أصدرت مجموعة سيتي المالية تقريراً ملخصه، أن المملكة تفرط في ثروتها النفطية، بسبب نظام إعانات وقود السيارات، وقطاعي الكهرباء، والتحلية، وبأنه حسب نسبة النمو الحالية فإن المملكة ستستهلك كامل إنتاجها، ولن تتمكن من التصدير بعد عام 2030م، وقبل ذلك صدر تقرير مماثل من مركز أبحاث بريطاني، وكلا التقريرين قوبلا برفض، وتشكيك سعودي، رسمي، ومن بعض الكتّاب، وهنا أود تقديم عدد من الحقائق المتعلقة بالموضوع، ثم أبدي رأيي حول القضية:
أولاً: يحسن بنا أن نعي أننا مهمون للاقتصاد العالمي، بسبب ثروتنا النفطية، التي تساوي ربع الاحتياطي العالمي، ومؤخراً وفي ظل إلغاء دول أوروبا، واليابان لبرامجها النووية، فسيزيد تركيزهم على البترول، والغاز، حتى يجدوا بدائل أخرى، ولذلك علينا أن نفهم أن مثل تلك التقارير هي بمثابة تحذيرات مبطنة لنا بأن نحافظ على ثروتنا، لغرض إمداد العالم، وإلا فإن العالم لن يقبل (بتبذيرنا) لتلك الثروة، ولو تمادينا، فربما تكون هناك خطوات ضدنا، تبدأ بإثارة قضية البيئة، والانبعاثات الحرارية، ثم قضية المنافسة الاقتصادية، بسبب أن طاقتنا معانة، وليس في ذلك مبالغة، فقضية الطاقة تكتسب أهمية متزايدة لكل العالم.
ثانياً: الردود السعودية على تلك التقارير هي باهتة، وغير مقنعة، لأنها فقط تشكك في المدة الزمية التي قالت التقارير إنها ستكون كفيلة لاستهلاك طاقة الإنتاج محلياً (2030م)، ولو قبلنا أن المدة ستطول ضعف ذلك، أي (2050م)، فهل ذلك مصدر ارتياح لنا؟ ولأولادنا، وأحفادنا الذين سيعيشون في ذلك الوقت؟ في ظل عدم وجود خطط للترشيد، أو إيجاد مصادر بديلة للدخل؟؟
هنا أود إضافة معلومة خاصة، وهي أن بعض المسؤولين الذين كتبوا ينفون صحة تلك التقارير، يعترفون في مجالسهم الخاصة بخطورة الوضع، ويقولون بأنهم سعيدون بتلك التقارير، لأن من كتبها عيونهم زرقاء!! مما قد يشكل صدمة، وقبولاً أكبر!!
ثالثاً: أنا قريب من شركة الكهرباء، بحكم عضويتي السابقة في مجلس إدارة كهرباء الوسطى، وأعرف اليوم أن أكثر من 50% من مشتركيها فاتورتهم الشهرية تقل عن 120 ريالاً، ثم تتزايد الفواتير تدريجياً حتى تصل إلى تلك الطبقة المبذرة، والتي تستخدم الطاقة للإبقاء على فلترات مسابحها عاملة، صيف شتاء، والمكيفات عاملة خلال فترة سفرها صيفاً، حفاظاً على قطع سجادها الإيرانية!! فلماذا لا تعفى الشريحة الغالبة من مستخدمي الكهرباء، وتحمّل الطبقة الثرية (المسرفة في هدر الطاقة) حصتها من الفاتورة؟ وللمعلومية هذه ليست نظرية اشتراكية، أو شيوعية، بل إن الرأسمالية هي أول من طبقها، وذلك بتحميل الأغنياء حصة أكبر من الضريبة، وذلك لخلق عدل، ومساواة اجتماعية (هل هذه مفاجأة لبعضكم؟!).
رابعاً: ما ينطبق على قطاع الكهرباء، ينطبق على قطاع المياه.
خامساً: الهدر في وقود المركبات مرتبط بعدم وجود نقل جماعي، وعدم وجود نظام لإلغاء السيارات القديمة، والأهم هو أن السعر يشجع على التبذير، ولأننا مجاورون لتسع دول، كلها (باستثناء قطر) تبيع محروقاتها بسعر أكبر من المملكة، لذلك نشطت تجارة التهريب، وستستمر حتى نستيقظ من حالة الاسترخاء التي نعيشها.
دعونا لا نكابر.
mandeel@siig.com.sa