خسارة إذا تم توزيع هامش الخسارة بين محلات العمالة. لم يستمع لنصيحة صديقه مقتنعاً بأن التجارب تختلف من شخص لآخر.
افتتح محله الصغير وكان بجانبه محلان آخران يمارسان نفس النشاط يديرهما عمالة من جنسيتين مختلفتين. في السنة الأولى من نشاطه التجاري كانت الأمور طيّبة. كان الزبائن يفضّلونه ويدعمونه لأنه شاب سعودي يدير محله بنفسه. في السنة الثانية بدأت الحرب عليه من المحلين المنافسين اللذين كانا يبيعان منتجات الحاسب الآلي بأسعار التكلفة. اضطره ذلك إلى أن يبيع مثلهما بسعر التكلفة. بعدها بأشهر أصبحا يبيعان بسعر أقل من التكلفة. أدرك أنهما يتحالفان ضده ويتقاسمان الخسارة بينهما. امتدت الحرب إلى أنهما أصبحا يبيعان بخسارة بطريقة لا يستطيع أن يتحمّلها. في السنة الثالثة لم يستطع المقاومة لأنه استدان مبالغ عدة من أهله وأصدقائه. بالإضافة إلى أن هذا المحل هو دخله الوحيد.
أقفل محله الصغير، وسجّل في حافز، وبدأ رحلة مضنية في البحث عن وظيفة.
وعودة إلى عنوان المقال، أقول لو كنت وزيراً للعمل لركّزت جهودي في قطاع التجزئة وكل ما يشملها من محلات تجارية في أي نشاط سواء كانت بقالة أو قطع غيار أو ملابس، ولطالبت بوجود موظف سعودي في أي محل تجاري لأن من ذلك شأنه أن يحقق شيئين:
الأول: توظيف مواطنين سعوديين في مثل هذه المحلات سيفتح لهم مجالات أخرى قد تعينهم فيما بعد على البدء في ممارسة التجارة بشكل منفرد.
الثاني: القضاء على التستر بكافة أشكاله.
وقبل ذلك كله، الأهم في نظري استعادة النشاط التجاري ويعود كما كان قبل الطفرة يدار بأيد وطنية، لأن في استعادته ستجد الشاب الذي يود العمل ويرحب به.
Tmadi777@hotmail.com