أدهشني تصريح وزير الزراعة د. فهد بالغنيم بأن من أولويات الإستراتيجيَّة الوطنيَّة الزراعيَّة المنتظر إقرارها مضاعفة إنتاج اللُحُوم الحمراء بهدف خلق استقرار بأسعار الأغنام والإبل، وهو ما سيخلق استقرارًا آخر لأسعار الدواجن، بما يناقض إعلان وزارة المياه عبر صفحة كاملة بجميع الصُّحف يظهر خروفًا أشبه بخزان ماء، محذِّرة من تربيَّة الأغنام بدعوى استهلاكها كميات هائلة من المياه!

وبرغم ذلك التحذير؛ فإنني ما فتئت أنادي بالاعتماد على الإنتاج المحلي بالزراعة وتربيَّة الحيوانات اللاحمة والدواجن حتَّى لو أدى الأمر

إلى الاستعانة بتحليَّة مياه البحر، فكل فترة يواجه المستهلك ورطة ارتفاع الأسعار الغذائيَّة دون اتِّخاذ إجراءات من لدن المسؤولين تخفف من وقعها على متوسطي الدخل، فالمجتمع يعيش حاليًّا أزمة طاحنة بسبب ارتفاع أسعار الدجاج.

وبحيلة الضعيف لجأ بعض المواطنين لإطلاق حملة مقاطعة الدجاج تحت عنوان (خلوها تعفن) لإجبار المنتجين على تخفيض الأسعار بعد أن قفر سعر الدجاجة الغبيَّة من ستة ريالات إلى ثمانيَّة عشر ريالاً! حيث اتجه معظم النَّاس لاستهلاكها بعد الارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم!

والعجيب أن وزير الزراعة لم يُخفِ علمه بأن متوسطي الدخل لم يعودوا قادرين على شراء اللُحُوم (المحليَّة)! ولكنَّه اندهش واستغرب من وصول أسعار بعض اللُحُوم (المستوردة) لأكثر من خمسين ريالاً، وإني لأعجب من عدم علمه بذلك وقد أوكل له قائد البلاد هذه المهمة! بَيْدَ أنّه خرج من الإحراج كعادة بعض المسؤولين -في مثل هذه الأزمات- ونصح النَّاس بالبحث عن البدائل، فما بديل الدجاج؟ هل هي اللُحُوم الحمراء التي فاق سعر الكيلو منها ستين ريالاً أم الأسماك التي أصبحت أعلى من قدرة المستهلك متوسط الدخل أيضًا، برغم وقوع بلادنا من الشرق على الخليج العربي ومن الغرب على البحر الأحمر؟!

والحق أن المدرك يأسى على إسراف بعض النَّاس في الحفلات والمناسبات المختلفة والاستعراض باللُحُوم دون تناولها، ومن ثمَّ يسعون للتخلص منها بأيَّة وسيلة! ولطالما حذّر العقلاء من هذا السلوك السلبي الذي يتنافى مع أصول حفظ النِّعْمة التي دعا لها شرعنا الحنيف واتفق عليها ذوو النهى.

وتضامنًا مع الحملة بمقاطعة الدجاج (أكلاً وتحدثًا)! فضلاً عن ترشيد الاستهلاك؛ فإنني أعلن انشقاقي عن آكلي الدجاج حتَّى تنقشع الأزمة، وتعفو عنا الكتاكيت والصيصان التي طالما فجعناها بفقد أمهاتها حتَّى لجأت الشركات المنتجة للاستعانة بالفقاسات لتنشأ مجهولة الأبوين فلا يصلهم دعاؤها. ومنذ التخلي عن رقود الأمهات على البيض واستبدالها بالآلات وتلك الشركات تنعَّم بالأرباح!