يمر علينا اليوم الوطني بعد سنوات عاشتها بلادنا في مواجهة مع الأحداث الساخنة منذ غزو العراق للكويت عام90م وما ترتب عليه من تحرير الكويت عام 91م. ثم مرحلة جديدة من الصراع بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م, ثم حرب أفغانستان, وحرب غزو العراق عام 2003م والحرب شبه الأهلية في العراق، ودورة الإرهاب في مدننا بسبب القاعدة، يضاف إليها حربنا مع الحوثيين عام 2009م لحماية حدنا الجنوبي, والمؤامرات التي كانت على البحرين 2011م وأخيرا هزات الربيع العربي ومن أبرزها اليمن عام 2011م, وأشدها وأخطرها حالياً سورية حيث تدور داخلها حرب أهلية قريبة جدا من حدودنا.. خلال تلك الفترة من عام 90م دارت حروب قريبة من حدودنا غزو وتحرير الكويت وغزو العراق والحرب الحوثية وربيع اليمن ومؤامرة ضد البحرين وأخيرا ربيع سورية خلالها كانت قيادتنا الشجاعة تدفع بالحروب ومنزلقات الحرب عن بلادنا، وقد وفقها الله في الابتعاد عن شبح القتال أو التورط بها باستثناء حرب الحوثيين التي فرضت على بلادنا ودخلتها للدفاع عن حدنا الجنوبي، وكانت بحمد الله خاطفة وسريعة.
إذن قيادتنا الغالية خلال أكثر من (20) سنة دفعت بحمد الله عن بلادنا أنواعا من الشرور والمؤامرات لجرها للدخول في الحروب وجنبتنا القيادة تلك الكوارث والأعداء المترصدين بنا.
كانت فترة عصيبة أقساها وأعنفها هي أحداث 11 سبتمبر 2001م عندما شعرت أمريكا بأنها ضربت في كرامتها واعتقدت ان الإسلام تحول إلى خصم لها وان الدول الإسلامية جميعها في دائرة الشك والخطر، ولكن إرادة الله الحامي لبلادنا ثم السياسة التي اتبعتها المملكة في التعامل مع الحدث وامتصاص الضربة والغضبة والانفعال الذي أظهرته أمريكا والغرب حتى عادت الأوضاع إلى حالها.
نحن في مرحلة جديدة من بناء الدولة بعد أن انكشفت كل السياسات وبدأ العالم العربي يعيد توزانه من جديد .ومرت التقلبات الدولية والسياسية العصيبة دون ضرر وبقيت بلادنا صامدة وصابرة ولم تتوقف فيها دورة التطوير والتحديث, بل نفذ خلال فترة المواجهة مشروعات عملاقة أبرزها التطوير في السياسات التعليمية والصحية والصناعية وولدت خلالها فكرة المدن الاستثمارية والخدمية تشكلت في مدن الملك عبد الله الجامعية والطبية والصناعية والاقتصادية والمعرفية وبرامج الابتعاث الخارجي والداخلي ومراكز سوق المال والتحديث في أنظمة القضاء والإدارة ومنها إعادة هيكلة الوزارات واستحداث هيئات جديدة تمت هذه أثناء المخاطر الخارجية من حروب دولية وثورات عربية وتعديات على حدودنا فعين على الأمن والحدود وأخرى على التطور العمراني والإنمائي لبلادنا...
تحقق تقريبا منذ بداية الحروب الحدودية عام 90م وتحديدا في السنوات العشر الأخيرة نمو عمراني وإداري واقتصادي يتجاوز تقريبا ما عرفته المملكة خلال مسيرتها منذ التأسيس على يد الملك عبد العزيز - رحمه الله - إذا استثنينا فترة التنمية (الطفرة الاقتصادية الأولى) التي عاشتها المملكة 1395هـ حتى 1405هـ وهي عشر سنوات استثنائية في عمر التنمية والاستيطان.
وهذا لا يعتبر عيبا في التنمية الحضارية بل كان في معدلاته الطبيعية ولكن ما حدث في السنوات العشر الأخيرة كانت نوعية أخذت أنماط المدن الاستثمارية وفتح الاقتصاد والمعرفة وتعدد الاستثمارات.