للأوطان حقٌ على كل من نشأ وتربى على أديم أرضها، وحب الوطن عاطفة مغروسة في سويداء الفؤاد تتصاغر بجانبها العواطف الأخرى، ولا يعرف أهمية الوطن ودوره في صياغة الشخصية المتفردة للمنتمين إليه إلا من فقدَ وطنه وهامَ على وجهه في أرض الله الواسعة، ونحمد الله أن جمع شمل أهل هذه البلاد على ملة واحدة ووحدة فريدة تشابكت خيوط نسيجها الاجتماعي وتوحدت إرادة أهلها بمصير واحد ومستقبل واعد.

ويبقى غرس مفهوم الوطنية الحقة في نفوس الناشئة من أهم المواضيع التي يجب أن يعكف عليها التربويون حتى ينشأ أبناء هذه البلاد المباركة على حب الوطن والاستعداد للذود عنه والتضحية من أجله، ونحن اليوم أشد حاجة من أي وقت مضى للالتفاف حول الوطن وإعلاء شأنه لأن بلادنا ولله الحمد قد حباها الله بمزايا جعلتها محسودة من الآخرين، فالأمن والأمان والاستقرار والرفاء الذي يعيش فيه أبناء هذا الوطن أصبح مصدر غيرة لكثير من الخصوم الذين لا همّ لهم سوى الكيد لأهل هذه البلاد الطاهرة ومحاولة زرع الفتنة فيه بإشاعة الاختلاف والخلاف بين أبنائه.

لقد كانت ملحمة توحيد هذه البلاد على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيّب الله ثراه - من الملاحم الباهرة في تاريخ بناء الأوطان.. واستطاع - رحمه الله - أن يجمع هذا الشعب الكريم في وحدة تعدت المظهر إلى الجوهر، فأصبحت المملكة العربية السعودية من البلدان التي يُشار لها بالبنان، ساهمت وتساهم في الاستقرار العالمي ودعم السلم الدولي، بل أصبحت بلادنا ولله الحمد بفضل الله ثم بفضل قيادتها الرشيدة من البلدان ذات الوزن الدولي والدور البارز في الاستقرار الاقتصادي لدول العالم.

إن أبناءنا يجب أن يعرفوا منجزات الوطن ويجب أن يحتفلوا بتاريخ الوطن ويجب أن لا ينسوا أولئك الذين ضحوا من أجل الوطن بأرواحهم ودمائهم سواء كان ذلك في فترة البناء والتوحيد أو في فترة الحفاظ على مكتسبات الوطن والذود عنه ضد المخربين من الفئات الضالة وتجار المخدرات، فالوطن أنشودة يجب أن تشدو بها الشفاه والوطن غالٍ يجب أن يعرف أبناؤه غلاه والوطن قيمة فريدة يجب الحفاظ عليها بكل انتباه.

إن احتفالنا باليوم الوطني يُجسّد معاني عميقة للارتباط العاطفي بوطننا وهو وإن كان مناسبة سنوية إلا أنها تتجدد مع إطلالة كل عام، ومع تعاقب الأجيال يظل الوطن هو الأمل وهو الركن المكين الذي يحفظ لنا ذاتنا وكياننا وتفردنا بين الشعوب.. كيف لا ونحن نعيش في عهد زاهر ومنجزات تنموية ونهضة في كافة المجالات تحت قيادة رشيدة، أيدها الله وأعزها، جعلت الوطن والمواطن نصب عينيها تعمل ليل نهار لإسعاد شعبها وتذليل سبل الحياة الكريمة له والحفاظ على مكتسباته.

إننا نحمد الله سبحانه وتعالى ونُهنئ أنفسنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أطال الله عمره وحفظه من كل مكروه - وبساعده الأيمن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الدفاع.. ونسأل الله أن يحفظهما ذخراً لهذه البلاد ولأهلها وأن يديم عليهما الصحة والعافية.

- عميد شؤون الطلاب بجامعة الملك سعود