لكل دولة فلسفة خاصة ليومها الوطني، بعض الدول تحتفل بالاستقلال من المستعمر، أو التحرير، أو انتصار ثورة, أو ضم أقاليم، أو توحيد الولايات, أو إعلان اتفاقيات واتحادات. نحن في بلادنا السعودية لنا أسباب إضافية للاحتفالات باليوم الوطني وهي:
أولاً: شكر الله على الأمن والأمان وحمايته لبلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: شكر الله العلي القدير على أنه ألهم المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الحكمة والحنكة بصفته قائد لمشروع توحيد معظم أقاليم الجزيرة العربية وحقق له ما سعى إليه.
ثالثاً: تذكر الأجداد والآباء الذين ساهموا مع الملك عبدالعزيز في تأسيس وتوحيد هذه البلاد.
رابعاً: شكر الله على الاستقرار الاقتصادي والرخاء المالي وعلى الموارد الاقتصادية من النفط ومشتقاته وعائداته.
خامساً: شكر الله على أنه هيأ لنا القيادة السياسية التي جنبتنا حروباً دارت على حدودنا: غزو الكويت، غزو العراق, حرب القاعدة الإرهابية على مدننا, حرب قواتنا للحوثيين في حدنا الجنوبي، عنف الربيع العربي واضطراباته في اليمن، والحرب الدائرة حتى الآن في سوريا، والحروب المستمرة على المخدرات بصفتنا البلد المستهدف. لهذه الأسباب الخمس: الأمن، حكمة المؤسس، تذكر الأجداد، الاستقرار الاقتصادي، شكر قيادتنا لحماية بلادنا. تدفعنا إلى التفكير بعمق في اليوم الوطني لأن ظرف ولادة بلادنا لم تكن عادية، فلم تأتِ عبر الانسلاخ من المستعمر, أو الانفكاك من هيمنة دولة قوية، ولادة بلادنا تمت في ظرف سياسي صعب, جاءت في زمن الحرب العالمية الأولى والثانية ونهاية آخر خلافة إسلامية الدولة العثمانية، وهيمنة الاستعمار الأوروبي على معظم الدول العربية بل جميع الدول العربية بلا استثناء، فكان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يصارع على جميع الجبهات الداخلية توحيد القبائل والأقاليم، والخارجية تشكل عالما جديدا أثناء الحروب العالمية وهيمنة المستعمر الأوروبي على التراب العربي: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وأطماع اليهود, إضافة إلى أمريكا التي تطل من الأطلسي على أراضي واقتصاد العرب، لذا أجد صعوبة في فهم تعبيرات الشباب العنيفة وهم أحفاد جيل التأسيس الذي كان يبني البلاد حجراً حجراً، ويبنيه بالطوب واللبن والإرادة القوية، أجد صعوبة في فهم مظاهر تحطيم بعض المحال التجارية وإغلاق الشوارع والصخب والمبالغة في التعبير عن المواطنة وحب الوطن بهذه الصورة من العنف.
تعطلت مراكز التسوق وأغلقت الأسواق التجارية وتعطلت المصالح الاقتصادية في المدن الكبرى خوفاً من القلاقل التي يظهرها الشباب أثناء تعبيرهم عن حبهم لوطنهم...
الأجداد والآباء أحبوا وطنهم وأخلصوا له وعبروا عن حبهم بالمحافظة عليه والدفاع عنه، وتذكروا لحظة التوحيد بفخر وحب وإعجاب ونحن امتداد لهؤلاء الأبطال الذين دفعوا أرواحهم ثمناً لسعادتنا ورخائنا, فدعونا نشكر الله حباً ووفاءً لإرادته القديرة ثم لأجدادنا وآبائنا الأبطال.