ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 24/09/2012 Issue 14606 14606 الأثنين 08 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عوالم السياسة، ومعايير الاقتصاد، وحسابات المال، وتكهنات معارف الثقافة، ونظريات العلوم الإنسانية.. جميعها -بلا مواربة- روافد تصب في نهر الحياة الاجتماعي وحاضنها الأساسي على الدوام الإنسان بمختلف ميوله وتطلعاته.

ومع أن هذه العوالم تبدو من المسلمات والحقائق إلا أنها تتعرض للكثير من التجريب والامتحان، فباتت تختلط فيها الأصول بالفروع، والأجزاء بالكليات، والضروري بالثانوي، حتى أثر هذا التوسع والتشعب في سياقها الشكلي ومضمونها النوعي لدى الناس.. على نحو محاولات المنظرين زحزحة قناعاتنا بأن الاقتصاد -على سبيل المثال- نوع واحد، واضح المعالم، يرتبط إنسانياً بما سواه من معارف وقيم، ليرى هؤلاء آراء أخرى تؤمن بتشظيه وتحوله وتداخل معانيه وتشابك أهدافه حتى يصبح الاقتصاد بمعزل عن عوالم الحياة الإنسانية الأخرى.

فهذا التعدد والتداخل وكثرة التعريفات لهذه الأعمال المألوفة في حياتنا نراها وقد أثرت في سياقات العلاقة بين الإنسان وما حوله، على الرغم من أنه ينظر بالضرورة إلى هذه التفريعات والأقسام والأجزاء والتخصصات بوصفها إضافات نوعية للعمل الإداري الذي يحكم هذه المنظومات.

إلا أن ما يلحظ على قيم ومسميات هذا التطوير والتحديث هشاشة تكوينها، كما أنها لم تؤسس -فيما يبدو- على واقع أو منظور الحاجة، ولم تتقيد بما يسن من تشريعات ولوائح وأنظمة قد تحتاجها مثل هذه التخصصات المستحدثة، من أجل أن لا يطغى أمر على الآخر، فتتحول حياتنا -إثر ذلك- إلى مجرد أرقام أو نظريات عامة، أو تجريب لا فائدة منه.

أمر آخر يشغل المجتمع الآن ويقر بوجوده وتناميه هو انزياح الجوانب الإنسانية المفيدة والمعبرة عن ممارسات العمل الإداري والتنظيمي المتخصص، فقد بات يتهاوى أمام قبضة العمل المادي الصارم، والمشبع حديثاً بفكرة تنمية الكسب وهواجس الاستحواذ ورغبة التملك، وكأننا نتهيأ لأن نكون جميعا في حيز شركة كبيرة، أو منشأة نهمة تطبق علينا معاييرها استحواذها المادي الصرف.

كما أن هذا التعدد والتشظي في منظومات العمل سيكون سبباً من أسباب تضخم العمل الإداري على نحو انقسام الأعمال إلى شعب صغيرة وتخصصات مختلفة، يظل أكثرها مجرد مشاريع خيالية وخطط فرضية ونظريات متناحرة، بعضها يسخط على الآخر، مما يؤذن بغياب المكون العام، وقد يؤدي إلى انهيار القيم المعنوية، لتصبح معارفنا وعلومنا أثر ذلك في حالة تضاد لا يحسن فيه التواد.

النتائج العكسية المحتملة لهذا التباعد هو انكفاء هذه المعارف والخدمات على ذاتها حتى يصبح الاقتصاديون على سبيل المثال وكأنهم لا يرون في أعمال أهل السياسة إلا مزيدا من التهافت والتقاط فتات (فنون الممكن)، وقد يرى المثقفون أن أهل الاقتصاد حولوا حياتنا إلى مجرد أرقام وأصفار وحسابات أرباح وخسائر، لتتباعد جراء ذلك صيغ ومفاهيم التواد والألفة بين هذه القيم الضرورية في حياتنا.

فالتخصص أمر لا بأس فيه، والعمل الإداري مطلب مهم، لكن الإغراق في طلبه أو المبالغة في رسمه هوس غير مبرر.. فلو عدنا إلى الماضي لوجدنا أن الكثير من علماء الحساب والجبر والرياضيات والأطباء كتبوا وألفوا في الأنساب والفرائض والأدب، وترجموا في الفلسفة، ونقلوا لنا الكثير من جماليات حضارات وعلوم الإغريق والفرس والرومان، ومن الخلفاء وأهل السياسة والولاة آنذاك من عكف على دراسة علم الفلك والنجوم والأمثلة قوية وكثيرة في هذا السياق.

hrbda2000@hotmail.com
 

بين قولين
معارفنا.. تضاد أم تواد؟!
عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة