|
تقرير - عوض مانع القحطاني:
تطوَّرت قواتنا المسلحة تطوُّراً مذهلاً بفضل ما سخرته له الدولة من دعم وتشجيع لجعل قواتنا المسلحة قادرة - بحول الله - على حماية هذا الوطن ومكتسباته.
والمتابع لهذه المسيرة التي مرت بها قواتنا المسلحة، وفي إطار استراتيجياتها، يجد أنها ركزت على بناء الإنسان عسكرياً وتأهيلياً من خلال أرقى الكليات والمعاهد، ومن خلال التعاون مع الدول المتقدمة في مجالات العلوم العسكرية. وقد حققت وزارة الدفاع قفزات هائلة في تطوير قواتنا المسلحة، من خلال ما قام به ملوك هذه البلاد، ومن خلال ما قام به وزراء الدفاع عند توليهم مقاليد القيادة في هذه الوزارة.
وفي هذا الإطار قال ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أثناء زيارته وتفقده لقواتنا المسلحة إن هذا الاستقرار الذي تعيشه المملكة العربية السعودية بُني على ركيزتَيْن مهمتَيْن، هما تطبيق شرع الله التزاماً بكتابه وسنة نبيه الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وثانيهما العدل الذي أرسى دعائمه جلالة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - وسوف تبقى هاتان الركيزتان ما بقيت بلادنا الغالية بحول الله وقوته.
وأكد سموه أن هذه الزيارات ما هي إلا للوقوف على احتياجاتكم ودرجة استعداداتكم، ونحن في الواقع مسرورون جداً بما رأيت وشاهدت واستمعت إليه.. وهذا يدفعني للعمل أكثر والتخطيط أعمق والحرص على ما تحتاج إليه وحداتنا. مؤكداً سموه أن جاهزية قواتنا المسلحة عالية، وبعون الله ستكون درعاً واقياً للدين والوطن.
الأمير سلمان وزيارته
وبعد أن تولى ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز مهامه قام سموه بجولات تفقدية لعموم المناطق العسكرية؛ للوقوف على احتياجات قواتنا المسلحة، والتعرف عن كثب على جاهزية قواتنا المسلحة، كما التقى سموه بقادة هذه القطاعات، كما شملت زيارات سموه للمناطق افتتاح العديد من المشروعات ورعايته عدداً من التمارين العسكرية.
لقاءات سموه الداخلية والخارجية
كما التقى سموه وعقد اجتماعات مع نظرائه وزراء الدفاع في الدول الصديقة، وبحث معهم علاقات المملكة بهذه الدول، مؤكداً سموه حرص المملكة على تعزيز الشراكة مع هذه الدول من خلال الزيارات المتبادلة. وقد أكد لسموه قادة الدول التي زارها أو وزراء الدفاع في هذه الدول أن المملكة تحظى بأمن واستقرار واحترام، وأن هذه الدول حريصة على التعاون مع المملكة في شتى المجالات، ومنها التعاون العسكري.
وقال نائب وزير الدفاع عن قواتنا المسلحة إنها مصدر فخر واعتزاز لما وصلت إليه من تقدم وتطور، وإنها قوات تدافع عن راية الدين وتذود عن الوطن ومكتسباته، ولا شك أن قواتنا المسلحة تُدار برجال أوفياء وأبطال مخلصين وكوادر عسكرية مدربة؛ من أجل حمل الأمانة التي تحملناها جميعاً؛ لكي يبقى هذا الوطن في أمن واستقرار ورخاء.
وأكد سموه أن قواتنا المسلحة بفروعها كافة وصلت إلى أعلى درجات الاحترافية من خلال مشاركاتها مع الدول العربية والإسلامية والصديقة في التمارين المشتركة داخل المملكة وخارجها، وهذا ما يحرص عليه القائد الأعلى للقوات المسلحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز. مؤكداً سموه أن هذه البلاد ستبقى بحول الله آمنة مستقرة.
وزارة الدفاع.. النشأة والتطور
خلال سنوات الجهاد والقتال وما بعدها، كانت القوات المسلحة رفيقة طريق الملك عبد العزيز في جهاده، فسارت تحت رايته تحقق الإنجازات والانتصارات وترسي دعائم البنيان الشامخ.
وكما رأينا، فإنَّ القوات المسلحة السعوديَّة، بدأت بستين رجلاً ليس غير، يوم بداية الانطلاقة، ما لبثت أن تزايدت وتكاثرت حتَّى بلغت الآلاف عدًّا، ثمَّ تزايدت حتَّى بلغت عشرات الآلاف.
ولم يكن لتلك القوات، إذ ذاك، تنظيمات مُعيَّنة وإنما كانت لها تقاليد تعارفت عليها من تراثها السالف.
وبطبيعة الحال لم يكن السلاح - إذ ذاك - موحدًا أو متجانسًا، لأن كل جندي كان يتدبر أمر سلاحه بنفسه، وكانت المدن والقبائل تساهم في تسليح أبنائها.
ومع مرور الوقت، وتكاثر الغنائم التي كان يجنيها جند عبدالعزيز، أصبحت هناك كميات كبيرة من الأسلحة، الأمر الذي جعل توزيع هذه الأسلحة وذخائرها منوطًا بأوامر الملك.
وبعد استقرار الأحوال، والنصر النهائي، اهتم الملك عبد العزيز بتوحيد سلاح قواته تدريجيًا.
اللباس والرواتب:
ولم يكن هناك لباس يميز المجاهدين عن سواهم، فكل منهم يتكفَّل بلباسه، ولتمييز كل قوة من القوات، كانت تحمل «بيرقًا» - راية - تميزها، وكان على كلٍّ قوة أمير (أي رئيس) يكون القائد العام أو القائد الأعلى مرجعه.
وكذلك لم تكن للمجاهدين رواتب، ولكن كانت هناك هِبات تعطى لهم على سبيل المساعدة.
إدارة الأمور العسكريَّة
مع الأيام رأى الملك عبد العزيز أنه لا بُدَّ من إيجاد قيادة ترعى الشؤون العسكريَّة فأمر بإحداث إدارة الأمور العسكريَّة، وطلب منها وضع الأسس لبناء جيش قوي يستند على العقيدة الإسلاميَّة ويتخذ من الجهاد شعارًا ومن الأخلاقيات والقيم معايير تحكم سلوكه ومنهجه.
وسارت مديرية الأمور العسكريَّة شوطاً بعيدًا في المهام التي أوكلت إليها، وجاءت بمدرِّبين من الضباط العرب والأتراك الذين تخلفوا في الحجاز بعد انحسار النفوذ العثماني.
وكالة الدفاع
تمشيًا مع متطلبات التوسع والتحدِّيث رأى القائد الأعلى الملك عبد العزيز أن المرحلة القادمة تحتاج إلى جهاز أكبر من إدارة الأمور العسكريَّة للاضطلاع بمسؤوليات الجيش توسعًا وتسليحًا وتدريبًا وتنظيمًا فأصدر الملك أمره رقم (20-3-26) في جمادى الآخرة من عام 1353هـ-1943م بإحداث وكالة للدفاع بجانب إدارة الأمور العسكريَّة.
وبناءً على ذلك خطت الوكالة خطوات واسعة لمزيد من التنظيم والتوسع في التشكيلات فأوجدت الشعب الأربع التي تتفق مع مفهوم الهيئات وإلى جانب الأسلحة الثلاثة: المشاة والرشاش (ثقيل وخفيف) والمدفعية (قديمة - جبلية - وقدرتلي) وسلاح الفرسان الذي أحدث لاحقًا إلى جانب ذلك كان هناك عددٌ من المفارز الموزعة في مدن وثغور الدَّوْلة الفتية كمفرزة جدة والمدينة المنورة وأبها والطائف وضبا وينبع، وتبوك، والعلاء، والوجه، ومكة المكرمة.
رئاسة أركان الجيش
إن العين الواعية في قيادة الدَّوْلة تتجاوب مع متطلبات التحدِّيث ولا تتردد في إيجاد أي تنظيم يدعم تطلعات القيادة للوصول بالجيش إلى الأفضل لذلك فإنَّ إيجاد رئاسة هيئة أركان عامة للجيش أمر قد يتطلبه الموقف، لتكون مهمة الأركان العامَّة منصبة على الجوانب العسكريَّة البحتة كالتدريب والتسليح وتطوير القدرات القتالية للقوات النظاميَّة التي نَظَّمتها وحدات الجيش، فقد صدرت الأوامر في شهر رجب عام 1358هـ بأحداث رئاسة أركان الجيش.
أركان حرب الجيش
ولقد تطورت رئاسة الأركان تطوَّرًا كبيرًا بعد أن تولى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- مسؤولية وزارة الدفاع والطيران بتاريخ 3-6-1382هـ فقد أعيد تنظيم رئاسة هيئة الأركان العامَّة وإحداث قيادة جديدة للقوات البريَّة والجويَّة والبحريَّة والدفاع الجوي مع إعطائها ميزانيات مستقلة لضمان استمرار تقدمها وإعطائها المرونة لتنفيذ خططها.
إحداث وزارة الدفاع والمفتشية العامَّة
وفي عام 1371هـ-1952م أصبح اسم وزارة الدفاع هو «وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامَّة» نظرًا لما تَمَّ من توسع في مجالات الطيران التي تُعْنى بها الوزارة وبحكم تبعية مديرية الطيران المدني والخطوط الجويَّة السعوديَّة.
وزراء الدفاع
الأمير منصور بن عبد العزيز -رحمه الله-
وهو أول وزير للدفاع وفي عهده بدئ بالخطوات التنظيميَّة في القوات المسلحة، وإنشاء الإدارات الرئيسة، ووضع برامج التدريب والتطوير.
وفي عهده خاضت القوات المسلحة السعوديَّة حرب فلسطين الأولى 1367هـ (1948م)، وقد توفي عام 1370هـ (1950م) إثر مرض عضال.
بعدها عين الأمير مشعل بن عبد العزيز وزيرًا للدفاع بالأمر الملكي رقم 5-2-5-8574 وتاريخ 5 شعبان 1370هـ (11 أيار - مايو 1950م). وهو ثاني وزير للدفاع.
وفي عهده طوّر تسليح القوات المسلحة بإدخال المدفعية الثقيلة والمتوسطة، والأسلحة الخفيفة الأتوماتيكية وحوِّلت مفارز القوات المسلحة في بعض المناطق إلى مناطق عسكريَّة وأنشئت المصانع الحربية. استقال من منصبه عام 1376هـ (1957م).
بعد ذلك عيِّن الأمير فهد بن سعود بن عبد العزيز وزيرًا للدفاع بالمرسوم الملكي رقم 5-2-5-6131 وتاريخ 24 جمادى الأولى 1376هـ (1957م) ويُعدُّ الوزير الثالث.
وفي عهده أعيد تشكيل رئاسة أركان حرب الجيش، وعين اللواء إبراهيم الطاسان رئيسًا لأركان حرب الجيش، وانتقل مقر الوزارة من الطائف إلى الرياض.
بعد ذلك عيّن الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز -رحمه الله- وزيرًا للدفاع بالمرسوم الملكي رقم (37) وتاريخ 3 رجب 1380هـ 21 ديسمبر 1960م، القاضي بتشكيل وزارة جديدة ليصبح الوزير الرابع. وانتقل إلى رحمة الله بتاريخ 19-8-1433هـ.
عقب ذلك عيِّن الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- وزيرًا للدفاع بالمرسوم الملكي رقم (9342) وتاريخ 3-6-1382هـ الموافق 21-10-1962م وانتقل إلى رحمة الله بتاريخ 24-11-1432هـ الموافق 22-10-2011م.
وفي عهده الذي يُعدُّ عصرًا ذهبيًا اضطلع بتطوير جميع فروع القوات المسلحة السعوديَّة تدريبًا وإعدادًا رفيع المستوى. ويُعدُّ الوزير الخامس.
الأمير سلمان وزيرًا للدفاع
منذ تأسيس وزارة الدفاع والطيران تعاقب عليها خمسة وزراء، كان لِكُلِّ منهم دوره في تنظيم الوزارة، وتوسعة نشاطاتها، وها هو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يأتي لهذا المنصب وزيرًا سادسًا يحمل إرثًا واسعًا من الخبرات الإداريَّة والسياسيَّة، وشؤون الحكم.
الذين توَّلوا منصب نائب وزير الدفاع
- صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز عيّن نائبًا لوزير الدفاع والطيران في العام 1371هـ
- صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد العزيز عيّن نائبًا لوزير الدفاع والطيران والمفتش العام في العام 10-5-1389هـ
- صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبد العزيز عيّن نائبًا لوزير الدفاع والطيران والمفتش العام بمرتبة وزير في 16-1-1403هـ
- صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز صدر الأمر السامي الكريم رقم أ-228 وتاريخ 9-12-1432هـ بتعيينه نائبًا لوزير الدفاع بمرتبة وزير
القوات البرية الملكية السعودية
كانت بداية نشأة القوات البرية هي تشكيل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه) لجيش قليل العدد والعدة مكون من ستين رجلاً.
في صباح يوم السبت الخامس من شهر شوال لعام 1319هـ الموافق 1902 تم تنظيم هذا الجيش الذي زاد عدده فيما بعد إلى فرق محاربين شكلت من جيش الجهاد (رجال الحاضرة) وجيش الإخوان (رجال البادية) فكان ذلك أول بداية لتكوين الجيش العربي السعودي، وبانتهاء مرحلة توحيد أقاليم المملكة رأى جلالته وجوب مجاراة الجيوش الحديثة في التنظيم والتسليح فأمر بتشكيل أول نواة لوحدات الجيش السعودي النظامي من ثلاثة قطاعات سميت أفواج المشاة والمدفعية والرشاشات، الفوج يعادل كتيبة بوقتنا الراهن تعدادها من 659 إلى 962 فرداً، وكان قطاع الرشاش يتكون من أربع سرايا، في السرية حوالي 112 فرداً، وثمان قطع رشاش، بعض أسلحتها من تلك التي غنمها الملك عبدالعزيز يرحمه الله من خلال المعارك التي خاضها في كفاحه، وقد أخذت هذه القوة النظامية تنمو تدريجياً بجانب جيش الجهاد والاخوان إلى أن أسس يرحمه الله بنفس العام مديرية للأمور العسكرية تعنى بشؤون الجند وتشرف على أمور هذه القوة النظامية وكان مقرها الرئيسي بمكة المكرمة.
واستمراراً لما بدأه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام من تطوير فقد صدرت بتاريخ 27-12-1396هـ توجيهاته بإقرار أول تنظيم يعدل مسمى الجيش العربي السعودي إلى القوات البرية الملكية السعودية، وتمت إعادة تشكيل رئاسة هيئة أركان حرب الجيش لتصبح رئاسة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية.
حيث شكلت القوات البرية بحسب الإمكانات المتاحة من طاقة بشرية وآليات ومعدات حديثة لتصبح بتوجيهات ومتابعة من سموه الكريم قوات برية ضاربة وركيزة أساسية للقوات المسلحة الباسلة.
القوات الجوية
في عام 1348هـ الموافق 1929م قام الملك عبدالعزيز بشراء أربع طائرات عسكرية من أحدث المقاتلات المعروفة آنذاك وهي مقاتلات ويستلاند وابيتي، وشرع في تأسيس نواة قوة جوية للبلاد واختار جزيرة دارين قاعدة لها، وهكذا أصبح في المملكة قاعدتان للطيران إحداهما في المنطقة الشرقية والأخرى في المنطقة الغربية، واستعرض جلالته الطائرات الجديدة عندما أمر بأن تتوجه من قاعدتها في دارين إلى معسكر جلالته في (خباري وضحا) في 16 شعبان 1348هـ الموافق 16 يناير 1930م، حيث قرر جلالته افتتاح مدرسة لتعليم المواطنين السعوديين الطيران وعلوم صيانة وإصلاح الطائرات، ولكن قسوة الحياة وقلة الموارد وصعوبة الحصول على قطع الغيار والمستلزمات الفنية أدت إلى تعثر أعمال تلك المدرسة.
تدريب الطيارين السعوديين
ولتخطي تلك العقبات رأى الملك عبدالعزيز أن التعجيل بتطوير الطيران في المملكة يقتضي ابتعاث السعوديين إلى الدول المتقدمة في هذا المجال لاكتساب المعرفة والخبرة من متابعتها، فتم ابتعاث عشرة طلبة لدراسة الطيران في إيطاليا في عام 1353هـ الموافق 1935م وعند عودتهم إلى أرض الوطن مكللين بالنجاح استقبلهم جلالة الملك عبدالعزيز قائلاً: (أهلاً بنسورنا) وشرع جلالته في تزويد البلاد بطائرات إضافية فتلقى في عام 1354هـ الموافق 1936م طائرة من طراز كادرون سيمون من الحكومة الفرنسية ثم قامت الحكومة بشراء خمس طائرات إيطالية اثنتان للتدريب من طراز كابروني 100 وثلاث للمواصلات والنقل من طراز كابروني 101 فقام الطيارون السعوديون ولأول مرة بالتحليق فوق مكة المكرمة في 5-6-1355هـ الموافق 22 أغسطس 1936م وقدموا أول عرض جوي بطائرات سعودية يقودها طيارون سعوديون في سماء جدة في عام 1356هـ الموافق 1936م، وقاموا بتكرار ذلك العرض أمام جلالة الملك عبدالعزيز، ومع الاهتمام المتنامي الذي كان يوليه الملك عبدالعزيز للطيران لم يأت عام 1358هـ إلا وقد كان للطيران رفان؛ الرف الأول يتكون من طائرتين من طراز (كابروني 100) وثلاث طائرات من طراز (كابروني 101)، والرف الثاني يتكون من طائرتين فرنسيتين إحداهما كادرون سيمون والأخرى كادرون بيلينيكا وأربع طائرات وابيتي بريطانية الصنع اثنتان منهما تحتاجان إلى إصلاح.
بدء التدريب الأولي المكثف في الداخل
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالعزيز، بدأت المملكة في تحديث جميع فروع قواتها المسلحة، وتم اختيار مدينة الطائف لمناخها المعتدل مقراً لجميع مدارس الجيش وتم في عام 1358هـ افتتاح مدرسة لتعليم الطيران في مطار الحوية بالطائف تحت إشراف بعثة تدريب بريطانية وعلى طائرات تدريب بريطانية حديثة من طراز تايجر موث.
وتخرجت الدفعة الأولى من هذه المدرسة في عام 1359هـ وتلتها دفعتها ثانية، وأرسل الخريجون إلى بريطانيا لمواصلة دراسة الطيران، وفي نفس الفترة أيضاً بدأت مدرسة أعمال المطارات في مطار الظهران في استقبال الطلبة الراغبين في دراسة علوم الطيران وإعدادهم لمواصلة دراستهم في الولايات المتحدة. وعندما انتقل صقر الجزيرة يرحمه الله إلى جوار ربه في ربيع الأول من عام 1373هـ الموافق 1953م، كان قد أرسى قواعد الطيران في البلاد وجعله جاهزاً لمراحل النمو والتحديث والتطوير.
وقد رافق هذا الانتقال البداية الفعلية لتطوير القوات الجوية، إذ تم تشكيل قيادة سلاح الطيران فتطور السلاح من المكتب العام في جدة إلى تشكيل حديث شمل معظم الإدارات الحالية، وفي عام 1384هـ وفي أول عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز بدأ التركيز على حماية الأجواء والأراضي السعودية ومقدساتها حيث قام رحمه الله برسم خطة لسلاح الطيران الجوي الملكي السعودي توائم روح العصر ومقتضياته، شملت رادارات الإنذار المبكر وأنظمة الاتصالات وصواريخ أرض جو وطائرات معترضة تفوق سرعة الصوت، وكان لا بد من إيجاد الرجال القادرين على استخدام هذه الأسلحة والأجهزة المتطورة، فكان إعلان إنشاء كلية الملك فيصل الجوية وذلك أثناء تخريج الدفعة السادسة والعشرين، من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية في 7-3-1387هـ بخطاب ألقاه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولقد كان ذلك اليوم إيذاناً لعهد جديد وتطوير عام في حياة القوات الجوية، وقد تم افتتاح كلية الملك فيصل الجوية وقد تم تخريج أول دفعتين الأولى والثانية من طلبتها في 15-3-1390هـ على يد الملك فيصل.. واليوم تشهد القوات الجوية السعودية عصراً ذهبياً في مجال التسليح وامتلاك المعدات والكوادر الوطنية المؤهلة تأهيلاً عالياً أشادت به الدول المتقدمة.
القوات البحرية
تتمتع المملكة العربية السعودية بأهمية بالغة على الصعيد الدولي، وهذه الأهمية من كونها مركزاً للعالم الإسلامي، وقبلة المسلمين من جميع أنحاء المعمورة وتتبع هذه الأهمية أيضاً من موقعها الاستراتيجي المهم.
مرحلة التأسيس:
كانت البداية في عام 1977م بمدرسة سلاح البحرية ضمن تشكيلات الجيش العربي السعودي التي تطورت فيما بعد إلى قاعدة بحرية صغيرة، واستمرت ضمن تشكيلات الجيش، وقد تسلمت البحرية خلال هذه الفترة أول قطعة بحرية وهي زورق دورية من الولايات المتحدة الأمريكية وقد أدى هذا الزورق دوره في تدريب وتأهيل العديد من ضباط وأفراد البحرية الملكية السعودية، كما تسلمت البحرية في عام 1388هـ ثلاثة زوارق (طوربيد) من ألمانيا.
مرحلة البناء:
في عام 1392هـ صدرت أول ميزانية مستقلة لسلاح البحرية، وانفصل السلاح إدارياً ومالياً عن الجيش وارتبط قائد السلاح برئيس هيئة أركان القوات المسلحة، ووضع أول تنظيم لسلاح البحرية، وفي غرة رجب 1393هـ تم تعديل مسمى سلاح البحرية إلى مسمى القوات البحرية الملكية السعودية، وحددت لها المهام والواجبات الحالية وكانت بداية انطلاقة القوات البحرية في مشاريع التطوير التي نتج عنها توسع كبير في الهياكل التنظيمية والطاقة البشرية.
قوة الدفاع الجوي
في عام 1403هـ الموافق 1983م تقرر ربط قوات الدفاع الجوي بمعالي رئيس هيئة الأركن العامة مباشرة، وذلك كمرحلة انتقالية لتشكيل القوة، وفي عام 1404هـ الموافق 1984م صدرت الأوامر السامية بأن يكون الدفاع الجوي قوة مستقلة رابعة باسم (قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي) وذلك نتيجة لازياد مناطق مسؤولياتها وتشعب علاقاتها مع أفرع القوات المسلحة الأخرى.
في سلاح المدفعية بالجيش العربي السعودي كان هناك فرع أطلق عليه مسمى (المدفعية المضادة) وفي هذا الفرع ومن خلاله ابتدأت قصة إنجاز من أعظم إنجازات قواتنا المسلحة. قصة بنا وتطوير قوات الدفاع الدوي الملكي السعودي. لقد تم هذا الإنجاز عبر أكثر من 40 عاماً.
أ. المرحلة الأولى (1375هـ - 1384هـ)
كانت وسائل الدفاع الجوي في هذه المرحلة متواضعة جداً.. وفي هذه المرحلة والتحديد في عام 1382هـ (1962م) حدث أمر مهم ساهم إلى حد كبير في مسيرة تطور قوة الدفاع الجوي وتسريع هذا التطور ألا وهو تسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- في أكتوبر عام 1962م مهام عمله كوزير لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة.
لقد بنى إستراتيجية عسكرية تركز على ضرورة تطوير كل من القوات الجوية والدفاع الجوي وذلك باعتبار أن التهديد الجوي للمملكة هو تهديد يأخذ أولوية مطلقة.
وشهد عام 1386هـ توقيع اتفاقية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لتزويد المملكة بصواريخ أرض/ جو من نوع (هوك).. وبذلك دخلت المملكة بصورة فعالة في عصر الصواريخ، واستبدل مسمى المدفعية المضادة للطائرات بالدفاع الجوي. لقد كان هذا الأمر نقلة نوعية مهمة، حيث أصبح الدفاع الجوي يضم منظومة صواريخ ومنظومة مدفعية وزادت القدرات الإلكترونية لهاتين المنظومتين.
وقد كان عام 1394هـ هو أحد الأعوام المميزة في تاريخ تطور الدفاع الجوي، ففي هذا العام تم استحداث وتشكيل قسم (تخطيط ومشروعات الدفاع الجوي) في قيادة الدفاع الجوي، وعين لهذا القسم صاحب السمو الملكي (النقيب) خالد بن سلطان بن عبدالعزيز بعد أن أكمل عمله كضابط مشروع الهوك منذ عام 1392هـ وهو الذي ترك بصمات واضحة في تاريخ الدفاع الجوي.
وتعد المرحلة الثالثة من أهم المراحل في مسيرة تطور وتطوير الدفاع الجوي. لقد شهدت عدداً كبيراً من الإنجازات في مجالات التطوير الكمية والنوعية، وتوسعاً رأسياً وأفقياً للدفاع الجوي.
وكان من أهم الأحداث في هذه المرحلة وبالتحديد في عام 1403هـ أن تم انفصال قيادة الدفاع الجوي عن قيادات القوات البرية.. وأصبح ارتباطها مرة أخرى برئيس هيئة الأركان العامة وذلك بعد أن شهد الدفاع الجوي توسعاً كبيراً في تشكيلاته ومنظوماته، لتزويد قيادة الدفاع الجوي بالمرونة للسير قدماً في تنفيذ مشروعات التطوير المخططة.
الخدمات الطبية للقوات المسلحة
أدى تنظيم القوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية إلى إنشاء طبابة الجيش بالطائف عام 1367هـ وكانت عبارة عن مستوصف يتسع لعشرة أسرة وفي عام 1370هـ تحولت وأصبح مسماها الصحة العسكرية.
وفي 29-12-1392هـ صدر الأمر الكريم من صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام بتعديل المسمى إلى «الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة» واتسعت خدماتها لتشمل القوات البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوي، حيث أصبحت ذات ميزانية مستقلة اعتباراً من العام المالي 1394هـ - 1395هـ.
مهامها وأهدافها
تقديم الخدمات العلاجية والوقائية لمنسوبي القوات المسلحة وعائلاتهم في زمن السلم والحرب وكذلك تقديم العلاج للموظفين في الحالات الطارئة وحالات الأمراض ذات التخصص النادر التي لا يتوفر علاجها في المستشفيات الحكومية.
مستشفياتها
مستشفى الأمير منصور بالطائف ويتسع لـ230 سريراً به كافة التخصصات، مستشفى القوات المسلحة بالخرج أنشئ عام 1373هـ بسعة مائة سرير، مستشفى القوات المسلحة بقاعة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران تم بناؤه 1375هـ بسعة 50 سريراً ثم توسع حتى أصبحت طاقته 225 سريراً، مدينة الأمير سلطان الطبية بالرياض افتتحت عام 1978م بسعة 365 سريراً، بينما افتتح مستشفى المؤسسة العامة للصناعات الحربية في الخرج عام 1979م بسعة 60 سريراً، حيث ارتفع عدد الأسرة 1200 سرير، تشمل جميع التخصصات بالإضافة إلى العيادات التخصصية على أحدث التقنيات، وقد صدرت موافقة الأمير سلمان على تغيير مسمى مستشفى القوات المسلحة بالرياض ليصبح مدينة سلطان الطبية العسكرية، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الخدمات الطبية في علاج المواطنين بالإضافة إلى ما تقوم به من جهود في إجراء بعض العمليات في اليمن ومرافقة القوات المسلحة في الصومال.
بالإضافة إلى المستشفيات في المناطق الشمالية الغربية والتي تحت هذا المسمى ثلاثة مستشفيات وصل عدد الأسرة فيها 465 سريراً ومستشفى القوات المسلحة بالمنطقة الجنوبية ويستوعب 272 سريراً ومستشفى القوات المسلحة بالهدا وبعد تطويره يستوعب 571 سريراً، مستشفى قاعدة الجبيل العسكرية بعد تطويره يستوعب 110 أسرة، مستشفى الملك فهد بجدة يستوعب 226 سريراً، مستشفى شرورة 70 سريراً، المستشفى العسكري بحفر الباطن 300 سرير، مجمع الملك فهد الطبي بالظهران 316 سريراً، ووادي الدواسر 100 سرير، نجران 70 سريراً، وجازان والقصيم والمدينة ويوجد بها عدد من الأسرة والعيادات كما يوجد هنالك العديد من المستشفيات الميدانية المتنقلة.
مركز القلب
ومن الأمور الصحية المهمة التي توليها وزارة الدفاع هي أمراض وجراحة القلب.. بدأ هذا المركز قسماً صغيراً في مستشفى القوات المسلحة بالرياض عام 1399هـ وفي عام 1417هـ تم افتتاح المركز بعد تطويره لتقديم العناية الوقائية والعلاجية والتأهيلية الخاصة بأمراض القلب وبإمكانات متطورة أهلته ليكون الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط. ولقد روعي في هذا الصرح الطبي الكبير أن يكون على مستوى المسؤولية حاضراً ومستقبلاً نوعاً وكماً ويضم أقسام القلب الأربعة، أصبحت تلك الأقسام تشكل وحدة متناسقة تحت مسمى مركز الأمير سلطان لأمراض وجراحة القلب وطاقته السريرية 160 سريراً تصل عند الضرورة إلى 200 مائتي سرير، كما يمكنه إجراء 4000 عملية جراحية وقسطرة في العام الواحدة.
الإخلاء الطبي الجوي
بإنشاء هذا الصرح الجديد من صروح التقدم في المجال الطبي ذي الأهداف النبيلة لخدمة المواطن السعودية.. ويضم الإخلاء الطبي أسطولاً من الطائرات النفاثة والعمودية المجهزة كمستشفيات طائرة إسعافية تستخدم في الداخل والخارج وهي مجهزة بغرف للعمليات والإنعاش والعناية المركزة ومختبر وغرف للأشعة والتحميض.
ويوفر الإخلاء الطبي الجوي قسماً خاصة بالتدريب للطيارين وإجراء الاختبارات الدورية لهم وكذلك تأهيل الطيارين وتتركز مهما الإخلاء الطبي الجوي في: مساندة القوات المسلحة لإخلاء المصابين عند الحاجة، والمساندة في حالات الكوارث، وخدمة حجاج بيت الله الحرام في مواسم الحج.. وقد شملت خدمات أسطول الإخلاء الطبي الجوي أكثر من 36 مدينة و60 قرية داخل المملكة العربية السعودية وشملت أيضاً معظم بلدان العالم، حيث شملت 65 مدينة في 34 بلداً خارج المملكة.
مشاركة الخدمات الطبية للقوات المسلحة في مواسم الحج
تشارك وزارة الدفاع في مواسم الحج من خلال مستشفى ميداني بتقديم الرعاية الصحية لمن يحتاج إليها من حجاج بيت الله الحرام.. ويضم مستشفى الميدان قرابة العشرين من العيادات التخصصية ووحدات الأشعة ووحدات ضربات الشمس والعناية المركزة.. ويضم 50 سريراً. كذلك يوجد أكثر من 12 فرقة إسعاف مجهزة تجهيزاً كاملاً إضافة إلى عدد من المستوصفات المتخصصة.
ويساند مستشفى الميدان بمنى الإخلاء الطبي في نقل المرضى المصابين للمستشفيات المتخصصة.. وبالإضافة إلى مستشفى الميدان يوجد كذلك مركز للطوارئ يتسع لحوالي 220 سريراً في المشاعر المقدسة يعمل به عدد من الأطباء والفنيين المتدربين في شتّى المجالات الطبية والإسعافية السريعة.
المؤسسة العامة للصناعات الحربية
بدأت أولى خطوات الصناعات الحربية في المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- بمدينة الخرج في عام 1369هـ.. وبدأ إنتاج مصنع الذخيرة عام 1373هـ بعد إنشائه عام 1370هـ.
وفي السادس من شهر شوال عام 1394هـ خلال الخطة الخمسية السادسة افتتح الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- أول مصنع للأسلحة ومركز التدريب الصناعي حيث دخلت المملكة مجال الصناعات الحربية.
وبناءً على التوجيهات المستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود خطت الصناعات الحربية خطوات عديدة للأمام وتوالت المصانع إنتاجها مزودة بأحدث التقنيات الحديثة على أيدي الكوادر الفنية السعودية المدربة صناعياً وعلمياً. وقد أثبت المواطن السعودي قدرة فائقة في توظيف المعلومات الفنية واستيعاب التقنية الحديثة بكل مهارة وثقة وإتقان.
وصدرت الموافقة السامية بتاريخ 20-3-1406هـ بتحويل المصانع الحربية إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية تتمتع بكيان مستقل.
إدارة الثقافة والتعليم
بدأت إدارة الثقافة والتعليم باسم شعبة المدارس العسكرية عام 1371هـ وكانت مهمتها الإشراف على المدارس العسكرية التي تمد كلية الملك عبدالعزيز الحربية بالطاقة البشرية ثم أعيد تنظيمها عام 1377هـ باسم إدارة الثقافة والتعليم بأهداف منها دراسة احتياج المناطق من المدارس بناء على الإحصائيات السنوية.
فقد بلغ عدد المدارس التي تشرف عليها إدارة الثقافة والتعليم للقوات المسلحة (174) مدرسة وإجمالي عدد الطلاب والطالبات (63686) طالباً وطالبة بينما بلغ عدد المعلمين والمعلمات (5929) معلماً ومعلمة وفي مجال التعليم المسائي بلغ عدد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية (74) مدرسة وعدد الدارسين فيها (7281) دارساً بينما بلغ عدد المعلمين والمعلمات (768) ومن إنجازات الإدارة حصولها على جائزة من اليونسكو وذلك في 21-10-1996م وذلك لمساهمتها العديدة والفعالة في محاربة الأمية في المناسبات المحددة لذلك وتوسعها في فتح المدارس المتوسطة والثانوية المسائية والتي تلي مرحلة محو الأمية، وكونها مكنت أكثر من 16959 طالباً وطالبة من التخرج من مدارسها ولمختلف المراحل الدراسية في ذلك الوقت.
الأمير سلمان وزيارته
وبعد أن تولى ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز مهامه قام سموه بجولات تفقدية لعموم المناطق العسكرية؛ للوقوف على احتياجات قواتنا المسلحة، والتعرف عن كثب على جاهزية قواتنا المسلحة، كما التقى سموه بقادة هذه القطاعات، كما شملت زيارات سموه للمناطق افتتاح العديد من المشروعات ورعايته عدداً من التمارين العسكرية.
لقاءات سموه الداخلية والخارجية
كما التقى سموه وعقد اجتماعات مع نظرائه وزراء الدفاع في الدول الصديقة، وبحث معهم علاقات المملكة بهذه الدول، مؤكداً سموه حرص المملكة على تعزيز الشراكة مع هذه الدول من خلال الزيارات المتبادلة. وقد أكد لسموه قادة الدول التي زارها أو وزراء الدفاع في هذه الدول أن المملكة تحظى بأمن واستقرار واحترام، وأن هذه الدول حريصة على التعاون مع المملكة في شتى المجالات، ومنها التعاون العسكري.
وقال نائب وزير الدفاع عن قواتنا المسلحة إنها مصدر فخر واعتزاز لما وصلت إليه من تقدم وتطور، وإنها قوات تدافع عن راية الدين وتذود عن الوطن ومكتسباته، ولا شك أن قواتنا المسلحة تُدار برجال أوفياء وأبطال مخلصين وكوادر عسكرية مدربة؛ من أجل حمل الأمانة التي تحملناها جميعاً؛ لكي يبقى هذا الوطن في أمن واستقرار ورخاء.
وأكد سموه أن قواتنا المسلحة بفروعها كافة وصلت إلى أعلى درجات الاحترافية من خلال مشاركاتها مع الدول العربية والإسلامية والصديقة في التمارين المشتركة داخل المملكة وخارجها، وهذا ما يحرص عليه القائد الأعلى للقوات المسلحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز. مؤكداً سموه أن هذه البلاد ستبقى بحول الله آمنة مستقرة.
وزارة الدفاع.. النشأة والتطور
خلال سنوات الجهاد والقتال وما بعدها، كانت القوات المسلحة رفيقة طريق الملك عبد العزيز في جهاده، فسارت تحت رايته تحقق الإنجازات والانتصارات وترسي دعائم البنيان الشامخ.
وكما رأينا، فإنَّ القوات المسلحة السعوديَّة، بدأت بستين رجلاً ليس غير، يوم بداية الانطلاقة، ما لبثت أن تزايدت وتكاثرت حتَّى بلغت الآلاف عدًّا، ثمَّ تزايدت حتَّى بلغت عشرات الآلاف.
ولم يكن لتلك القوات، إذ ذاك، تنظيمات مُعيَّنة وإنما كانت لها تقاليد تعارفت عليها من تراثها السالف.
وبطبيعة الحال لم يكن السلاح - إذ ذاك - موحدًا أو متجانسًا، لأن كل جندي كان يتدبر أمر سلاحه بنفسه، وكانت المدن والقبائل تساهم في تسليح أبنائها.
ومع مرور الوقت، وتكاثر الغنائم التي كان يجنيها جند عبدالعزيز، أصبحت هناك كميات كبيرة من الأسلحة، الأمر الذي جعل توزيع هذه الأسلحة وذخائرها منوطًا بأوامر الملك.
وبعد استقرار الأحوال، والنصر النهائي، اهتم الملك عبد العزيز بتوحيد سلاح قواته تدريجيًا.
اللباس والرواتب:
ولم يكن هناك لباس يميز المجاهدين عن سواهم، فكل منهم يتكفَّل بلباسه، ولتمييز كل قوة من القوات، كانت تحمل «بيرقًا» - راية - تميزها، وكان على كلٍّ قوة أمير (أي رئيس) يكون القائد العام أو القائد الأعلى مرجعه.
وكذلك لم تكن للمجاهدين رواتب، ولكن كانت هناك هِبات تعطى لهم على سبيل المساعدة.
إدارة الأمور العسكريَّة
مع الأيام رأى الملك عبد العزيز أنه لا بُدَّ من إيجاد قيادة ترعى الشؤون العسكريَّة فأمر بإحداث إدارة الأمور العسكريَّة، وطلب منها وضع الأسس لبناء جيش قوي يستند على العقيدة الإسلاميَّة ويتخذ من الجهاد شعارًا ومن الأخلاقيات والقيم معايير تحكم سلوكه ومنهجه.
وسارت مديرية الأمور العسكريَّة شوطاً بعيدًا في المهام التي أوكلت إليها، وجاءت بمدرِّبين من الضباط العرب والأتراك الذين تخلفوا في الحجاز بعد انحسار النفوذ العثماني.
وكالة الدفاع
تمشيًا مع متطلبات التوسع والتحدِّيث رأى القائد الأعلى الملك عبد العزيز أن المرحلة القادمة تحتاج إلى جهاز أكبر من إدارة الأمور العسكريَّة للاضطلاع بمسؤوليات الجيش توسعًا وتسليحًا وتدريبًا وتنظيمًا فأصدر الملك أمره رقم (20-3-26) في جمادى الآخرة من عام 1353هـ-1943م بإحداث وكالة للدفاع بجانب إدارة الأمور العسكريَّة.
وبناءً على ذلك خطت الوكالة خطوات واسعة لمزيد من التنظيم والتوسع في التشكيلات فأوجدت الشعب الأربع التي تتفق مع مفهوم الهيئات وإلى جانب الأسلحة الثلاثة: المشاة والرشاش (ثقيل وخفيف) والمدفعية (قديمة - جبلية - وقدرتلي) وسلاح الفرسان الذي أحدث لاحقًا إلى جانب ذلك كان هناك عددٌ من المفارز الموزعة في مدن وثغور الدَّوْلة الفتية كمفرزة جدة والمدينة المنورة وأبها والطائف وضبا وينبع، وتبوك، والعلاء، والوجه، ومكة المكرمة.
رئاسة أركان الجيش
إن العين الواعية في قيادة الدَّوْلة تتجاوب مع متطلبات التحدِّيث ولا تتردد في إيجاد أي تنظيم يدعم تطلعات القيادة للوصول بالجيش إلى الأفضل لذلك فإنَّ إيجاد رئاسة هيئة أركان عامة للجيش أمر قد يتطلبه الموقف، لتكون مهمة الأركان العامَّة منصبة على الجوانب العسكريَّة البحتة كالتدريب والتسليح وتطوير القدرات القتالية للقوات النظاميَّة التي نَظَّمتها وحدات الجيش، فقد صدرت الأوامر في شهر رجب عام 1358هـ بأحداث رئاسة أركان الجيش.
أركان حرب الجيش
ولقد تطورت رئاسة الأركان تطوَّرًا كبيرًا بعد أن تولى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- مسؤولية وزارة الدفاع والطيران بتاريخ 3-6-1382هـ فقد أعيد تنظيم رئاسة هيئة الأركان العامَّة وإحداث قيادة جديدة للقوات البريَّة والجويَّة والبحريَّة والدفاع الجوي مع إعطائها ميزانيات مستقلة لضمان استمرار تقدمها وإعطائها المرونة لتنفيذ خططها.
إحداث وزارة الدفاع والمفتشية العامَّة
وفي عام 1371هـ-1952م أصبح اسم وزارة الدفاع هو «وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامَّة» نظرًا لما تَمَّ من توسع في مجالات الطيران التي تُعْنى بها الوزارة وبحكم تبعية مديرية الطيران المدني والخطوط الجويَّة السعوديَّة.
وزراء الدفاع
الأمير منصور بن عبد العزيز -رحمه الله-
وهو أول وزير للدفاع وفي عهده بدئ بالخطوات التنظيميَّة في القوات المسلحة، وإنشاء الإدارات الرئيسة، ووضع برامج التدريب والتطوير.
وفي عهده خاضت القوات المسلحة السعوديَّة حرب فلسطين الأولى 1367هـ (1948م)، وقد توفي عام 1370هـ (1950م) إثر مرض عضال.
بعدها عين الأمير مشعل بن عبد العزيز وزيرًا للدفاع بالأمر الملكي رقم 5-2-5-8574 وتاريخ 5 شعبان 1370هـ (11 أيار - مايو 1950م). وهو ثاني وزير للدفاع.
وفي عهده طوّر تسليح القوات المسلحة بإدخال المدفعية الثقيلة والمتوسطة، والأسلحة الخفيفة الأتوماتيكية وحوِّلت مفارز القوات المسلحة في بعض المناطق إلى مناطق عسكريَّة وأنشئت المصانع الحربية. استقال من منصبه عام 1376هـ (1957م).
بعد ذلك عيِّن الأمير فهد بن سعود بن عبد العزيز وزيرًا للدفاع بالمرسوم الملكي رقم 5-2-5-6131 وتاريخ 24 جمادى الأولى 1376هـ (1957م) ويُعدُّ الوزير الثالث.
وفي عهده أعيد تشكيل رئاسة أركان حرب الجيش، وعين اللواء إبراهيم الطاسان رئيسًا لأركان حرب الجيش، وانتقل مقر الوزارة من الطائف إلى الرياض.
بعد ذلك عيّن الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز -رحمه الله- وزيرًا للدفاع بالمرسوم الملكي رقم (37) وتاريخ 3 رجب 1380هـ 21 ديسمبر 1960م، القاضي بتشكيل وزارة جديدة ليصبح الوزير الرابع. وانتقل إلى رحمة الله بتاريخ 19-8-1433هـ.
عقب ذلك عيِّن الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- وزيرًا للدفاع بالمرسوم الملكي رقم (9342) وتاريخ 3-6-1382هـ الموافق 21-10-1962م وانتقل إلى رحمة الله بتاريخ 24-11-1432هـ الموافق 22-10-2011م.
وفي عهده الذي يُعدُّ عصرًا ذهبيًا اضطلع بتطوير جميع فروع القوات المسلحة السعوديَّة تدريبًا وإعدادًا رفيع المستوى. ويُعدُّ الوزير الخامس.
الأمير سلمان وزيرًا للدفاع
منذ تأسيس وزارة الدفاع والطيران تعاقب عليها خمسة وزراء، كان لِكُلِّ منهم دوره في تنظيم الوزارة، وتوسعة نشاطاتها، وها هو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يأتي لهذا المنصب وزيرًا سادسًا يحمل إرثًا واسعًا من الخبرات الإداريَّة والسياسيَّة، وشؤون الحكم.
الذين توَّلوا منصب نائب وزير الدفاع
- صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز عيّن نائبًا لوزير الدفاع والطيران في العام 1371هـ
- صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد العزيز عيّن نائبًا لوزير الدفاع والطيران والمفتش العام في العام 10-5-1389هـ
- صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبد العزيز عيّن نائبًا لوزير الدفاع والطيران والمفتش العام بمرتبة وزير في 16-1-1403هـ
- صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز صدر الأمر السامي الكريم رقم أ-228 وتاريخ 9-12-1432هـ بتعيينه نائبًا لوزير الدفاع بمرتبة وزير
القوات البرية الملكية السعودية
كانت بداية نشأة القوات البرية هي تشكيل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه) لجيش قليل العدد والعدة مكون من ستين رجلاً.
في صباح يوم السبت الخامس من شهر شوال لعام 1319هـ الموافق 1902 تم تنظيم هذا الجيش الذي زاد عدده فيما بعد إلى فرق محاربين شكلت من جيش الجهاد (رجال الحاضرة) وجيش الإخوان (رجال البادية) فكان ذلك أول بداية لتكوين الجيش العربي السعودي، وبانتهاء مرحلة توحيد أقاليم المملكة رأى جلالته وجوب مجاراة الجيوش الحديثة في التنظيم والتسليح فأمر بتشكيل أول نواة لوحدات الجيش السعودي النظامي من ثلاثة قطاعات سميت أفواج المشاة والمدفعية والرشاشات، الفوج يعادل كتيبة بوقتنا الراهن تعدادها من 659 إلى 962 فرداً، وكان قطاع الرشاش يتكون من أربع سرايا، في السرية حوالي 112 فرداً، وثمان قطع رشاش، بعض أسلحتها من تلك التي غنمها الملك عبدالعزيز يرحمه الله من خلال المعارك التي خاضها في كفاحه، وقد أخذت هذه القوة النظامية تنمو تدريجياً بجانب جيش الجهاد والاخوان إلى أن أسس يرحمه الله بنفس العام مديرية للأمور العسكرية تعنى بشؤون الجند وتشرف على أمور هذه القوة النظامية وكان مقرها الرئيسي بمكة المكرمة.
واستمراراً لما بدأه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام من تطوير فقد صدرت بتاريخ 27-12-1396هـ توجيهاته بإقرار أول تنظيم يعدل مسمى الجيش العربي السعودي إلى القوات البرية الملكية السعودية، وتمت إعادة تشكيل رئاسة هيئة أركان حرب الجيش لتصبح رئاسة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية.
حيث شكلت القوات البرية بحسب الإمكانات المتاحة من طاقة بشرية وآليات ومعدات حديثة لتصبح بتوجيهات ومتابعة من سموه الكريم قوات برية ضاربة وركيزة أساسية للقوات المسلحة الباسلة.
القوات الجوية
في عام 1348هـ الموافق 1929م قام الملك عبدالعزيز بشراء أربع طائرات عسكرية من أحدث المقاتلات المعروفة آنذاك وهي مقاتلات ويستلاند وابيتي، وشرع في تأسيس نواة قوة جوية للبلاد واختار جزيرة دارين قاعدة لها، وهكذا أصبح في المملكة قاعدتان للطيران إحداهما في المنطقة الشرقية والأخرى في المنطقة الغربية، واستعرض جلالته الطائرات الجديدة عندما أمر بأن تتوجه من قاعدتها في دارين إلى معسكر جلالته في (خباري وضحا) في 16 شعبان 1348هـ الموافق 16 يناير 1930م، حيث قرر جلالته افتتاح مدرسة لتعليم المواطنين السعوديين الطيران وعلوم صيانة وإصلاح الطائرات، ولكن قسوة الحياة وقلة الموارد وصعوبة الحصول على قطع الغيار والمستلزمات الفنية أدت إلى تعثر أعمال تلك المدرسة.
تدريب الطيارين السعوديين
ولتخطي تلك العقبات رأى الملك عبدالعزيز أن التعجيل بتطوير الطيران في المملكة يقتضي ابتعاث السعوديين إلى الدول المتقدمة في هذا المجال لاكتساب المعرفة والخبرة من متابعتها، فتم ابتعاث عشرة طلبة لدراسة الطيران في إيطاليا في عام 1353هـ الموافق 1935م وعند عودتهم إلى أرض الوطن مكللين بالنجاح استقبلهم جلالة الملك عبدالعزيز قائلاً: (أهلاً بنسورنا) وشرع جلالته في تزويد البلاد بطائرات إضافية فتلقى في عام 1354هـ الموافق 1936م طائرة من طراز كادرون سيمون من الحكومة الفرنسية ثم قامت الحكومة بشراء خمس طائرات إيطالية اثنتان للتدريب من طراز كابروني 100 وثلاث للمواصلات والنقل من طراز كابروني 101 فقام الطيارون السعوديون ولأول مرة بالتحليق فوق مكة المكرمة في 5-6-1355هـ الموافق 22 أغسطس 1936م وقدموا أول عرض جوي بطائرات سعودية يقودها طيارون سعوديون في سماء جدة في عام 1356هـ الموافق 1936م، وقاموا بتكرار ذلك العرض أمام جلالة الملك عبدالعزيز، ومع الاهتمام المتنامي الذي كان يوليه الملك عبدالعزيز للطيران لم يأت عام 1358هـ إلا وقد كان للطيران رفان؛ الرف الأول يتكون من طائرتين من طراز (كابروني 100) وثلاث طائرات من طراز (كابروني 101)، والرف الثاني يتكون من طائرتين فرنسيتين إحداهما كادرون سيمون والأخرى كادرون بيلينيكا وأربع طائرات وابيتي بريطانية الصنع اثنتان منهما تحتاجان إلى إصلاح.
بدء التدريب الأولي المكثف في الداخل
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالعزيز، بدأت المملكة في تحديث جميع فروع قواتها المسلحة، وتم اختيار مدينة الطائف لمناخها المعتدل مقراً لجميع مدارس الجيش وتم في عام 1358هـ افتتاح مدرسة لتعليم الطيران في مطار الحوية بالطائف تحت إشراف بعثة تدريب بريطانية وعلى طائرات تدريب بريطانية حديثة من طراز تايجر موث.
وتخرجت الدفعة الأولى من هذه المدرسة في عام 1359هـ وتلتها دفعتها ثانية، وأرسل الخريجون إلى بريطانيا لمواصلة دراسة الطيران، وفي نفس الفترة أيضاً بدأت مدرسة أعمال المطارات في مطار الظهران في استقبال الطلبة الراغبين في دراسة علوم الطيران وإعدادهم لمواصلة دراستهم في الولايات المتحدة. وعندما انتقل صقر الجزيرة يرحمه الله إلى جوار ربه في ربيع الأول من عام 1373هـ الموافق 1953م، كان قد أرسى قواعد الطيران في البلاد وجعله جاهزاً لمراحل النمو والتحديث والتطوير.
وقد رافق هذا الانتقال البداية الفعلية لتطوير القوات الجوية، إذ تم تشكيل قيادة سلاح الطيران فتطور السلاح من المكتب العام في جدة إلى تشكيل حديث شمل معظم الإدارات الحالية، وفي عام 1384هـ وفي أول عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز بدأ التركيز على حماية الأجواء والأراضي السعودية ومقدساتها حيث قام رحمه الله برسم خطة لسلاح الطيران الجوي الملكي السعودي توائم روح العصر ومقتضياته، شملت رادارات الإنذار المبكر وأنظمة الاتصالات وصواريخ أرض جو وطائرات معترضة تفوق سرعة الصوت، وكان لا بد من إيجاد الرجال القادرين على استخدام هذه الأسلحة والأجهزة المتطورة، فكان إعلان إنشاء كلية الملك فيصل الجوية وذلك أثناء تخريج الدفعة السادسة والعشرين، من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية في 7-3-1387هـ بخطاب ألقاه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولقد كان ذلك اليوم إيذاناً لعهد جديد وتطوير عام في حياة القوات الجوية، وقد تم افتتاح كلية الملك فيصل الجوية وقد تم تخريج أول دفعتين الأولى والثانية من طلبتها في 15-3-1390هـ على يد الملك فيصل.. واليوم تشهد القوات الجوية السعودية عصراً ذهبياً في مجال التسليح وامتلاك المعدات والكوادر الوطنية المؤهلة تأهيلاً عالياً أشادت به الدول المتقدمة.
القوات البحرية
تتمتع المملكة العربية السعودية بأهمية بالغة على الصعيد الدولي، وهذه الأهمية من كونها مركزاً للعالم الإسلامي، وقبلة المسلمين من جميع أنحاء المعمورة وتتبع هذه الأهمية أيضاً من موقعها الاستراتيجي المهم.
مرحلة التأسيس:
كانت البداية في عام 1977م بمدرسة سلاح البحرية ضمن تشكيلات الجيش العربي السعودي التي تطورت فيما بعد إلى قاعدة بحرية صغيرة، واستمرت ضمن تشكيلات الجيش، وقد تسلمت البحرية خلال هذه الفترة أول قطعة بحرية وهي زورق دورية من الولايات المتحدة الأمريكية وقد أدى هذا الزورق دوره في تدريب وتأهيل العديد من ضباط وأفراد البحرية الملكية السعودية، كما تسلمت البحرية في عام 1388هـ ثلاثة زوارق (طوربيد) من ألمانيا.
مرحلة البناء:
في عام 1392هـ صدرت أول ميزانية مستقلة لسلاح البحرية، وانفصل السلاح إدارياً ومالياً عن الجيش وارتبط قائد السلاح برئيس هيئة أركان القوات المسلحة، ووضع أول تنظيم لسلاح البحرية، وفي غرة رجب 1393هـ تم تعديل مسمى سلاح البحرية إلى مسمى القوات البحرية الملكية السعودية، وحددت لها المهام والواجبات الحالية وكانت بداية انطلاقة القوات البحرية في مشاريع التطوير التي نتج عنها توسع كبير في الهياكل التنظيمية والطاقة البشرية.
قوة الدفاع الجوي
في عام 1403هـ الموافق 1983م تقرر ربط قوات الدفاع الجوي بمعالي رئيس هيئة الأركن العامة مباشرة، وذلك كمرحلة انتقالية لتشكيل القوة، وفي عام 1404هـ الموافق 1984م صدرت الأوامر السامية بأن يكون الدفاع الجوي قوة مستقلة رابعة باسم (قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي) وذلك نتيجة لازياد مناطق مسؤولياتها وتشعب علاقاتها مع أفرع القوات المسلحة الأخرى.
في سلاح المدفعية بالجيش العربي السعودي كان هناك فرع أطلق عليه مسمى (المدفعية المضادة) وفي هذا الفرع ومن خلاله ابتدأت قصة إنجاز من أعظم إنجازات قواتنا المسلحة. قصة بنا وتطوير قوات الدفاع الدوي الملكي السعودي. لقد تم هذا الإنجاز عبر أكثر من 40 عاماً.
أ. المرحلة الأولى (1375هـ - 1384هـ)
كانت وسائل الدفاع الجوي في هذه المرحلة متواضعة جداً.. وفي هذه المرحلة والتحديد في عام 1382هـ (1962م) حدث أمر مهم ساهم إلى حد كبير في مسيرة تطور قوة الدفاع الجوي وتسريع هذا التطور ألا وهو تسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- في أكتوبر عام 1962م مهام عمله كوزير لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة.
لقد بنى إستراتيجية عسكرية تركز على ضرورة تطوير كل من القوات الجوية والدفاع الجوي وذلك باعتبار أن التهديد الجوي للمملكة هو تهديد يأخذ أولوية مطلقة.
وشهد عام 1386هـ توقيع اتفاقية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لتزويد المملكة بصواريخ أرض/ جو من نوع (هوك).. وبذلك دخلت المملكة بصورة فعالة في عصر الصواريخ، واستبدل مسمى المدفعية المضادة للطائرات بالدفاع الجوي. لقد كان هذا الأمر نقلة نوعية مهمة، حيث أصبح الدفاع الجوي يضم منظومة صواريخ ومنظومة مدفعية وزادت القدرات الإلكترونية لهاتين المنظومتين.
وقد كان عام 1394هـ هو أحد الأعوام المميزة في تاريخ تطور الدفاع الجوي، ففي هذا العام تم استحداث وتشكيل قسم (تخطيط ومشروعات الدفاع الجوي) في قيادة الدفاع الجوي، وعين لهذا القسم صاحب السمو الملكي (النقيب) خالد بن سلطان بن عبدالعزيز بعد أن أكمل عمله كضابط مشروع الهوك منذ عام 1392هـ وهو الذي ترك بصمات واضحة في تاريخ الدفاع الجوي.
وتعد المرحلة الثالثة من أهم المراحل في مسيرة تطور وتطوير الدفاع الجوي. لقد شهدت عدداً كبيراً من الإنجازات في مجالات التطوير الكمية والنوعية، وتوسعاً رأسياً وأفقياً للدفاع الجوي.
وكان من أهم الأحداث في هذه المرحلة وبالتحديد في عام 1403هـ أن تم انفصال قيادة الدفاع الجوي عن قيادات القوات البرية.. وأصبح ارتباطها مرة أخرى برئيس هيئة الأركان العامة وذلك بعد أن شهد الدفاع الجوي توسعاً كبيراً في تشكيلاته ومنظوماته، لتزويد قيادة الدفاع الجوي بالمرونة للسير قدماً في تنفيذ مشروعات التطوير المخططة.
الخدمات الطبية للقوات المسلحة
أدى تنظيم القوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية إلى إنشاء طبابة الجيش بالطائف عام 1367هـ وكانت عبارة عن مستوصف يتسع لعشرة أسرة وفي عام 1370هـ تحولت وأصبح مسماها الصحة العسكرية.
وفي 29-12-1392هـ صدر الأمر الكريم من صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام بتعديل المسمى إلى «الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة» واتسعت خدماتها لتشمل القوات البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوي، حيث أصبحت ذات ميزانية مستقلة اعتباراً من العام المالي 1394هـ - 1395هـ.
مهامها وأهدافها
تقديم الخدمات العلاجية والوقائية لمنسوبي القوات المسلحة وعائلاتهم في زمن السلم والحرب وكذلك تقديم العلاج للموظفين في الحالات الطارئة وحالات الأمراض ذات التخصص النادر التي لا يتوفر علاجها في المستشفيات الحكومية.
مستشفياتها
مستشفى الأمير منصور بالطائف ويتسع لـ230 سريراً به كافة التخصصات، مستشفى القوات المسلحة بالخرج أنشئ عام 1373هـ بسعة مائة سرير، مستشفى القوات المسلحة بقاعة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران تم بناؤه 1375هـ بسعة 50 سريراً ثم توسع حتى أصبحت طاقته 225 سريراً، مدينة الأمير سلطان الطبية بالرياض افتتحت عام 1978م بسعة 365 سريراً، بينما افتتح مستشفى المؤسسة العامة للصناعات الحربية في الخرج عام 1979م بسعة 60 سريراً، حيث ارتفع عدد الأسرة 1200 سرير، تشمل جميع التخصصات بالإضافة إلى العيادات التخصصية على أحدث التقنيات، وقد صدرت موافقة الأمير سلمان على تغيير مسمى مستشفى القوات المسلحة بالرياض ليصبح مدينة سلطان الطبية العسكرية، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الخدمات الطبية في علاج المواطنين بالإضافة إلى ما تقوم به من جهود في إجراء بعض العمليات في اليمن ومرافقة القوات المسلحة في الصومال.
بالإضافة إلى المستشفيات في المناطق الشمالية الغربية والتي تحت هذا المسمى ثلاثة مستشفيات وصل عدد الأسرة فيها 465 سريراً ومستشفى القوات المسلحة بالمنطقة الجنوبية ويستوعب 272 سريراً ومستشفى القوات المسلحة بالهدا وبعد تطويره يستوعب 571 سريراً، مستشفى قاعدة الجبيل العسكرية بعد تطويره يستوعب 110 أسرة، مستشفى الملك فهد بجدة يستوعب 226 سريراً، مستشفى شرورة 70 سريراً، المستشفى العسكري بحفر الباطن 300 سرير، مجمع الملك فهد الطبي بالظهران 316 سريراً، ووادي الدواسر 100 سرير، نجران 70 سريراً، وجازان والقصيم والمدينة ويوجد بها عدد من الأسرة والعيادات كما يوجد هنالك العديد من المستشفيات الميدانية المتنقلة.
مركز القلب
ومن الأمور الصحية المهمة التي توليها وزارة الدفاع هي أمراض وجراحة القلب.. بدأ هذا المركز قسماً صغيراً في مستشفى القوات المسلحة بالرياض عام 1399هـ وفي عام 1417هـ تم افتتاح المركز بعد تطويره لتقديم العناية الوقائية والعلاجية والتأهيلية الخاصة بأمراض القلب وبإمكانات متطورة أهلته ليكون الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط. ولقد روعي في هذا الصرح الطبي الكبير أن يكون على مستوى المسؤولية حاضراً ومستقبلاً نوعاً وكماً ويضم أقسام القلب الأربعة، أصبحت تلك الأقسام تشكل وحدة متناسقة تحت مسمى مركز الأمير سلطان لأمراض وجراحة القلب وطاقته السريرية 160 سريراً تصل عند الضرورة إلى 200 مائتي سرير، كما يمكنه إجراء 4000 عملية جراحية وقسطرة في العام الواحدة.
الإخلاء الطبي الجوي
بإنشاء هذا الصرح الجديد من صروح التقدم في المجال الطبي ذي الأهداف النبيلة لخدمة المواطن السعودية.. ويضم الإخلاء الطبي أسطولاً من الطائرات النفاثة والعمودية المجهزة كمستشفيات طائرة إسعافية تستخدم في الداخل والخارج وهي مجهزة بغرف للعمليات والإنعاش والعناية المركزة ومختبر وغرف للأشعة والتحميض.
ويوفر الإخلاء الطبي الجوي قسماً خاصة بالتدريب للطيارين وإجراء الاختبارات الدورية لهم وكذلك تأهيل الطيارين وتتركز مهما الإخلاء الطبي الجوي في: مساندة القوات المسلحة لإخلاء المصابين عند الحاجة، والمساندة في حالات الكوارث، وخدمة حجاج بيت الله الحرام في مواسم الحج.. وقد شملت خدمات أسطول الإخلاء الطبي الجوي أكثر من 36 مدينة و60 قرية داخل المملكة العربية السعودية وشملت أيضاً معظم بلدان العالم، حيث شملت 65 مدينة في 34 بلداً خارج المملكة.
مشاركة الخدمات الطبية للقوات المسلحة في مواسم الحج
تشارك وزارة الدفاع في مواسم الحج من خلال مستشفى ميداني بتقديم الرعاية الصحية لمن يحتاج إليها من حجاج بيت الله الحرام.. ويضم مستشفى الميدان قرابة العشرين من العيادات التخصصية ووحدات الأشعة ووحدات ضربات الشمس والعناية المركزة.. ويضم 50 سريراً. كذلك يوجد أكثر من 12 فرقة إسعاف مجهزة تجهيزاً كاملاً إضافة إلى عدد من المستوصفات المتخصصة.
ويساند مستشفى الميدان بمنى الإخلاء الطبي في نقل المرضى المصابين للمستشفيات المتخصصة.. وبالإضافة إلى مستشفى الميدان يوجد كذلك مركز للطوارئ يتسع لحوالي 220 سريراً في المشاعر المقدسة يعمل به عدد من الأطباء والفنيين المتدربين في شتّى المجالات الطبية والإسعافية السريعة.
المؤسسة العامة للصناعات الحربية
بدأت أولى خطوات الصناعات الحربية في المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- بمدينة الخرج في عام 1369هـ.. وبدأ إنتاج مصنع الذخيرة عام 1373هـ بعد إنشائه عام 1370هـ.
وفي السادس من شهر شوال عام 1394هـ خلال الخطة الخمسية السادسة افتتح الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- أول مصنع للأسلحة ومركز التدريب الصناعي حيث دخلت المملكة مجال الصناعات الحربية.
وبناءً على التوجيهات المستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود خطت الصناعات الحربية خطوات عديدة للأمام وتوالت المصانع إنتاجها مزودة بأحدث التقنيات الحديثة على أيدي الكوادر الفنية السعودية المدربة صناعياً وعلمياً. وقد أثبت المواطن السعودي قدرة فائقة في توظيف المعلومات الفنية واستيعاب التقنية الحديثة بكل مهارة وثقة وإتقان.
وصدرت الموافقة السامية بتاريخ 20-3-1406هـ بتحويل المصانع الحربية إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية تتمتع بكيان مستقل.
إدارة الثقافة والتعليم
بدأت إدارة الثقافة والتعليم باسم شعبة المدارس العسكرية عام 1371هـ وكانت مهمتها الإشراف على المدارس العسكرية التي تمد كلية الملك عبدالعزيز الحربية بالطاقة البشرية ثم أعيد تنظيمها عام 1377هـ باسم إدارة الثقافة والتعليم بأهداف منها دراسة احتياج المناطق من المدارس بناء على الإحصائيات السنوية.
فقد بلغ عدد المدارس التي تشرف عليها إدارة الثقافة والتعليم للقوات المسلحة (174) مدرسة وإجمالي عدد الطلاب والطالبات (63686) طالباً وطالبة بينما بلغ عدد المعلمين والمعلمات (5929) معلماً ومعلمة وفي مجال التعليم المسائي بلغ عدد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية (74) مدرسة وعدد الدارسين فيها (7281) دارساً بينما بلغ عدد المعلمين والمعلمات (768) ومن إنجازات الإدارة حصولها على جائزة من اليونسكو وذلك في 21-10-1996م وذلك لمساهمتها العديدة والفعالة في محاربة الأمية في المناسبات المحددة لذلك وتوسعها في فتح المدارس المتوسطة والثانوية المسائية والتي تلي مرحلة محو الأمية، وكونها مكنت أكثر من 16959 طالباً وطالبة من التخرج من مدارسها ولمختلف المراحل الدراسية في ذلك الوقت.