بعض الدول الإسلامية تريد أن تتعامل مع المملكة وفق ما يُسمى بـ «فرض سياسة الأمر الواقع» فيما يتعلق بالحج؛ فهذه الدول تريد أن تحدد بنفسها عدد حجاجها وظروف سفرهم للمملكة وتتملص من تطبيق ما تم الاتفاق عليه في محافل إسلامية بشأن الترتيبات المتعلقة بالحج وكذلك الترتيبات التي وضعتها وزارة الحج والأجهزة الأخرى ذات العلاقة في المملكة من أجل سلامة وسلاسة ونجاح موسم الحج ومراعاة الأنظمة المطبقة في البلاد.
وقد حملت الأنباء في الأيام الماضية بعض المعلومات المقتضبة حول حاجَّات نيجيريات وصلن إلى المملكة بمخالفة للشروط التي وضعتها الجهات المسؤولة عن الحج، فتمت إعادتهن إلى بلادهن مما أدى إلى حدوث ردود فعل من الجانب النيجيري يمكن وصفها بأنها غير متفهمة لظروف الحج وظروف البلد، وبدت كما لو أنها محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع.
ولأن الخبر نُشِر أيضا عبر مواقع إعلامية عالمية فقد كانت بعض التعليقات استفزازية وغير مدركة لأبعاد الموضوع وكانت ـ ببساطة ـ تطلب من السلطات السعودية أن تتخلى عن دورها في تنظيم الحج وتترك الأمر لرغبات كل من يريد أن يأتي للحج بغض النظر عما قد يترتب على ذلك من آثار كارثية على بقية الحجاج.
ولنا أن نتخيل ما الذي سوف يحدث لو أن المملكة سمحت لكل من يريد أن يأتي إلى المملكة تحت غطاء «الحج»، سواء كان قادماً للحج بالفعل أو كان الحج مجرد ذريعة للدخول إلى البلاد ومن ثم التسرب إلى الداخل والتحول إلى عمالة سائبة غير نظامية أو حتى ممارسة أعمال إجرامية.
فمن حيث المبدأ لا يمكن للرقعة الجغرافية المحدودة لمناطق المشاعر المقدسة استيعاب كل الملايين التي ستفد برغبتها المطلقة إلى المكان، وسوف تقع حوادث كارثية بسبب الزحام والأوبئة، وعندها سترتفع أصوات الاحتجاج مرة أخرى ضد السلطات السعودية «التي لم تحافظ على أرواح الحجاج».
أما الأمر الآخر فهو أن من حق السلطات السعودية أن تحافظ على أمن البلاد وحمايتها، فليس سراً أن هناك الكثير ممن يأتون إلى المملكة كحجاج أو معتمرين أو زوار إنما يأتون في الواقع لأهداف أخرى لا علاقة لها بالحج ولا العمرة ولا الزيارة.
هؤلاء نراهم متكدسون في الشوارع في مكة المكرمة وجدة وغيرهما من المدن السعودية يرتكبون كل أنواع المخالفات.
إن من حق السلطات السعودية، بل من واجبها، أن تطبق بكل حزم الأنظمة على الجميع ليس فقط لحماية البلد وإنما لحماية الحجاج أيضا.
أما الدول التي لا يعجبها ذلك وتريد فرض سياسة الأمر الواقع فيجب أن تفهم أن السعودية لن تذعن لذلك من أجل أن لا يتحول موسم الحج إلى «فوضى» ولكي لا يحدث ما لا تُحمد عقباه.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض