أعتقد أننا تغنينا بالماضي البهي طويلاً وهو يستحق منا ذلك. فدعونا امتداداً له نستشرف المستقبل القادم في زمن المتغيرات والتقلبات الحادة فما مضى مضى على أهميته ولن يتكرر مرتين تماماً كالنهر الذي لن يعود إلى منبعه الأول وأن أينعت ضفافه وأثمر مجراه أي أن النهر ليس كالتاريخ الذي تسمه المقولة العتيدة - والحكومة بالصدف أنه يعيد نفسه - أي التاريخ أي بمعنى آخر وقطعاً للتداعي والاستطراد.
إن زمن المؤسس العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه ليس هو زمن عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله فذاك زمن وهذا زمن آخر وما بين الزمنين تحولات عالمية وسياسية وثقافية وعلمية واجتماعية واقتصادية ودبلوماسية أيضاً.
فصديق الأمس قد يصبح عدواً وعدو الأمس قد يغدو صديقاً وذلك بفعل النظرية السياسية المطاطة التي تقول (ليس في السياسة عدو ثابت ولا صديق ثابت) ولكن هنالك مصالح مشتركة وبرغماتية تتضخم لدى الدول جعلتها تتخلى أحياناً عن الأعراف الدبلوماسية والمعاهدات التاريخية والأخلاق الحضارية بل وحتى المفاهيم الانسانية.
لذا فإننا اليوم بأمس الحاجة إلى بناء الانسان بناء محصناً ومسلحاً بالحس الوطني الأعلى الذي يحمي الوحدة الوطنية ويضاعف قوتها ومنعتها ويفتح عيونها على الآخر.
بمعنى أن علينا أن نستغل - وللأفضل - عهد عبد الله الإصلاحي والتواصلي مع الأمم والأديان وحوارها واحترام ثقافاتها أما في الداخل فقد أصبح لزاماً بل واجباً وطنياً ومستقبلياً أن نشد على يد خادم الحرمين الشريفين نحو المضي إلى الأمام واستخدام ما منحناه من انفتاح وشفافية ووضوح فيما يخص قضايا الوطن واحتياجات المواطن وأن نلاحق تفعيل أوامره السامية حتى تبلغ الإنجاز الأكمل.
بالطبع قلنا إن علينا أن نشد على أيدي المليك ونستغل عهده الميمون بالإنجازات والتوجيهات النبيلة ولعل ما يضاعف آمالنا بمنجزاته الخالدة هو أن أتى الزمان بولي عهد نبيل لديه تراكم هائل من الخبرات السياسية والاجتماعية والثقافية والإدارية وذلك لأن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز يعرف الشارع السعودي جيداً بل يعرف جغرافيته الاجتماعية والتاريخية ويفهم مشاكله الصغيرة قبل الكبيرة وله تماس قوي مع كل فئات وطبقات هذا المجتمع منذ أكثر من نصف قرن من الزمان وبشكل يومي.. وهو من أكثر المسؤولين الذين يعرفون احتياجاته وما ينقصه وما ينكد عليه وما يفرحه أيضاً. أي أن لدى الأمير سلمان بالإضافة إلى كل ما أسلفناه دراية (نفسية) و(فراسة) تعلمها من الاحتكاك اليومي مع شعبه النبيل.