صدر مطلع شهر سبتمبر الحالي عن مجموعة (سيتي جروب) تقرير خلاصته أن المملكة يمكن أن تتحول إلى مستورد للنفط بحلول عام 2030م، وأورد التقرير الكثير من الإحصائيات المختلفة بما في ذلك ذروة الطلب على الكهرباء وأنواع الطاقة البديلة الممكنة إضافة إلى نسب استهلاك النفط والغاز.
وقد يكون التقرير متشائماً أو متفائلاً، وقد يكون التقرير متخصصاً في مجال علمي معين ولكنه يمس أهم مورد لوطننا؛ إذ يمثل النفط 86% من الإيرادات، وقد يكون ما ورد فيه غير دقيق أو فيه بعض الأخطاء، كل ما سبق قد يكون صحيحاً أو غير صحيح، وقد علق على التقرير العديد من المختصين منهم من أيد ما ورد فيه ومنهم من عارض، غير أن وجهة نظري من خلال هذا المقال تنحصر في أن عامة الناس يتمنون أن يجدوا تصريحاً رسمياً من جهة مختصة رسمية توضح ما ورد في التقرير خصوصاً وهم يعلمون أن استهلاك السعودية للنفط يعادل 95% من استهلاك دول الشرق الأوسط مجتمعة و86% من استهلاك قارة إفريقيا و46% من استهلاك أمريكا الجنوبية، والسبب في هذا الحجم من الاستهلاك هو إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه وما يقدم لها من دعم حكومي، ويتوقع أن استهلاك النفط في تلك المجالات أن يتجاوز نسبته 55% من استهلاك النفط بعد عشر سنوات.
من التصاريح التي نشرت رداً على التقرير تصريح الجمعية السعودية لاقتصاديات الطاقة حيث قللت من قيمة التقرير، وأشارت إلى أنه تقرير مالي تناول الموضوع بطريقة مبسطة جداً وغير علمية ولم يأخذ بالجوانب الرئيسة على صعيد قطاع الطاقة في المملكة بعين الاعتبار، كما أشارت أن التقرير لم يكن متعمقاً في شؤون الطاقة أو مبيناً لآخر مستجدات هذا القطاع.
وعلى الرغم من نشر مثل هذا التصريح المطمئن لعامة الناس إلا أن المختصين كتبوا ناصحين بأن التقرير هام وهو بمثابة جرس إنذار ينادي بضرورة أن تقوم الجهات المختصة وبشكل عاجل لتوفير مصادر للطاقة البديلة سواء كانت ذرية أو شمسية لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه وبذل الجهود الكبيرة وحملات التوعية الهادفة للتقليل من استهلاك الطاقة، كما أكدوا ضرورة وجود تعديلات ترتبط بأسعار الوقود وتهيئة الرأي العام المحلي لها، إضافة إلى أهمية مراجعة معدلات استهلاك الطاقة للفرد في وطننا والتي تعد من أعلى المعدلات العالمية وتتفوق على معدلات الفرد في أوروبا وأمريكا وهو في زيادة مطردة تصل إلى ضعف متوسط معدل نمو الناتج المحلي.
وفي اعتقادي أن هذا الموضوع هام وخطير فعلاً وكان يجب على الجهات الرسمية المرتبطة بهذا الشأن أن تعلق على هذا التقرير وتبدي وجهة نظرها، فما يحتويه التقرير من نتائج يتطلب من هذه الجهات الرسمية إعداد خطة للمستقبل لمواجهة هذا الوضع، كما يتطلب من أفراد المجتمع أن يعيدوا النظر في مستويات الاستهلاك للطاقة وترشيد الاستخدام سواء في الكهرباء أو النقل أو استهلاك المياه.
ببساطة شديدة تخيلوا أن يصدر تقرير ليقول بأن الكهرباء والماء والوقود لن تتوفر بنفس القيمة والمستوى بعد عشرين عاماً، ألا ينبغي أن تتقدم الجهات المعنية بهذا الأمر لتنفي أو تؤكد مثل هذا الأمر، فالموضوع ليس ثانوياً بالنسبة لمجتمعنا بل هذه من ضرورات الحياة فكيف يمكن أن يعيش الإنسان في العصر الحالي دون ماء أو وقود أو كهرباء.
إن خطورة عدم وجود تعليق من الجهات الرسمية لا تقل عن خطورة ما ورد في التقرير من معلومات وإن تجاهل هذا الأمر وعدم الرد عليه سيساهم في ظهور المزيد من التقارير التي ستضع كثيراً من الناس في حيرة أو ستجعلها تعتقد أن التخطيط لدينا مفقود مما قد يساهم في وجود حالة من فوضى التقارير المتضمنة معلومات هامة قد تساهم في إثارة الرعب والخوف في نفوس العامة.