|
استجابة لرغبة الرأي العام وتجسيداً للواقع الذي أصبحت عليه مناطق البلاد قلباً وقالباً وحد جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- جميع هذه المناطق بدولة واحدة وأعلن اسمها (المملكة العربية السعودية) في التاسع عشر من جمادى الأولى سنة 1351هـ معتمداً على الله وهدى كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، حيث انبلج نهار هذه الوحدة ليزيح الظلام ويكرس الأمن والاستقرار وليبدأ الإنسان والأرض على حد سواء العمل والوحدة. وأثبت هذا الكيان الشامخ رسوخه على مر الأيام والسنين وقدرته على تخطي الحواجز والتغلب على التحديات ومسبباتها معاً.
وتعنى هذه الذكرى لأبناء المملكة وقفة تأمل واعتزاز وشكر لله على ما أنعم به على الجميع في هذه البلاد المترامية الأطراف من نعمة الوحدة ولم الشمل بفضل من الله سبحانه وتعالى علينا جميعاً.
واليوم تحتفي المملكة بالذكرى 82 ليومها الوطني ليقف كل مواطن ومواطنة بها وقفة شكر لله على ما أنعم به من نعمة الإسلام أولاً ثم نعمة الأمن والصحة والأمان والاستقرار والرخاء بفضله جل وعلا ثم بفضل عزيمة الموحد الباني صقر الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي قاد المسيرة وبنى وشيد هذا الصرح الشامخ وبجانبه رجاله المخلصون من أبناء هذا الوطن الكريم.
إن اليوم الوطني مناسبة عظيمة لاستعادة آفاق تلك الملحمة البطولية العظيمة لتوحيد الأمة، وانعكاس ذلك على بنية المجتمع في انتقال من طور الشتات والفرقة والتناحر إلى طور الوحدة بالدولة المدنية الحديثة، ومن مرحلة التمزق الحضاري إلى البناء الاقتصادي والتنموي الكبير الذي نشهد الآن ثمراته ونتائجه. فالمليك الموحد لم يكن موحد دولة فحسب، ولكنه وحد أمة لها موقعها في التاريخ، أمة أراد لها الله أن تكون قبلة وحيه ومولد نبيه، لذا فإن ما قام به القائد الباني يعد معجزة التاريخ لأنه بنيان أمة خالدة، ويلاحظ المتتبع لنهجه وأسلوبه وأهدافه أنه كان يؤمن بهدفين في وقت واحد هما: إحلال الأمن للأماكن المقدسة بمكة والمدينة والتعايش السلمي ثم الاستقرار في المناطق التي وحدها وبث نور العلم والمعرفة بها لجزمه بأن بناء دولة أبناؤها بلا أمن وعلم لا يمكن أن تصنع تاريخاً أو تنتج رجالاً ولذلك كان من الطبيعي أن يجعل من تأسيس مواقع التوطين ودور العلم والمدارس والمعاهد هدف من أهم إنجازاته التاريخية أثناء توحيده هذا الكيان الكبير، إن استعادة أمجاد ذكرى هذا اليوم العظيم من تاريخ بلادنا، لم يكن إلا لتعداد بعض نعم الله على هذه الأرض، التي استعادت تاريخها وأمجادها ولاستلهام مواقع العز والبطولة، وتعريف الأجيال من أبناء الوطن بإنجازات القائد طيب الله ثراه، وتنبيههم بأننا ندخل إلى ساحة حديثة بها العديد من التنافسات التكنولوجية والمعلوماتية المتسارعة، ويجب علينا إعداد العدة لمواجهة هذا التحول العالمي والمبادرة لما يحقق طموحات الأمة لكي نستمر في تبوأ أعلى القمم باعتبار المملكة مهبط الوحي ومحط أنظار العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، لاحتضانها أطهر بقاع الأرض قاطبة (الحرمين الشريفين) بمكة المكرمة والمدينة المنورة.
ولقد سار أبناء الموحد الملك عبدالعزيز رحمه الله، الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله- على هذا النهج بالوطن والشعب إلى أن وصلنا إلى ما نحن فيه من مكانة بين الدول، حتى جاء عهد الخير والنماء والبناء عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية وسمو ولي عهده الأمين وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- واستمرت المسيرة لتحقيق المزيد من الخير والنماء والتوسعات بالحرمين الشريفين والمشروعات العامة وجميع ما يحقق الرخاء للمواطن في جميع المجالات.
ولكي نحافظ نحن أبناء المملكة العربية السعودية الراسخة الشامخة على ما تحقق بالماضي والحاضر من أجل المستقبل وأجياله الذين هم أمانة في أعناق الجميع علينا أن نكون أمة وسط، كما أراد الله لنا ذلك كما يجب علينا التمسك بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة وأن نبتعد عن كل ما يؤثر على وحدتنا أو عقيدتنا أو سلوكياتنا وأن نلتف جسداً واحداً حول قيادتنا الرشيدة التي منّ الله علينا بها وأوكل أمرنا إليها وقامت بواجبها خير قيام، وأن نقف ونستعيد التاريخ وما كان عليه آباؤنا وأجدادنا قبل توحيد المملكة وما نحن عليه الآن وما ننعم به وما هو مطلوب منا.. كما يجب علينا أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً وعيناً واحدة وأذناً واحدة ضد كل من تسول له نفسه المساس بنا أو بعقيدتنا أو بأمننا ووحدتنا وأن لا مساومة على هذه الأمور بعيداً أو قريب لأن الوحدة هي الأساس والأمن في الأوطان قبل الصحة في الأبدان.. اللهم احفظ قيادتنا واحمي عقيدتنا ووطننا، وكن عوناً للجميع إنك سميع مجيب.