الشايب العايب يفاتح الحضور في المجلس بعزمه على تجديد شبابه، و يعني البحث عن عروسة جديدة غير تلك أو تلكن اللواتي في بيته ولا تتعدى واحدتهن نصف عمره. المسألة بالنسبة له كأنها زراعة كلية لمصاب بالفشل الكلوي. يريد أن يزرع لشيخوخته عروسة جديدة لكي يتجدد شبابه و تتنشط خلاياه محاولا الفرار من الموت، أي تجديد شباب يدور في عقله؟. هل ينوي امتصاص دماء العروسة الجديدة مثل دراكولا الذي يحتاج من آن لآخر إلى دماء شابة للبقاء على قيد الحياة ؟. العجوز الحيزبون أيضا تمازح أقاربها الشباب مقترحة عليهم التجديد، تقول لهم جددوا جددوا لا تموتون على اللي عندكم. هذا النوع من المزاح يعبر على الأرجح عن غريزة انتقام نسائية، لأن هذه الحيزبون سبق أن فاجأها زوجها بضرة جديدة، و لذلك تريد الانتقام من صنف النساء كلهن بالتحريض عليهن.
كهولنا ما بين الخمسين والسبعين يجوبون عواصم الشرق والغرب الأقصيين في بحث دؤوب عن التجديد، أحيانا بالعرفي أو المسفار أو المسيار وأحيانا بالشراء. أغلب الأحاديث في المجالس تدور حول هذه الأمور، أي البحث عن تجديد النشاطات الهرمونية.
الطريقة التي يتهندم بها سياحنا من الجنسين في الخارج و يتمظهرون، محاولين إخفاء عوامل التعرية التي أحدثتها السنون فيهم، تحمل مظاهر الفورات الهرمونية و محاولات التلصص والاحتيال على السنين. أحوالنا مع اضطراب الهرمونات و محاولات إطفائها تحمل مؤشرات كثيرة على تأخر سن النضج العقلي و الدخول في مراحل التأمل الفلسفي العميق في الحياة ومآلاتها.
هذا الانزياح الهرموني نحو تمدد و استطالة فترات المراهقة و تأخر مراحل الحكمة المرتبطة بتقدم العمر ليست حكرا على الكهول والشيوخ. لدينا أيضا مراهقون حقيقيون يتصرفون بطيش مراهق مادون سن العشرين، و هم قد شارفوا على الثلاثين أو تعدوها. فئات المفحطين على سبيل المثال أصبحت تشمل بعض المدرسين وصغار الضباط والموظفين والجنود. أراهن على أن أي دراسة احصائية دقيقة لأعمار ممارسي و مشجعي التفحيط عندنا سوف تكشف عن نسبة غير متوقعة لأعمار ما بين العشرين والثلاثين. في المجتمعات الأخرى الجدية تشكل هذه الفئات العمرية الهياكل الأساسية للتكوين الأسري والحرفي والبحثي والقيام بالمسؤوليات الاجتماعية.
يبدو أن الأعمال الصبيانية مثل التفحيط و المطاردات الغزلية الفاضحة ومشاجرات الشوارع قد توسعت من فترات المراهقة إلى المراحل المتوقعة للرجولة. يبدو أيضا أن مظاهر التصابي عند الجنسين قد انزاحت إلى المراحل المتوقعة لاكتمال النضج الفكري والتأمل في الحياة. الرغبات في الحصول على الأجساد الغضة وطالبات الابتدائية والمتوسطة وصلت إلى مراحل ما قبل مغادرة الحياة النهائية.
هذه الانزلاقات والقفزات فوق المراحل العمرية تستوجب التساؤل عن أسبابها وعن السن الحقيقي المتوقع عندنا للبلوغ و اكتمال الشخصية الاجتماعية المسئولة.