هذه الأيام نعيش ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية، الدولة الواحدة الموحَّدة، التي أسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ووقف أجدادنا بصدق وحب وإخلاص إلى جانب إمامهم، الذي فتح قلبه وعقله لكل فرد منهم؛ فتأسست وحدة فريدة، وذابت كل العصبيات والانتماءات الضيقة؛ ليكون الانتماء للوطن، ويتساوى الجميع في الحقوق الواجبات، تحت الراية الواحدة والحكم الراشد.
بالتأكيد اليوم الوطني لا يعني تمجيداً للماضي وأغاني وطنية وأهازيج وتعبيراً لفظياً فقط، هذه الذكرى تنبهنا لأمور مهمة قد تنسينا الأحداث والمستجدات معانيها. أهم الأمور التي يذكرنا بها اليوم الوطني أننا صنعنا حاضرنا بأيدينا، عندما اختار أجدادنا أن نكون أمة واحدة، وأن لا شيء يفرقنا، وأن المستحيل قهرناه والفتنة وأدناها منذ سنين.
وشعب المملكة العربية السعودية حقَّق إرادته ببناء دولة قوية، تقيم الشرع، وتُعلي كلمة الله، وبايع مليكه عبدالعزيز الذي ينتمي لهم وينتمون له؛ فهو ابن عائلة آل سعود من النسيج الثقافي والاجتماعي ذاته للشعب السعودي.
تأسيس المملكة بإرادة الشعب وقيادة العبقري عبدالعزيز بن عبدالرحمن جعلنا نؤمن بثوابت وطنية، تعززت مع مرور الزمن، وأصبح انتهاكها أو العبث بها خيانة كبرى، تمس كل من ينتمي لهذه الدولة، واليوم الوطني فرصة لمراجعة هذه الثوابت، التي لا عزة لنا من دون التمسك بها والحفاظ عليها.
في عالم اليوم البقاء للأقوى، والأقوى هنا يعني الدول التي يؤمن شعوبها بما يؤمن به حكامها، والأقوى هنا أيضاً من يؤمن بالثوابت الوطنية، ويجعل الخلاف والرأي والاعتراض تحت مظلة الوطن وليس فوق الشرعية والتاريخ والإرث الكبير الذي يحمي هيبة دولة بنيانها مرصوص، وطموحها مستمر.
بعد هذه السنوات الطويلة يجب أن يذكِّر كل مواطن نفسه ومن حوله بالحال قبل الدولة، وأن يستشعر الأمن والاستقرار والتنمية التي تحققت خلال هذه السنوات الخضراء.
وُضعت هذه الدولة أمام اختبارات صعبة في حقب تاريخية مختلفة، وأثبتت أنها قوية بشعبها وتماسك الأسرة المالكة، وأن الربيع السعودي هو ربيع إرادة الشعب الذي رفض ويرفض الفتنة، ولا يقبل بأصوات تطلقها حناجر عفنة، تسعى لإثارة النعرات وتفكيك الترابط التاريخي وتعكير صفو الأمن الاجتماعي.
يتحدث بعضنا عن السلبيات بحماسة، وخصوصاً في شبكات التواصل الاجتماعي، والمجال مفتوح للحديث، حتى لو كان بعض هؤلاء المتحمسون يضخم بقصد أو عن جهل هذه السلبيات، لكن في يوم الوطن علينا أن نتحدث أيضاً عن الإيجابيات التي يحاول البعض التقليل منها ومن قيمتها بتأثير أولئك الذين يعملون ليل نهار لإشاعة حالة من الإحباط وتثبيط العزائم وثنيها عن ممارسة المواطنة بفرح وفخر وسرور.
يوم الوطن.. يوم الشعب.. يوم الإرادة.. يوم الاستقرار.. يوم عبدالعزيز ورجاله أجدادنا.. يوم النور الذي بدد ظلام الجهل والفقر والرعب، وأسس لدولة شامخة، صنع أبناؤها تنميتهم، ولا منة لأحد علينا في الشرق أو في الغرب، وهذا ليس تمجيداً إنشائياً، بل حقيقة تاريخية، وعلينا أن نفخر بها.
كل عام وسعوديتنا بخير..
Towa55@hotmail.com@altowayan