عبارات التّبرم والشكوى من تعالي كثير من الموظفين في الدولة على المراجعين، ستظل تنطلق من أفواه الناس ألماً وحسرةً وضيقاً ما دام الموظف يشعر أن الوظيفة تشريف وليست تكليفاً، ويرى رئيسه في العمل يتعامل مع الناس بالأسلوب نفسه، بل مع موظفيه والعاملين معه، وما دام هذا الموظف المتعالي يصطدم بالأسلوب نفسه حينما يحتاج إلى مراجعة دوائر أخرى له فيها حاجة.
إن الأجر العظيم الذي بشَّر به الرسول صلى الله عليه وسلم من سعى في حاجة أخيه المسلم وفي قضاء حوائج الناس وحل مشكلاتهم وإنجاز أعمالهم لجدير بدفع الإنسان الواعي الحريص على آخرته إلى السعي الحثيث في هذا الطريق، فكيف إذا كانت خدمة الناس واجباً وظيفياً يتقاضى عليه الإنسان مرتباً مالياً قليلاً كان أم كثيراً.
لماذا يقتصر أسلوب التعالي الوظيفي على موظفي الدولة دون سواهم؟.. ولماذا تواضع كثير من أولئك الموظفين حينما انتقلوا للعمل في القطاع الخاص بصورة لافتة للنظر؟
ربما تتعدد الإجابات ويكون لكل إجابة منها نصيبٌ من الصواب، ولكن عدم استشعار الموظف لجانب العبادة في عمله الوظيفي يظل سبباً بارزاً في هذا الطريق.
أُقدم دورة التعامل الأمثل التدريبية فأُفاجأ في كل لقاء من لقاءاتها بغياب الهدف العبادي عن أذهان كثير من الموظفين في قطاعات الدولة المختلفة تبعاً لغيابه عن أذهان مسؤوليهم في العمل وأولياء أمورهم القائمين على تربيتهم في منازلهم، وعن أذهان معلميهم ومربيهم في مدارسهم.
) إشارة.. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.