قرأت ما كتبه أ. د. أحمد شوشان في صفحة وجهات نظر بالجزيرة ليوم الأحد 29-10-1433هـ بعنوان: «الصحة.. لماذا لا تتبنى نموذج العمل الصحي العالمي المعاصر؟» وللحقيقة أعتقد أنه لأول مرة يكتب أحد عن هموم وزارة الصحة بشكل منطقي وتخصصي يضع النقاط على الحروف ويتلمس للجرح فيضع يده عليه بدلا من أن نرى كل ما يكتب نقداً على الوزارة ورميها بالتقصير ونحن نعلم أن الوزارة بأعلى قمة هرمها وهو الوزير يعملون بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات لكن يبدو أن الطريق الذي تسير فيه الوزارة ينتهي بمفترق طرق وهنا المشكلة ومن خلال ما ذكره الكاتب فإنه وضع بتصور المختص بعض الحلول والخطط الإستراتيجية التي تنقل الوزارة وخدماتها التي هي حالياً موضع نقد وقصور إلى نموذج العمل الصحي العالمي المعاصر وهو انقلاب كلي في التوجه العالمي أهم ملامحه إعادة تنظيم الصحة الوطنية في كيانات رئيسة تقرر التوجه الإستراتيجي وتعد وتنفذ خطط العمل وطالب الدول التراجع عن الفكرة العلاجية وإحلالها بتوجه وقائي تطبيقي مهني يديره الخبراء والمختصون من غير الأطباء، والواقع الحالي الذي تسير عليه الوزارة هو تفريطها في غياب مراكز المعلومات الصحية مما قلب المعادلة ورسخ مفهوم أن العلاج هو المدخل لصحة الإنسان وأن المرافق الصحية هي لاستقبال وعلاج المرض وترك المجال لمسببات الأمراض دون مواجهة وقائية مما زاد معدلات هذه الأمراض وتفاقم الطلب على الخدمات الطبية حتى عجزت عن تلبية طلبات المرضى الهائلة مما سبب إرباكاً لوزارة الصحة وغضبة عارمة من الناس عليها وجلس كل يفكر في حالة إذا دخل خانة المرض فكيف سيكون مصيره. لذا أعتقد أننا حاليا نعيش عصراً مختلفاً يجب أن تخرج فيه وزارة الصحة من قوقعتها «المعالجة فحسب» يجب أن تغير الوزارة إستراتيجيتها فليست صحة فقط يجب أن تكون بحوثاً وخططاً وثقافة صحية، لأن الاستنتاج الموضوعي والعملي لما ذكره الكاتب الكريم هو أن مشاكل الصحة لدينا لا تعود بالضرورة إلى تقصير الوزارة في الأداء وإنما إلى خلل في جوهر التخطيط. لذا يجب على الوزارة تخصيص نصف هيكلها الإداري والفني للبحوث وذلك بالتعاقد مع شركات بحوث أجنبية متخصصة لتحديد الجو الصحي العام والأمراض وتحديد سبل مواجهتها واعطاء العمل البحثي وأولوية وآلية عمل جادة للقضاء على مسببات الأمراض العصرية التي تفشت مؤخراً وعلى سبيل المثال أمراض السرطان بشكل ملفت وأمراض الفشل الكلوي والرئوي وهذيدخل فيه الغذاء ومياه الشرب والتلوث والمصانع والمواد المصنعة ليمكن بعد ذلك تحديد الإستراتيجية الصحية الفاعلة والتي ستريح الوزارة وتخفض من اعتماداتها المالية التي تذهب هدراً. أما إذا بقيت الوزارة على هذه الحال التقليدية فعليها توفير أسرّة للمرضى بعدد السكان وتوفير المستشفيات في كل الأحياء ومع ذلك لن تتحقق الرعاية الصحية المطلوبة ولن تنتهي الشكاوى أو النقد لخدماتها. نريد وزارة عصرية فاعلة تلبي حاجة الوطن والمواطنين.
محمد المسفر - شقراء