أن يُغلق متجر لا يتضمن شروط السلامة، والأمانة، وجودة السلع، أمر يُقبل، لطبيعة نفاد السلع واستيراد الجديد، وفي ذلك إمكانية عدم مطابقتها للشروط، والمواصفات، مع إمكانية الإهمال في النظافة، والسلامة...
فيكون الإغلاق مؤقتاً حتى يستعيد التطبيق..
أما الإغلاق الكلي ففيه «قطع أرزاق»..
فليس كل صاحب متجر صغير، في حي ناءٍ، أو شارع متعسر, أو حتى فوق رصيف بارز هو من ذوي الثروات، ويكون المتجر زيادة له في الدخل..!!
هناك من يستدين، ويشارك، ويتحمل القروض التي بسطت كفها بها البنوك من أجل لقمة العيش..!!
مثل هؤلاء، ومن يشبه مشاريعهم تكون عقوبة عدم مطابقة المواصفات، وشروط السلامة, والأمن فيها متدرجة, متنوعة كما جرى، ومنها الإغلاق «المؤقت» بلا شك ومن ثم المراقبة والمتابعة.. إلا من تعسَّر..فتغلق.
هذا أمر معقول ومقبول..
فالمتابعة والمراقبة الدورية الحازمة من الأنظمة المدنية التي أسست واتبعت منذ بدء الدولة المدنية في صدر الإسلام، مواكبة للطبيعة البشرية التي يعتورها النقصان.
ولكن، أن تغلق مؤسسة تعليمية بعد الموافقة على افتتاحها، واندماج الدارسين فيها عمراً من أعمارهم, وبذلاً من قوت أوليائهم، وهدراً لفرصهم.. بحجة «عدم الجودة»، أو عدم «مطابقة المعايير»..؟ أو وجود «فساد إداري «، أو «هدر مالي».. فكل ذلك مردودة نتائجه على البدء.. والمتابعة، والتقويم الدوري, والمراقبة الأمينة..
هذا يتم من البدء.. وليس فيما بعد.. إذ بين الخطين بشر لهم طموحهم وحقوقهم..
أما حجة الفساد الإداري، فحدث عن الفساد الإداري في أي مكان ولا حرج..
وعند الصدق في الموقف معه.. والحيادية في إقراره، فسوف تكون الحاجة لإغلاق أوسع وأكثر, ولسوف يضيف في موجاته مؤسسات وأخر.. ويزيح أسماء وكثرا..
إن الكليات العلمية حين تؤسس، وتقوم مشاريع للعلم لا تشبه البقالة، ولا المتجر..
هناك فوارق، وفروق..
ومن الصعوبة أن يشطب عليها في غمضة عين، بينما السؤال أين هذه العين عليها منذ البدء..؟
أين المتابعة، والمراقبة، والتقويم..؟
قبل أن يذهب الدارسون ضحية أفراد، ومواقف قرارات، وخلل أسس, ونقص كفاءة..؟
مؤسسات التعليم العالي ليست حبة حلوى تؤكل، وترمى، وتقضم، وتهمل،...
بل جذر يغرس، وشجرة تنوف, وثمر يُحصد في عين الشمس، وكف الريح.
من أول حرف في اسم مؤسسته عند التفكير في إنشائها، وأول لبنة في بنائها، وأول جملة في مناهجها وخططها, ونظامها، وأعضائها، وإدارييها، ووسائلها, ومكتباتها, ومراكز بحوثها، بل ميزانيتها.
ومن ثم، ومن ثم... وكل الذي فوق أديم أوراقها، أو داخل إضباراتها، وما في العقول، والصدور المتحركة لأجلها،..
كيانٌ عندما يتخلق، إن لم يكن سليماً على أسس قويمة, فسوف يُسأل عنه من أجاز له أن يتكون..
على أن موجة لجان الجودة التي اكتسحت مؤسسات المجتمع، ينبغي أن يُمهد لها الجدول, والمجرى..
وتهيأ لها المصافي، والموازين.. ويختار لها الأميز الأمكن..
لتلافي ما وصلت إليه بعض مؤسسات التعليم العالي من تدنٍ..
ومع ذلك فالكليات العلمية ليست بقالات تغلق, وتفتح.
لا ينبغي أن يتفاقم الخلل في أي مؤسسة خاصة أو رسمية تعليمية حتى يتعالى زفيره فتخمد ويذهب الضحية الدارسون فيها.. حتى إن تم توجيههم لجامعات أخرى، في ذلك إرباك وتغير نظام، واستحداث بيئة حاجة للكثير من مطالب التكيف والتأقلم.. التي هي أسس لا يغفلها أحد.
هاجستني فكرة هذا المقال ونحن في الطور الأخير نقرأ، ونسمع صرخات الدارسين في الكليات العلمية التي أغلق بعضها، وتم توزيع دارسيها على الجامعات، وبالأمس ما قرأته عن إغلاق أخرى، وخيبة الدارسات التي بلغتني مرارتها.
ولأنني أؤمن بأن بدء مؤسسة تعليمية وتحديداً علمية في التدريس باستقطاب الدارسين لا ينبغي أن تتمكن من أداءاتها واقعاً إلا بعد تمحيص شديد لكل ما يؤهلها ومن ثم يمكنها من العمل..
إنها مسؤولية كبرى وعظمى.
فالكليات ليست بقالات.
ومن عند التأسيس يكون الخبر اليقين..
وتكون المسؤولية.
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855