أمس 23 سبتمبر هو اليوم الوطني في المملكة العربية السعودية
فكل يوم والوطن بأمن ورخاء و استقرار..وكل يوم ونحن جميعا بانتماء
معظم الدول لها يوم «وطني» تحتفي به مع اختلاف المسميات. والغالب أن الاحتفاءات تأتي رسمية و منظمة ومتكررة التفاصيل:
تعلن إجازة رسمية يفرح بها الموظفون, وتنظم فعاليات ونشاطات في المدارس, وربما احتفالات في الشوارع. وينشر الإعلام الرسمي مطولات تتغنى بالوطن ومشاعر الفرح بالانتماء إليه, بل و تنظم قصائد في مدحه ومدح من يقوم على قيادته..
وتحت مسمى «وطن» هناك مفهوم «الدولة».. وغالبا تلتبس مفاهيم الأفراد حسب مواقعهم بين « الدولة» و»الوطن».
كلاهما أكبر من مجرد مساحة أرض معرفة ومعترف بها بحدود رسمية مقننة على خارطة العالم. وكلما تغيرت الحدود أو القيادة استجد موعد جديد للاحتفاء الرسمي.
أما الاحتفاء الفردي فشيء آخر! وقد لا يحدث لدى الجميع! وإذا حدث لا يشمل الإنشاد والرقص بل يستثير التأمل الجاد في العلاقة بالأرض وخصوصيتها, سواء كانت مسقط الرأس أم حصلت مواطنتها بالهجرة الموثقة رسميا أم بالتسلل.
غالبا الأفراد في مواقع السلطة الرسمية, أو المتطلعون إليها, تهمهم الدولة. والمنتمون إلى الدولة رسميا خارج مواقع السلطة يفضلون أن يستخدموا مصطلح الوطن. والمتسللون همهم بأن لا يستوقفهم أحد للسؤال عن الأوراق الثبوتية ومسقط الرأس الأصلي.
وحين نركز على الدولة نحن نركز على الأمن وحماية الكيان الجامع ضد الانهيار أمام مهددات الاستقرار داخليا وخارجيا. ولذلك منطقي أن لا موقع فيها للمتسللين خارج إطار القانون الرسمي للبلاد. حيث المتسللون لا يلتزمون بقوانين البلاد وأول ارتكاباتهم هي التسلل.
وللمواطن والسلطة ارتكابات أيضا. وحين نتكلم عن الوطن نحن نتكلم عن الحقوق؛ حقوق الإنسان, وحقوق المواطنة. وقد لا تتطابق القائمتان في كل بلاد العالم. ولكن في كل بلاد العالم من يحملون جنسية البلاد وأوراقها الثبوتية يطالبون الدولة بحماية هذه الحقوق. والحقوق لا تأتي بلا مسؤوليات موازية.. ولكن هذا الارتباط الجذري الأساسي لا يراه البعض أو يعترف به أو يطبقه الجميع.
يحدث خلل ما حين تنفصم أولويات الدولة عن أولويات ساكن الأرض, أو حين يفتقد مفهوم الوطن شمولية النظرة واستيعاب الترابط بين الحقوق والمسؤوليات. والشمولية تعني أيضا أن المسؤوليات متبادلة ومشتركة. والتهاون والتجاوزات في المسؤولية ترتكب من جميع الأطراف. يتألم المواطن في المجتمعات التي تهمش التعددية إن أحس تحيزا يمارس ضده طبقيا أو عنصريا أو مناطقيا أو دينيا أو مذهبيا, فيطالب السلطة بالتدخل لحماية حقه أو حق فئته في المواطنة الكاملة.
والانتماء يذوي حين تختزل الحقوق أو تحرم منها فئة ما. وقد يؤكد مواطن ما غمط حقه مجتمعيا أو رسميا, ثم لا يرى أنه يمارس الفئوية والعنصرية ويكيل بمكيالين. أو لا يرى بأسا في التهاون بمسؤولياته أو كسر قوانين البلاد؛ كأن يمارس التستر أو الخيانة. المواطنة علاقة بين ساكن الأرض ووطنه, تتطلب انتماءً كاملا يضمن الحقوق ويحدد المسؤوليات الواجب الالتزام بها؛ وأهمها ألا يكون هناك ازدواجية أو تضارب في تطبيق حقوق المواطنة أو أولوية الانتماء. أن تخطط لأعمال إرهابية, أو يحملك تعصبك لتفاصيلك الفئوية أن تنفي حق الآخرين في مساواة التعامل والحقوق, يفقد الوطن دعامة الأمن ويحفز الدولة على وقفك عند حدك لإعادة الاستقرار. ما هو الوطن! يبقى المعيار الذي يحدد انتماءك سؤالا بسيطا؛ سل نفسك: لو أصبت بمصيبة وأنت مسافر, لأي سفارة تلجأ؟