كلما تحدثنا عن لامعقولية السلبيات التي تعاني منها حياتنا الإدارية، يصفنا البعض بالمبالغة والتهويل وحب الإثارة! لماذا هناك ميزانيات ضخمة، وليس هناك أداء إداري ومالي منضبط؟! لماذا ليست هناك آليات لردع غير المنضبطين، ولماذا تتردى الحالة عاماً بعد عام، على الرغم من كل الوسائل التقنية المتاحة؟!
لكي تعرفوا السبب، فاعلموا أن ديوان المراقبة العامة كشف مؤخراً عن 13 معوقاً يحد من ممارسته لمهامه الرقابية، تتوزع بين معوقات فنية ومهنية ومالية وإدارية، إضافة إلى عدم تجاوب بعض الجهات المشمولة برقابته واستمرارها في حجب المعلومات، وعدم تمكين الديوان من ممارسة اختصاصاته بحرية واستقلالية تامة، وتقادم بعض الأنظمة المالية ولوائحها وقصورها عن مواكبة كثير من المستجدات في حقول الإدارة والتنظيم، مما يؤدي إلى كثرة المخالفات للأنظمة واللوائح وتجاوزها، ومن ثم اختلاف وجهات النظر حيال تفسير تلك النصوص. هذا كوم، أما الكوم الآخر، فهو ما يواجهه الديوان من ضعف إمكانياته المادية والبشرية، ناهيك عن أن نظامه لا يواكب التطورات الحالية في حقول الإدارة العامة والإدارة المالية بالمملكة والمستجدات في مهنة المحاسبة والمراجعة والرقابة، حيث مضى على صدوره أكثر من 41 عاما.
الكارثة التي اعترف بها ديوان المراقبة، وجود فجوة متنامية بين الرقابة السابقة التي تقوم بها وزارة المالية واللاحقة التي يتولاها ديوان المراقبة العامة نتيجة ضعف وسائل الرقابة الداخلية، وعدم تمكين الديوان من فحص مستندات الحساب الختامي، وعدم تمكينه كذلك من فحص حسابات البنوك التي تساهم فيها الدولة.