كيف يمكن لشخص أن يكون موجِّهاً منتقداً مهاجماً شاتماً موبخاً نابذاً مقصياً مؤلباً مفرقاً محرضاً على الكراهية والنفور.. وفي ذات الوقت يكون ناصحاً مرشداً هادياً حاضاً على التآلف والمحبة؟.. كيف تجتمع في ذات الفرد خصائص الرحمة والسلام وهو يدعو إلى الكراهية والعداء؟.. أين الخلل؟.. ومن أين أتى؟.. وما الذي تسبب فيه؟.. وكيف يمكن علاجه؟.
- الطائفي يفسر كل جوامع الدين حتى مفرداته.. وكل أحكامه حتى ممارساته.. وكل مقاصده حتى اللمم فيه تفسيراً واحداً في اتجاه الفصل والكراهية والحرب.. فيجعل المجتمع في حالة استنفار.. ويصبح الفرد متوتراً عالي الصوت غوغائياً.. يخل بالسلام العام.. ويثقب سفينة التعايش.
- الطائفيون يصرون على جعل المذهب أو القبيلة حزباً أيديولوجياً كالشيوعية أو النازية أو غيرها من الأيديولوجيات التي قضت على غيرها من الأفكار والتوجهات التي كانت سائدة في بعض البلاد وبين الناس.. وحولت المجتمع بكليته إلى خلايا معادية.. إما مُهادِنة أو مُقاوِمة أو نائمة أو متحفزة للانقضاض.
- خطيئة الطائفي أنه ينطلق من اتهام النيات والاستعداء على المخالف والجزم بالمصائر إلى درجة الكهانة.. والاصطفاف للولاء بالشكل والبراء بالشبهة والنصرة بالنية والتحذير بالوصية.. ولو اقتضى الأمر الانزلاق إلى الفجور بالكذب والتدليس فلا مانع ولا رادع.. ويرى أن من أراد الحق فعليه الانضمام إلى جحافله.. والانضواء تحت راياته.. وإلا فهو متهم بأنه يداهن أهل الضلال.. ويُمَيِّع القِيَم.. ويتنازل عن العقائد والأحكام.. ويعبث بالنصوص ويُلْبِس على الناس دينهم.. والخطيئة الأخرى أن الطائفي في دعوته إلى كراهية المختلف عنه يتكلم بلسان الدين وكأنه يَصْدُر عن توجيهاته وتعاليمه.
- أما جريمة الطائفية عبر التاريخ فهي أنها قامت على إقناع العامة بأنهم يملكون الحقيقة كاملة.. وأنهم مثال العدل والاعتدال والتسامح.. وأن الآخر عكس ذلك تماماً فهو ظالم معتدٍ عنصري محارب.. وبذلك سمحوا لأنفسهم بالاندفاع نحو معاملة الآخر بمثل ما يظنون به فيظلمونه ويعتدون عليه ويحاربونه حتى سفك دمه!.. ويرى كل منهم أن من كمال الدين ألا تأخذك بالمختلف رحمة!.
- الطائفية جناية على الوطنية.