|
كنت خارج المملكة، في إحدى الدول التي نالت نصيب الأسد من مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وكنت في لقاء مع بعض مبتعثي هذا البرنامج المتميز. وقد طلب أحد المبتعثين المساعدة في عمل بحث عن الوطنية في تلك البلد. فرددت عليه: لم أدرس مادة الوطنية ولا تحضرني إجابة
وهذه مهمتك، إلا أنني استدركت أهمية الموضوع وأبعاده لأنه ليس مادة علمية وإنما هو فكر عن الانتماء، وتابعت معه مارأيك نفكر سويا بهذا الموضوع: فوافقني وبدأنا: دعنا نفكر هل الوطنية قول أم فعل أم كلاهما ومتى يشعر بأهميتها، فخلاصة المحادثة معه: أن تكاتف وتكامل الجميع هو أساس الوطنية، فالمدرس مؤتمن على تعليم وتربية تلاميذه الطريقة الصحيحة وتأصيل حب الوطن فيهم، ورجل الأمن مسؤول عن الحفاظ على النظام والتعامل بلطف مع المواطنين فهذا كفيل باحترام رجل أمن الوطن وينعكس إيجابا على الولاء للوطن، والتاجر الصادق في تجارته لايغش ولا يستغل زبائنه كفيل بتأصيل المواطنة، والفلاح المجتهد في مزرعته يخدم وطنه ويدعم اقتصاده، والموظف الذي يحرص على إنجاز ما يوكل به بدقة وكفاءة هو يحقق أهداف الوطنية ويزيد حب المواطن لوطنه، والقاضي العادل في حكمه يرسخ حب الوطن، والعسكري المخلص في تدريبه وانضباطه بعمله وتنفيذ توجيهات قيادته هو يغرس مفاهيم المواطنة الصحيحة، والوالدين- بكل تأكيد- مهمتهما أكبر في زرع بذرة المواطنة الصالحة وهلما جرا....
إذن، الوطنية وغرس مفاهيمها هي أفعال صالحة في الدرجة الأولى تتكامل في غرس الشعور الوطني للمواطن التي هي انعكاس لما يقوم به كل شخص في عمله، وخلاصتها أنها سلسلة حلقات مترابطة تتحلق على الصدق في الولاء والجد في العطاء. أيضا يا أخي (الطالب) فيها القول: فعندما تجلس في جلسة وتجد من يلمز ويغمز في الوطن في امور تافهة فلا تتردد بالرد عليه بقوة بذكر ما يقدمه وطنك لمواطنيه من خدمات يندر أن تجد مثله في العالم أقلها تكفل الوطن ببعثتكم وصرف مكافأة مجزية لكم ولعائلتكم المرافقة لكم وتحمل العلاج وتذاكر السفر...الخ، ولا تنس التذكير بوطنك وبالأمن الذي ينعم فيه مواطنوها ومقيموها وقيامها بخدمة الحرمين الشريفين وإنفاقها السخي على خدمة ضيوف الرحمن...الخ.
فهذا جزء من مفهوم الوطنية الذي فكرنا فيه، لذا عليك اسقاط ما قلته لك على هذا البلد الذي أنت فيه الآن وقارن وستجد العجب بين ما يقدمه هذا البلد لمواطنيه وبلاد أخرى كثيرة وبما يحظى فيه المواطن والمقيم في بلدك المعطاء من خيرات وأمن. أخي بلدكم - الآن- ورشة عمل عملاقة تنشئ المدن الجامعية والطبية والصناعية وبنية تحتية تخدم اقتصاده في كل انحاه بتنمية متوازنة، هي لكم ولمستقبل أبنائكم وأحفادكم- إن شاء الله. أكرر لك مرة أخرى الوطنية ليست مادة علمية تدرس فقط وإنما هي شعور بانتماء وولاء، وتذكر أخي الكريم أن الدولة حرصت على الاستثمار فيكم، وأنتم - المواطن- أغلى ثروات الوطن، وهي منطلقة من مبدأ وسياسة حكيمة وراسخة منذ تأسيس وتوحيد هذا الكيان العظيم، على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز واستمر على هذا النهج أبناؤه الأوفياء من بعده،أن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أبنائها المخلصين.
تذكرت هذه القصة في ذكرى يوم الوطن يوم العطاء للوطن، فحري بنا الفرحة مع عوائلنا به وأن نحدثهم عن هذا المنجز العظيم الذي أسس على العقيدة الغراء، ونذكرهم بأن الحفاظ عليه هي مسئولية كل فرد من الشعب السعودي الوفي، ونبين لهم كيف كانت تعيش البلاد من انعدام في الأمن وتشتت وفقر وجهل في أرجائها، فقضى المؤسس مع رجاله الأوفياء على ما كان سائدا من قتل ونهب وسلب وجهل، وأسس كيانا بحجم قارة له احترامه بين الأمم يسمى « المملكة العربية السعودية» يعيش مواطنوه في رغد العيش.
في ذكرى هذا اليوم التاريخي يوم العزة والمجد أتقدم بالتهنئة لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- وولي عهده الامين سلمان الوفاء والأسرة المالكة الكريمة، والشعب السعودي الوفي، وأسأل الله أن يديم علينا خيره وأمنه في ظل قيادتنا الرشيدة ويجنبنا شرور الاعداء إنه السميع المجيب.
- عضو مجلس الشورى